اترارزة وصناعة "البرومو"

أمم ولد عبد الله

يبدو أن الكثير من رواد هذا الفضاء الأزرق لا يفرقون بين السياسة والتسويق للحدث بطرق فنية؛ تحاكي نهج مؤسسات إعلامية عريقة كال..BBC وCNN وبعض القنوات العربية الرائدة.

فعجز الطبقات السياسية في هذا الوطن عن خلق خطاب مقنع للرأي العام  وفشل وسائل الإعلام الرسمية في التسويق لإنجازات الأنظمة؛ وظهور  معارضة -افتراضية- لاتحسن سوى التخوين . كلها عوامل اجتمعت لتجعل من صناعة "البرومو" ضرورة لكل الأنظمة التي حكمت موريتانيا إلى يوم الناس هذا.

صناعة promotions هو فن مستقل في الإعلام الحديث يحتاج لبراعة وقدرة خارقة على التناغم بين الصورة والكلمة وبشكل يشد انتباه المشاهد والمستمع بغض النظر عن مستواه الثقافي وفئته العمرية.

هذا هو الدور الذي قامت  به نخبة اترارزة ومازالت.. فاختيار المفردات والأناشيد وملاءمتها لسياسات السلطة الحاكمة يحتاج عبقرية خارقة. وليس من باب الصدفة  أن  تكون تلك الكلمات من إنتاج  فطاحلة الأدب والفكر في البلد.

فما يسميه المهرجون نفاقًا هو في الحقيقة نموذج للإبداع في صناعة les promos بطريقة فنية.

وليس تناغم الرأي العام مع تلك المقاطع سوى تجسيد؛ لذلك الإبداع الذي غالباً ما يخرق جدار الصمت ليخلق رؤية قائمة على أسس من الأمل الذي يُعيد إنتاج الخطاب السياسي في شكل لبق.

فحين مل الشعب تسيير معاوية وأساليبه في إدارة الدولة ..أبدعت مخيلة اترارزة.. "الخير جان بمجيكم واعليكم ذا الشعب اتكان" . 

إن هذا الصنف من الإبداع يعكس في الحقيقة نظرة متفائلة؛ مقابل تصور متشائم يعتمد التخوين والتحريض ويعزف باستمرار على سفونية من اليأس دون أن تكون لديه رؤية واضخة للسير بالبلد إلى بر الأمان.

والحقيقة أن هذا الإبداع لم يختصر على انرارزة فحسب؛ بل ساهمت في إنتاجه  قامات أدبية وفنية سامقة في مختلف ولايات الوطن؛ حيث كان لها دور مهم في كسر روتين اليأس الذي سوق له البعض.

ربما لايدرك كثيرون من هذا الشعب من فيهم مدعو الثقافة أن السياسة هي صناعة الأمل قبل أن تكون تسويقا لمشاريع تنموية. وأن تلك الصناعة تعتمد على اختيار المفردات بدقة ؛ وهذه الأخيرة حرفة لايتقنها إلا أصحاب الذكاء الخارق. فهزيمة العرب في حرب حزيران سنة 1967 ؛  كانت ستكون لها نتائجها النفسية الخطيرة على المواطن العادي؛ لولا أن حسنين هكيل هدأ من روع المفردات وغيرها لتصبح نكسة بدل هزيمة.

فكل الشعارات التي تداولها رواد هذا الفضاء للدلالة عل نفاق ساكنة اترارزة للأنظمة ؛ كانت في الواقع؛ مقاطع "لبرومو" في غاية الروعة؛ لأنها مثلت دعاية   للأمل في زمن اليأس وبصورة فنية.

اليوم تقوم ولاية اترارزة بدورها التاريخي في صناعة الأمل والتصدي لمحور يعتمد ثلاث مقاربات سبيلا لتخريب موريتانيا وبطرق مكشوفة:

المقاربة الأولى  تحاول تخوين كل مسوقي الأمل وإظهارهم على أنهم مجرد منافقين لامراء في نفاقهم. أما الثانية فتسعى لنشر اليأس والتسويق للفوضى ولانعدام الأمن . مع عجز مقاربتهم الثالثة عن تحريك الشارع ؛ وليست محاولة تحريض الأطراف؛كماحدث في كوبني أمس؛ سوى تعبير مركز عن الفشل في إقناع سكان المركز بالأجندة ذاتها التي خربت سوريا واليمن وليبيا.

زيارة فخامة رئيس الجمهورية السيد: محمد ولد الشيخ الغزواني  لولاية اترارزة ستضخ أملا جديدا في شرايين شعب منهك بخطاب الكراهية والتحريض على العنف الشرائحي؛ وسنلمس كالعادة من خلال "البرومو" في ولايتنا الحبيبة؛ كبف أن  الأمل هو العنوان الأنسب لهذه المرحلة من تاريخ موريتانيا المتصالحة مع كل مكونات طيفها السياسي.فالزيارة وإن كانت في الأصل تهدف لإطلاق الحملة الزراعية في الولاية؛ فإنها ستبعث برسائل قوية لكل المشككين في قدرات النظام الحالي من خلال الاستمرارية في صناعة العلاقة العضوية بين الثقة والأمل؛ وتلك رؤية ستكون واضحة في جميع البروموهات على طول الطريق التي سيمر بها موكب الرئيس .فالإبداع في أبسط تعربفه؛ هو قدرة خارقة على  الاستمرار في إنتاج الأمل بصورة  راقية؛ تعطي للحياة معانٍ جميلة في كل لحظاتها الحرجة؛ وبأساليب بعيدة كل البعد عن التكلف.

هكذا إذن تتم صناعة الأمل بواسطة بروموهات اترارزة . متمثلين قول الشاعر :" علي نحت القوافي من معادنها..وماعلي إذا لم يستطع البعض التمييز بين الإبداع والتملق.

اثنين, 05/07/2021 - 18:01