في المشهد الوطني الآن

الولي طه

أولا: مراقبة العمل الحكومي، والسعي الجاد لتحسين الأداء، الذي ركز عليه فخامة الرئيس أكثر من مرة، وتجلى في الزيارات الميدانية لمعالي الوزير الأول التي تميزت كلها بالصدق والمكاشفة والاستماع للمسؤولين القطاعيين حول جميع الإشكالات المطروحة والعوائق المحتملة التي يمكن أن تعترض تنفيذ أي تعهد من تعهدات فخامة الرئيس التي التزم بها للشعب الموريتاني.

هذا المشهد في صميمه، وما تم في سياقه من تفاعل إعلامي وضَّحَ:

1 - أن فخامة الرئيس يراقب الأداء عن كثب، رصدا وتقويما ودفعا للأمام.

2 - الرئيس الذي يتذكر تفاصيل تعهداته الانتخابية بعد انتخابه، ويضعها أمامه، ويراقب مستوى تنفيذها في كل القطاعات المعنية، ليس معهودا لدينا، ولذلك قليل منا من وضع الأمر في سياقه.

3 - حين يعبر الرئيس أو الوزير الأول عن ملاحظةِ تأخُّرٍ في وتيرة الأداء، فإن ذلك دليل واضح على الجد والمتابعة المدروسة، والغيرة على العمل الحكومي، وليس أبدا دليلا على فشل في الأداء، وإنما دليل على قوة رصد هذا الأداء والسعي الدائب لدفعه إلى الأمام.

4 - إن الفشل الحقيقي لكل مشروعات التنمية في بلادنا ظل يكمن في انعدام آليات ومعايير التقويم والمتابعة، وهذا الحراك التنفيذي دليل على أننا أصبحنا نتابع ونقوم أداءنا، دون تغاضٍ ولا ارتباك.

5 - المأمورية الرئاسية تتكون من 60  شهرا، وقد مر منها لحد الساعة 20 شهرا (أي نسبة 33% )فقط،  وما تزال منها 40 شهرا (أي 67% ) وهو ما يعني من جهةٍ كفايةَ الوقت للاستدراك، والتبْكيرَ بالتقييم والملاحظة والسعي الجاد لئلّا تضيع لحظة واحدة يمكن استغلالها من جهة أخرى.

6 - لا يمكن لأي منصف إغفالُ الوضعية الاستثنائية - بكل المعايير - التي خضعت لها البلادُ والعالم أجمع طيلة السنة الفارطة جراء جائحة كوفيد19 التي أربَكَت كلَّ خطط التنمية عبر العالم، وحولت الأولويات إلى أولويات لضمان البقاء لا أكثر، وانتقلت الأهدات من كسب الأرباح إلى تقليل الخسائر، وبلادنا كسائر البقاع خضعت لهذه الإكراهات، وواجهتها بخطط وتدابير سريعة، شهد الشركاء بنجاعتها وفعاليتها، حتى مرت موجتاها السابقتان، ومازال تأثير كورونا حتى الساعة يُقطِّع أوصال العالم، ويضرب اقتصاده في الصميم.

 

ثانيا: في الإنجاز

خلال العشرين شهرا المنقضية من هذه المأمورية، لا يمكن أن يُعميَنا النقصُ الملاحظ في الأداء الإعلامي للجهاز التنفيذي للدولة عن ملاحظة إنجازات بارزة، تكمن رؤيتُها بموضوعية أكثر حين نقارنها بالوضعية السابقة عليها:

1 - في المناخ السياسي العام: ظلت الساحة السياسية ملتهبةً إلى أبعد الحدود، يسودها التنافر والخصام وتبادل أقصى عبارات السب والشتم والتخوين، وعدم اعتراف أي طرف بالآخر، وانتشار المسيرات والمسيرات المضادة بين أطرافٍ كلها يعتبر نفسَه من عالم الملائكة وخصمَه من عالم الشياطين، وهي مسرحية تراجيدية أفسدت على البلاد الكثير من الوقت الثمين كان يمكن صرفُه في التفكير فيما ينفع الناس ويمكث في الأرض.

