ملاحظات شرعية على برنامج "الكاميرا الخفية"

محمد الامين ولد آقه

لا حظت ان برنامج الكاميرا الخفية يعتمد في إثارته للناس على ثلاث عناصر في الجملة :
١- اثارة الخوف .
٢- اثارة الغضب .
٣- اثارة الاستغراب .
لاحظت أيضا ان الدول التي تراعى فيها حقوق الفرد بنظم القانون غالبا ما يعتمد من يعدون فيها برنامج الكاميرا الخفية على عنصر اثارة الغرابة وحده ؛ ويستبعدون عنصر اثارة الخوف ؛ وعنصر اثارة الغضب  .
لان اثارة الخوف واثارة الغضب كلاهما ينشط معها هرمون الأدرينالين  وفيهما  نوع من  الاذى المعنوي والاعتداء على الشخص ؛ قد يمنحه حق مقاضاة المعتدي .
واما الدول التي لا تراعى فيها الحقوق فإن المعدين لبرنامج الكاميرا الخفية يذهبون في الاعتماد على اثارة الخوف واثارة الغضب مذهبا بعيدا ..!
وقد تحصل احيانا بسبب ذلك حوادث وردات فعل غير محمودة؛ وقد يصل الأمر الى استخدام السلاح ! فتتحول الفكاهة الى مشاكل  ومحن ؛ ويتحول الضحك الى بكاء!! 
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم ولو بقصد المزاح :
روى عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما. رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: 
(لا يأخذ أحدكم عصا أخيه لاعبا أو جادا، فمن أخذ عصا أخيه فليردها إليه). رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود .

وفي نيل الأوطار للشوكاني: قوله: (لا يحل لمسلم أن يروع مسلما) فيه دليل على أنه لا يجوز ترويع المسلم، ولو بما صورته صورة المزح. انتهى.
وفي فيض القدير للمناوي: (لا يحل لمسلم أن يروع) بالتشديد، أي يفزع (مسلما) وإن كان هازلا كإشارته بسيف، أو حديدة، أو أفعى، أو أخذ متاعه فيفزع لفقده؛ لما فيه من إدخال الأذى والضرر عليه، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. انتهى.
وقد عدَّه بعض أهل العلم في الكبائر، كابن حجر الهيتمي في كتابه: الزواجر عن اقتراف الكبائر. 
وقال الإمام النوويّ رحمه الله:
(في الحديث تأكيدٌ على حُرْمة المسلم، والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرُّض له بما قد يؤذيه، وقوله صلى الله عليه وسلم: (وإن كان أخاه لأبيه وأمه) مبالغةٌ في إيضاح عموم النهي في كلِّ أحدٍ، سواء مَن يُتَّهَم فيه ومن لا يتهم، وسواء كان هذا هزلًا ولعبًا أم لا؛ لأن ترويع المسلم حرام بكل حال، ولأنه قد يسبقه السلاح). 
ويبين  ابن حجر الهيتمي بعض صور هذا التحريم فيقول  :
" من ائتمنه المالك ، كوديع ، يمتنع عليه أخذ ما تحت يده من غير علمه ؛ لأن فيه إرعابا له بظن ضياعها ، ومنه يؤخذ حرمة كل ما فيه إرعاب للغير ، ودليله أن زيد بن ثابت نام في حفر الخندق ، فأخذ بعض أصحابه سلاحه ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم من يومئذ ، ذكره في " الإصابة ". .ثم رأيت الزركشي قال في " تكميله " نقلا عن " القواعد ": إن ما يفعله الناس من أخذ المتاع على سبيل المزاح حرام " انتهى." تحفة المحتاج " (10/287)
ومن حكمة هذا النهي أن هذا الترويع والاثارة له أثر خطير على بعض مرضى القلب والضغط والسكري..
فقد تسوء حالتهم الصحية اذا تعرضوا لما يسبب التوتر.
فيحدث اضطراب بنبضات القلب وارتفاع ضغط الدم..
وقد يسبب  ذلك اختلال بوظائف القلب وقصور فى الشريان التاجى ويزداد نشاط العصب الباراسمبثاوى الذي يتحكم فى  ضربات القلب، وتضييق الأوعية الدموية .
وقد ينتهى الأمر إلى الإصابة بجلطة فى القلب.
****
ومن الملاحظ أيضا ان برنامج الكاميرا الخفية اصبح لصيقا بشهر رمضان الكريم !
وبعضهم يلقب هذا البرنامج بلقب "البسمة الرمضانية" ..
ولا أدري ما علاقة هذا البرنامج بشهر رمضان !
وما الذي جعل المعدين له  يختارون هذا الشهر الكريم من بين سائر الاشهر ؟
ان هذا الشهر الكريم شهر عبادة واتصال بالخالق سبحانه وتعالى ؛ وليس من المناسب ان يكون شهر فكاهة وألعاب .
الظرف المناسب لبرنامج الكاميرا الخفية هو الاعياد ويوم الجمعة ؛ لان العيد يشرع فيه اللعب والترفيه عن النفس .
فنرجو من القائمين على إعداد هذا البرنامج التقيد بالضوابط الشرعية .

سبت, 01/05/2021 - 10:59