أثارت صلاحيات الرئيس القادم التي اقترحها أعضاء اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي الليبي جدلا وخلافات في البلاد، بين تيّار يرى أن ما منح للرئيس من اختصاصات كثير سيفتح الباب أمام عودة الديكتاتورية وحكم الفرد الواحد، وآخر ينتقد تقليص صلاحياته ويحذّر من إضعاف سلطة مؤسسة الرئاسة لصالح البرلمان.
وحدّدت اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي الليبي، 13 اختصاصا يتولاها رئيس الدولة بعد انتخابه تختلف كليّا عن الصلاحيات التي كانت ممنوحة للزعيم الراحل معمر القذافي الذي جمع خلال فترة حكمه كل السلطات، وهي: تمثيل الدولة في علاقاتها الخارجية واختيار رئيس الوزراء وتكليفه بتشكيل حكومته بالتشاور مع مجلس النواب، والقيام بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي.
مهام الرئيس
ومن بين مهام رئيس الدولة القادم، تعيين وإقالة رئيس جهاز المخابرات العامة بعد موافقة البرلمان وتعيين السفراء وممثلي ليبيا بالخارج بناء على اقتراح وزير الخارجية وتعيين كبار الموظفين وإعفاؤهم بناء على ترشيح من مجلس الوزراء، واعتماد ممثلي الدول والهيئات الأجنبية لدى ليبيا.
كما يتولى الرئيس كذلك إصدار القوانين التي يقرها البرلمان وعقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية على أن تتم المصادقة عليها من البرلمان، إضافة إلى إعلان حالة الطوارئ والحرب بشرط عرضها على البرلمان لإقرارها بالأغلبية خلال 10 أيام، كما يحق له ترأّس اجتماعات مجلس الوزراء، في حال حضوره، إضافة إلى إعفاء رئيس الوزراء من مهامه بعد التشاور مع البرلمان، وكذلك إعفاء الوزراء بعد التشاور مع رئيس الحكومة.
وهذه الصلاحيات المقترحة، أحدثت تباينا في الآراء وانقساما في المواقف، بين من اعتبر أنه تمّ تجريد الرئيس من اختصاصاته وتقييد تحركاته بالبرلمان وهو ما سيفتح الباب مجددا أمام الصراعات والانقسامات وتغوّل مؤسسة البرلمان على القرار، على غرار المحلل السياسي سليمان البيوضي، الذي استشهد بتجربة تونس التي اعتمدت نظاما تشاركيا في الحكم بين رئيس منزوع الصلاحيات يتولى مهام محدودة ورئيس الحكومة والبرلمان بصلاحيات واسعة، وهو ما أدى إلى دخول البلاد في نفق مسدود تسبب في تعطيل الدولة و أدى إلى انهيار اقتصادها.
فخ متعدد الأوجه
وأضاف البيوضي أن القاعدة المقترحة من اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي الليبي "فخ متعدّد الأوجه ومن الضروري تعديلها بما يتواءم مع المسار الديمقراطي والدستوري، حتّى تتأسس المرحلة المقبلة على مبدأ الفصل بين السلطات وإعطاء كل منتخب حقه في ممارسة السلطة واتخاذ وتنفيذ القرار.
بدوره، اعتبر الناشط الليبي عبد المؤمن عاطي، أن انتخاب رئيس بصلاحيات محدودة هو إعادة الصراع بوجوه جديدة، مشيرا إلى أنّ الأنسب لليبيين هو انتخاب رئيس من الشعب بصلاحيات كاملة وأهمها تعيين رئيس الحكومة واعتماد حكومته بالتشاور مع البرلمان وتصل حتى إلى إيقاف البرلمان في حال المماطلة في القيام بواجباته التشريعية.
لكن في المقابل، ينظر آخرون إلى الصلاحيات المقترحة للرئيس القادم بعين الريبة ويطالبون بتقليصها، لأنها تمنح الرئيس السلطة الكبرى في تسيير شؤون الدولة والهيمنة على القرارات، الأمر الذي سيشرّع لعودة الدكتاتورية.
ما منح أكثر مما ينبغي
وفي هذا السياق، قال عضو مجلس الدولة وملتقى الحوار السياسي عبد القادر إحويلي، في تصريحات للصحافة المحليّة، إن الجلسة القادمة لأعضاء ملتقى الحوار السياسي التي ستعقد في تونس الأسبوع المقبل، ستناقش كل بنود مقترح القاعدة الدستورية، ومنها صلاحيات الرئيس، مشيرا إلى أن البعض يرى أن "ما مُنح للرئيس كان أكثر مما ينبغي، ولذلك لا بد من تقليص هذه الصلاحيات، وذلك في ظل رؤيتهم بأن السلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة".
وحول موقفه من كيفية انتخاب الرئيس، قال إحويلي، إن "الجميع عاين كيف استبدت قيادات السلطتين التشريعية والتنفيذية السابقة بمؤسساتها، وانفردت بالقرار رغم أنها لم تنتخب من قبل الشعب" مضيفا أنّه "لا أحد يمكنه التكهن بما قد يفعله رئيس سينتخب ويدعم من الشعب، هناك تخوف حقيقي من أن يتغول، خاصة في ظل عدم وجود دستور، وربما قد يقدم في لحظة ما على حل البرلمان".
والتباين والتصادم في الآراء حول صلاحيات الرئيس القادم، تضاف إلى الخلافات الموجودة حول طريقة انتخابه سواء من البرلمان أو عبر الاقتراع المباشر من الشعب، والتي من المتوقع أن يتم الحسم فيها خلال جلسة أعضاء ملتقى الحوار السياسي بتونس.
العربية نت