وعند مجيء الرئيس الحالي، كان وفيا لتعهده بتهدئة المناخ السياسي، من خلال التشاور الدائم واحتضان الجميع، وتقديرهم معارضة وموالاة على حد السواء، وكانت المصلحةُ الوطنية هي كلمةَ السواء الجامعةَ التي نادى الرئيسُ الجميعَ أنْ تعالوا إليها من غير إقصاء، فهدأ المناخ السياسي، وتلاقت الأفكارُ الوطنية كلها وانصبت في بوتقة يسودها الاحترام والإعجاب، وانبنت بين الفرقاء وشائج من الثقة كان الوطن في أمَسِّ الحاجة إليها.

2 - في الأداء الاجتماعي: رغم ما تحصل سابقا، لم تكن الطبقاتُ الهشة ذاتَ الارتكاز الأهم في المسار التنموي الوطني، ولم تكن هنالك قاعدة بيانات ذاتُ مصداقية تسمح بتحديد نوعيات الاحتياج الاجتماعي بشكل دقيق - من حيث الوصفُ والتعدادُ، والنوعُ - وغياب ذلك يجعل أي تدخل عملا ارتجاليا لايرتجى منه حل، لأنه غير منضبط ولا مستند لقاعدة انضباط.

وعند مجيء الرئيس الحالي، أعلن عن وكالة تآزر ذات الاهداف الاجتماعية النبيلة، بملغ غير مسبوق وصل إلى 200 مليار أوقية.

 وتم إيجاد قاعدة بيانات مرقمنه ومدعمة بالإحداثيات عن المواطنين الأكثر هشاشة، وعن كل أصحاب الاحتياجات الخاصة، من معاقين، ومتعددي الإعاقات، وتم التدخل لصالحهم بمساعدات عينية وغذائية، وصحية من أهمها:

* - تحويلات مالية بشكل فصلي ل 210 ألف أسرة بشكل مستمر.

 * - استفادة 100 ألف أسرة (حوالي 600 ألف نسمة) محتاجة من التأمين الصحي، مع استمرار المساعدة وخلق مشاريع مدرة للدخل، بإشراف “تآزر”.

* - تأمين الضمان الصحي لذوي الاحتياجات الخاصة أيا كانوا.

* - صرف تحويلات نقدية شهرية بمبلغ 20.000 أوقية قديمة للأطفال متعددي الإعاقات.

* - زيادة التكفل بحصص التصفية لفائدة مرضي الفشل الكلوي المعوزين بنسبة خمسين في المائة، واستفادتهم من تحويلات نقدية شهرية بمبلغ 15.000 أوقية قديمة.

- كما توجه الإنجاز إلى طبفة أصحاب الدخول المحدودة، وخصوصا طبقة المتقاعدين وأراملهم فتمت:

* - زيادة المعاش الأساس بنسبة مائة في المائة لجميع المتقاعدين.

* - مضاعفة معاش أرامل المتقاعدين واستفادتهن من التأمين الصحي.

* - مع صرف معاشات التقاعد شهريا.

* - التدخل لدى آدوابه والمناطق الهشة بتفعيل الكفالة المدرسية.

* - تمويل آلاف المشروعات الصغيرة المدرة للدخل.

* - توفير 20000 فرصة عمل خلال السنة المنصرمة.

3 - في الممارسة الديمقراطية والحقوقية:

   * -  تم تجسيد فصل السلطات، وتمكين السلطة التشريعية من القيام بدورها الرقابي والتحقيقي كاملا، وفي ذلك رسائل واضحة من النظام القائم أنه لا حماية ولا تسَتُّرَ على أي ممارسة تمت للفساد بصلة، وتلك من الرسائل الضرورية في البدايات، حتى يفهم المسؤولون أنهم سيواجهون القانون إن أفسدوا.

* – مارس النظام مستوى لم تعهده الساحة السياسية من الأداء السياسي النظيف، حيث رفض رفضا باتا التدخل في انتخابات الروابط والنقابات، خصوصا ذات الوزن والمكانة، بل أصدر الحزب الحاكم بيانا يعلن فيه الوقوف على الحياد التام في انتخابات نقابة المحامين، وبعدها انتخابات غرفة الصناعة التقليدية، وهو أسلوب جديد لدى الأحزاب الحاكمة في البلاد التي كانت تتعمد أن تدس الأنف في كل مفاصل الحياة.

