نتنياهو وبايدن ومعركة كسر العظم!

بسام روبين

يبدو أن نتنياهو لديه خبرات تراكمية في قيادة الدبابات أثرت بل اضعفت إلمامه  بفنون السياسة ،لذلك نراه يسقط في مختلف انواع الحفر الدبلوماسية وأحيانا كثيرة يسحب المتحالفين معه لتلك الحفر ،وهو بذلك يفقد ما تبقى لديه من رصيد سياسي متجاهلا أن اسرائيل دولة بدون عمق استراتيجي ،ويعتمد استمرارها على استخدامها للعمق السياسي والعسكري والاقتصادي الامريكي ،ولو أن امريكا منعت اسرائيل من استخدام عمقها لكان حالها اشبه بسمكة تغادر الماء.
وها هو أيضا يسجل فشلا جديدا في عدم قدرته على اقناع بايدن بالعدول عن الرجوع الوشيك للاتفاق النووي ورفع الحصار عن ايران لأنه يرى في ذلك احتمالية انتزاع السيادة الإسرائيلية على الموقف العسكري للاقليم بعدما تأكد له صعوبة ادخال ايران للتغريد داخل السرب الاسرائيلي بخلطته الجديدة.
وبالرغم من ان المعطيات تؤكد على ان  اسرائيل لا تشكل اية قيمة عسكرية أو اقتصادية مقارنة مع المخزون العسكري والاقتصادي الامريكي فهي التي صنعت اسرائيل وقدمت القدس وبعض العواصم  هدية مجانية لها ،وتكفلت ايضا  بتطويرها ورعايتها وحمايتها بالفيتو الأمريكي متجاوزة كل القيم الإنسانية والاعراف والقانون الدولي ،وحتى حقوق الانسان التي التزم بايدن بها امام العالم وناخبيه ،الا أنه ما زال يواجه صعوبات  كلما حاول الاقتراب من ملاذات حقوق الانسان فنجده لا يستطيع تحقيق انجازات تذكر بهذا الخصوص ،ومع كل ذلك يرى نتنياهو بنظرته الضيقه أن عودة امريكا للاتفاق النووي قد تعيق الخطط التوسعية الاسرائيلية ،لذلك نراه يفعل الخطه ب وينقل المعركة بينه وبين بايدن للساحة الأمريكية في قلب مبنى الكونجرس محاولاً توظيف بعض اللوبيات الجمهورية والديمقراطية التي يسيطر عليها المتطرفون اليهود لإجبار بايدن على التراجع أمام نتنياهو في معركة هي الاولى من هذا النوع.
ولكن نتنياهو كعادته يدخل المعركة بدون  تقدير موقف دقيق فالسيد بايدن وبالرغم من هدوءه الا أنه يمتلك الكثير من الخيارات التي تمكنه من تلقين نتنياهو وأي زعيم اسرائيلي يحاول الخروج عن ارادة البيت الابيض درسا في السياسة الأمريكية الصلبة ،فالرئيس الامريكي يمتلك من المعلومات والاحاطات الاستخبارية التي تخفى على اسرائيل ما دفعته للسير بهذا الاتجاه الاستراتيجي الصحيح حفاظا على سمعة امريكا العسكرية أولا ليتفرغ للعمل بكامل طاقاته ضد التحالف الصيني الروسي الصامت الذي يتقدم بهدوء نحو القمة.
ولا اعتقد أن ما يقوم به نتنياهو سيكون له أي تاثير على مفاوضات فيينا ،فهو يطلق النار على قدميه ،وربما ينجح مؤقتا في اعاقة التقدم الامريكي نحو الهدف التفاوضي ،وهذا يحتاج الى مرونه أكثر في الموقف الايراني الصلب لمساعدة السيد بايدن في مهمته ،ولكن الوصول سيكون حتميا في النهاية ،وكما يخطط له بايدن وسيخسر نتنياهو في هذه المعركة مخزونه من الاوراق الاستراتيجية ،وسيتلقى الضربة القاضية على يد بايدن ،فلا يوجد في السياسة صداقة دائمة ولا عداوة مطلقة ،وانما نرى العلاقات الدوليه تسير احيانا بعكس ما تشتهي السفن وهذا الفشل السياسي في المعسكر الاسرائيلي قد يقود دول التطبيع والتحالف مع اسرائيل لاعادة النظر في سياساتها التي وضعت بيضها  في حضن  اسرائيل ظننا من البعض انه سيكون حضنا دافئا في شتاء قارص ،بينما ينظر لهم الكيان المحتل في الغرف المغلقة بنظره بعيده عن الاحترام بعدما ضحى بعضهم بالقضية الفلسطينية وبالنضال العربي الذي سيبقى قائما لحين استعادة الاراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس.

نقلا عن رأي اليوم 

سبت, 08/05/2021 - 10:12