حول الجاليات وازدواجية الجنسية

محمد الأمين سيدي مولود

أحال مجلس الوزراء  إلى البرلمان مشروعَ قانون يعدل بعض أحكام القانون رقم 61 - 112 الصادر بتاريخ 12 يونيو 1961 المتضمن مدونة الجنسية الموريتانية المعدل بالقانون رقم 023/2010 الصادر بتاريخ 11 فبراير 2010. وسيتم التصويت عليه خلال أيام قليلة.

 لقد كان هذا القانون ينص على فقد الجنسية حين الحصول على جنسية دولة أخرى، إذا لم يحصل الشخص على ترخيص بموجب مرسوم، وهو قانون مختل حيث يجرد المواطنين من جنسياتهم الأصلية في وقت تمنحهم الدول الأخرى جنسياتها استفادة منهم أو تزكية لهم. هذا مع تبويبه للاستثناء بموجب مرسوم خاص مما يعني حظوة للمتنفذين، وهو ما حصل فعلا حيث كان كثير من "علية" القوم يتمتع بجنسيتين بما في ذلك أعضاء في الحكومات المتعاقبة بينما يعلق كثير من المواطنين وأبنائهم على الحدود وفي المطارات في انتظار الحصول على تآشر للدخول إلى وطنهم، وهذا عين الظلم والقهر !

مشروع القانون الجديد يتضمن ثلاث تعديلات في ثلاث مواد، أولها يتعلق بفقد الموريتاني للجنسية حين حصوله على جنسية أخرى ويسمح له بمرسوم، فقد أصبح الفقد بالسماح بمرسوم بناء على رغبة المواطن ولم يعد فقدا تلقائيا كما كان. أو المواطن الذي يضر بمصالح أو سمعة البلد، وهذه الفقرة مائعة جدا نرجو أن تعدلها اللجنة المختصة أو الجلسة العلنية، لأن سمعة البلد مصطلح فضفاض يمكن استغلاله لسحب الجنسية من أي كان، والأفضل ترك ذلك للقضاء. 
وفي المادة الأولى دائما من المشروع الجديد يحتفظ الموريتاني بجنسيته مع حصوله على جنسية أجنبية.

 غير أن هذا الاحتفاظ يتعارض مع وظائف: رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة ومن يماثلهم، والبرلمانيين، وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية. 
وفي هذا التعارض ظلم بيّن للجاليات وللوطن حيث يمنعهم عضوية البرلمان رغم الكفاءات والتجارب والوعي والانتاجية التي يتمتع بها أغلب أفراد جالياتنا في الخارج. ولئن كان من الوارد تفهم استثناء منصب الرئيس وأعضاء الحكومة وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية، فما الذي يمنع من عضوية البرلمان؟ ألم يشاهدوا كيف أصبح مهاجرون أعضاء في برلمانات دول متقدمة؟ فكيف نمنع نخبة أبنائنا من حق الترشح لتمثيل الشعب وتمثيل الجاليات خصوصا؟ ألم يحن الوقت للسماح للجاليات بالمشاركة السياسية من خلال توفير فرص الترشح لهم لتمثيل أنفسهم في البرلمان بل وتمثيل الدوائر الداخلية؟ وحق التصويت بتوفير مكاتب لهم أو بالتصويت الالكتروني عن بعد؟ إن حرمان ربع مليون تقريبا _ حسب بعض الاحصائيات شبه الرسمية _ من حق التصويت ظلم كبير. كما أن تمثيل الجاليات بنواب منتخبين من طرف النواب بطريقة غير دستورية خطأ وخلل وظلم هو الآخر.

يلغي المشروع الجديد في مادته الثالثة أحكام المادة 32 من القانون القديم المتعلق بالموريتانية المتزوجة من أجنبي، وتلغي المادة الثالثة منه كافة الأحكام السابقة المخالفة له.

وختاما يعتبر هذا المشروع إيجابيا رغم تأخره، لكن يجب تعديله بما يضمن للجاليات حقوقها حتى لا تصبح مواطنين من الدرجة الثانية حين اكتساب جنسية أجنبية. وهذا ما ننتظر من اللجنة المعنية ومن عموم النواب وسوف نسعى إليه بكل السبل.

وفق الله الجميع

خميس, 15/07/2021 - 16:49