* – تم اعتماد مبدإ التصريح بدل الترخيص، فيما يتعلق بالجمعيات والأحزاب، وهو ما يضيف نفسا جديدا في مجال الحريات، يشكل مكسبا كان بعيد المنال.

* - كل القضايا المُثارة حقوقيا تمّت متابعتُها من قبل الدولة واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والتحقيق فيها بشكل شفاف، مع إشراك كل المنظمات الوطنية والدولية ذات الاهتمام، وتم إنجاز ما يترتب قانونا بكل شفافية.

4 - في البعد الحضاري والديني:

* - تم اكتتاب 800 مابين إمام ومؤذن أصبحوا يستفيدون من رواتب شهرية، ويتمتعون بالضمان الصحي.

* - تم إطلاق جائزة رئيس الجمهورية لحفظ وفهم المتون المحظرية، وهي جائزة وتظاهرة كبرى تشكل وفاء للبصمة الموريتانية الأصيلة في مجال المعرفة، وهي بصمة أبانت من خلال مخرجاتها تاريخيا، ودَوْلِيًّا عن فرادةٍ وتميز، كما أن إكبار أهل العلم وخلق جو تنافسي معرفي من شأنه إنزال العلماء منازلهم، وإبعاد أصحاب العواطف غير المفقّهة، عن دائرة التأثير الديني، فما جنى علينا شيء مثل جنايتهم التي أزاغوا بها الناس، وسمموا أفكار الناشئة.

* - تم خلال السنة الماضية ترميم عشرات المساجد، على حساب الدولة - لأول مرة في تاريخها - بموجب مناقصة أمام اللجنة الوطنية للصفقات، وسيستمر ذلك خلال هذه السنة.

* - تم إطلاق حملة لتفريش المساجد استفاد منها نحو 130 مسجدا، وهي مستمرة مع ميزانية هذه السنة.

* - تم إنشاء هيئة العلماء الموريتانيين لتكون إطارا جامعا لكل وجوه المشهد العلمي في البلاد من غير إقصاء، وتم منحها الوسائل اللائقة من سيارات محترمة وتأجير مقر لائق كماهو حال مثيلاتها في العالم الإسلامي، مع ضمان رواتب شهرية لأعضائها، وكانت مظهرا آخر من مظاهر التلاقي والتعارف والوداد في هذا العهد.

5 - في البعد الأمني والدفاعي:

* - كان لرئاسة البلاد لمجموعة دول الساحل الخمس G5 أثر مهم في رسم الاستراتيجية الدفاعية للمنطقة بما فيها بلادنا.

* - إنطلاق مشروع تغطية العاصمة بالكاميرات، وهو مشروع أمني عملاق، يتوقع أن يكون له أثر بالغ في مكافحة الجريمة ورصدها.

6 - في مجال التعليم:

 - تم قطع مسافة طويلة في التشخيص العلمي المدروس لمشكلات قطاع التعليم المعقدة حتى يكون الإصلاح التربوي بعيدا عن الارتجال الذي هدَّ المنظومة التربوية واحالها إلى الوضع الحالي.

 - تمت كتابة برامج جديدة من خلال لجان وطنية مكلفة بذلك وبالتعاون مع مكاتب دراسات دولية مختصة في المجال

 - تم القيام بإحصاء شامل للمصادر البشرية بالتعاون مع مكاتب دراسات مختصة، سيمكن استغلالُ نتائجه من حل مشكلة كبيرة لدى القطاع.

 - تم البدء في تحسين ظروف الطاقم التربوي من خلال التحسينات التي أعلنها السيد الرئيس في خطاب الاستقلال الماضي والتي تمثلت في:

  -  تعميم علاوة الطبشور لتشمل كل مديري المدارس الأساسية والمؤسسات الثانوية، وصرفها على مدى اثني عشر شهرا بدلا من تسعة أشهر فقط.

 - مضاعفة علاوة البعد،

 - زيادة علاوة التأطير بالنسبة لمفتشي التعليم الأساسي والثانوي والفني، بمبلغ 10 آلاف أوقية قديمة.

