كتب القاضي المبرز الخليل بومن:

الحسين بن محنض

((أغلب المعروضين على العدالة بسبب ارتكاب جرائم خطيرة أو محاولة ارتكابها هم من مواليد ٢٠٠٠ او منتصف التسعينيات وأقل من نصفهم بقليل أحداث وأغلب هذه الحالات من فاقدي السند العائلي بسبب فقدان الأب أو الأم  بسب الوفاة وأحيانا الطلاق او عدم شرعية الولادة أصلا  جميعهم تقريبا خارج حالات ارتكاب الجريمة بالصدفة او بدافع غير إجرامي أو جرائم الشرف كلهم من أصحاب السوابق المستفيدين من حرية بناء على مصالحة مع الطرف المدني وسحب الشكوى منهم او انتهاء المحكومية ومنهم مرتكبي جرائم حدود وقصاص تم الاكتفاء بتعزيرهم او استفادتهم  ايضا من الحرية المؤقتة اغلبهم ايضا جاء من بيئة تعاني من الفقر المدقع  ومن سكان الأخياء الفقيرة اغلبهم من متعاطي  الجرعات المضاعفة  من الحبوب المهلوسة   التي أصبحت متوفرة في السوق السوداء بشكل رهيب ومصدر أغلبها تجار من دولة مالي ومتعاطي هذه الحبوب سلاح ان أفظع الجرائم كانت تحت تخدير هذه المواد تحديدا  فضلا عن متعاطي الحشيش والمشروبات الروحية المصنوعة محليا كسمسم وغالبية الأحداث الجانحين يتعاطون قنينات عطر الآداروش المتوفرة في  الأسواق المحلية  بثمن زهيد والمسكرة هذا بالإضافة إلى خليط آخر يلجأ إليه الأطفال ويستعملونه عن طريق حاسة الشم وهو قديم ويعرف" بكينز" كما يوجد بحوزة أغلب الماثلين من هؤلاء أسلحة بيضاء من نوع ١٠٨ تم استخدامها بالجريمة او تمت محاولة ذلك ا وضبطوا قبل استخدامها ويعترفون بأنهم يريدونها للاستخدام الاجرامي.
كما أن أغلب هؤلاء من المتسربين بشكل مبكر من الدراسة  ورغم الجهود الكبير المبذولة من طرف السلطات الأمنية   المعنيية بمتابعة المجرمين والقبض على مرتكبي الجرائم الا انهم في مرحلة العدالة توجد صعوبات كبيرة عند محاولة إدانة هؤلاء أبرزها يتعلق بمدى توفر  ادلة الجريمة أمام القضاء غالبا تغيب المحجوزات المهمة بالنسبة لربط الفعل بالمتهم في حالة محاولة الإنكار كما أن غياب مختبر جنائي متكامل  في بلادنا ترفع فيه مختلف البصمات بشكل دقيق وفي كل الظروف وغياب فحص البصمة الوراثية ونظام وتطبيقات تحليل الصورة والصوت وعدم وجود متخصصين في التشريح الجنائي ومحاليل للتأكد من طبيعة المواد المخدرة وتصنيفها حسب الترتيب الجنائي لها كل هذه الأمور وبرامج متخصصة لمتابعة الجريمة السبرانية كل هذا  يقف حجر عثرة أمام القضاء في مختلف محطات المسار القضائي الذي يسلك المتهم كما أن غياب تطبيق العقوبات الشرعية في مجال الحدود والقصاص والتي تعتبر أنجع في مواجهة هذه الجرائم البشعة كان له دوره الفاعل في عدم قدرة الأحكام القضائية ذات العلاقة بردع المجرمين في المستقبل عن ارتكاب جرائم جديدة الأمر الذي فاقم بشكل مزعج هذه الظواهر الإجرامية الخطيرة  وعليه بات من اللازم على السلطات المعنية مراجعة السياسة الجنائية بهذا الخصوص مع عدم التركيز على العقوبة وحدها دون انتهاج سياسة اجتماعية واقتصادية فاعلة يشرف عليها علماء في علم  وعلماء اجتماع وقانونيين وفقهاء ودعاة  لدراسة هذه الظاهرة عبر انشاء مراكز متخصصة تستجيب من خلال طاقمها ووسائلها  وخبرائها لحجم هذه الظاهرة الخطيرة  والتحدي الكبير  وتحاول بموازاة المسار القضائي حماية المجتمع من تزايدها واخضاع هذه الفئة الفاسدة أخلاقيا  الى إعادة تأهيل نفسية واجتماعية واقتصادية ولا شك انه اذاتضافرت جهود قطاعات الصحة والشؤون الإسلامية والداخلية والطفولة والشؤون الاجتماعية  والعدل والدفاع حول وضع هذه الاستراتيجية سيكون ذلك انفع واجدر بالحد من هذه الظاهرة البشعة .
ولنا عودة إلى هذا الموضوع بمقترحات عملية بحول الله. وفق الله القائمين على الشأن العام الوطني)).

سبت, 05/06/2021 - 15:25