 - تمت زيادة وتيرة الاكتتاب في هذا القطاع بشكل كبير، في مختلف التخصات والأطر الوظيفية.

7 - في مجال الصحة:

* - التعزيز الكبير للقدرات الصحية الوطنية لوجستيا وبشريا، ورفع التحدي الكبير والخطير الذي واجهه القطاع إبان إطلالة كوفيد 19

* - زيادة رواتب عمال الصحة بنسبة ثلاثين في المائة، وتعميم علاوة الخطر عليهم.

* - زيادة وتيرة الاكتتاب في القطاع.

* - قطع خطوات مهمة في مجال محاربة انتشار الأدوية المزورة، وإن كانت تحديات توفير بعض الأدوية قد برزت بإلحاح، مما يتطلب مراجعة الخطة.

* - تم اعتماد تسعيرة موحدة للأدوية وإلزام الصيادلة بكتابتها على علب الدواء.

* - تم تحمل تكالف الرفع الاستعجالي في سيارات الإسعاف بشكل كامل.

 

8 - في المجال المالي والإداري:

- تم اعتماد نظام جديد لتسيير النفقات (رشاد2 ) أكثر ضبطا من سابقه.

 - تم تعيين مسددين ماليين لكل القطاعات، عن طريقهم سيتم اختصار الكثير من المسافات البيروقراطية السابقة في مجال الصرف العمومي.

- هؤلاء المسددون يضمنون التأكد المسبق من مبررات الصرف، وهم من يملأ شيكات الخزينة، ويوصلها للبنك المركزي.

 - تم إجراء سلسلة من الدورات التكوينية، للوزراء، والأمناء العامين، والمديرين الإداريين والماليين، والمستشارين الإعلاميين وكُتاب الوزراء، من قبل متخصصين لتوضيح الرؤية ومقتضيات المسؤولية لتحسين الأداء.

هذه نماذج من الإنجاز في بعض القطاعات الحكومية، وقد بقي الكثير مما لدى هذه القطاعات، وقطاعات أخرى كثيرة لست على اطلاع بميادين إنجازها، لعدم الاحتكاك بها.

وأعرف شخصيا بعضَ القطاعات الحكومية التي تجاوزت في وفائها بالتعهدات المتعلقة بها من برنامج رئيس الجمهورية نسبَةَ 70% رغم التحديات، وقصر المدة.

وأجزم أن ثمة نقصا إعلاميا كبيرا في تقديم وشرح هذه الإنجازات للمواطن الذي هو المستفيد من هذه الخدمات والأحق بالاطلاع عليها وعلى أبعادها.

فلأول مرة تنتقل عشرات الفرق في فترة واحدة بشكل دوري إلى كل أطراف البلاد لتوزع النقود وبطاقات التأمين الصحي على مئات آلاف المواطنين.

هذا المشهد بحد ذاته يشكل مادة إعلامية ثرية ومشبعة بالإنسانية والتأثير.

فلو أن إحدى وسائل الإعلام رافقت بعض المستفيدين في يومياتهم إلى المستشفى حيث يُجرون الفحوص لهم ولأبنائهم ببطاقة التأمين الصحي، وحيث يذهبون لشراء حاجياتهم، ويُعدون وجباتهم، لقدمت لمشاهديها مادة إعلامية مؤثرة ومثيرة للفرحة والسرور والاعتزاز بالدولة والأداء الوطني، ولاكْتشَفَ أهلُ الفيسبوك أنهم مثلَ "حَرَّاكْ آكُومْ" إذْ إن ما يستقلُّونه هنا يُعتبَر غنيمةً كبرى لدى الكثير من أبناء وطنهم ويعني لهم الكثير.

وأخيرا فالنظام - كأي نظام طبيعي - يسير بانسجام تام بجهازه التنفيذي، وأذرعه السياسية والإعلامية، دون أي انفصام أو ارتباك، فالمسيرة مستمرة، والملاحظة والتقييم والتقويم عمليات تواكب المسيرة، بتصميم لا يلين، ولا تؤثر عليه التأويلات والقراءات الميالة للإثارة والاستفزاز.

اثنين, 10/05/2021 - 23:15