تونس تترقب خارطة طريق قد تفضي لانتخابات مبكرة بقانون جديد

قوات تونسية في شارع لحبيب بورقيبة

بعد نحو 10 أيام من تجميد البرلمان وإعفاء الحكومة، يترقب الفاعلون في المشهد السياسي التونسي الخطوات القادمة للرئيس قيس سعيد بعد تفعيله للفصل 80 من الدستور التونسي وما نتج عنه من قرارات أدت لتولي رئيس الجمهورية إدارة شؤون البلاد عبر المراسيم الرئاسية.

وانخرطت المنظمات الوطنية والمنظمات الفاعلة في المجتمع المدني في تقديم مقترحات ترسم استحقاقات المرحلة السياسية القادمة.

 

وقال اتحاد الشغل، أكبر المنظمات في تونس، الأربعاء في بيان له، إنه أعد خارطة طريق توضح استحقاقات المرحلة القادمة في تونس وإنه سيعرضها على من سيكلفه قيس سعيد بتسيير العمل الحكومي.

 

ويقترح اتحاد الشغل أن تكون الحكومة المرتقبة مصغرة من 20 حقيبة وزارية وبأولويات اقتصادية ومالية.

 

وأفاد المتحدث الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري، في تصريحات صحفية بأن المبادرة ستركز على المسائل الاقتصادية والصحية، مع النظر في إمكانية تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة من عدمه.

 

وبدورها طالبت كل من الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الرئيس سعيّد بخارطة طريق واضحة المعالم وشاملة تخرج البلاد من الوضع الاقتصادي والوبائي الصعب.

 

يأتي هذا بينما يعتبر التونسيون أن استحقاقات المرحلة القادمة هي إنقاذ تونس من وباء كورونا وتحسين المنظومة الصحية ثم المرور للإصلاحات اللازمة ومحاربة الفساد لتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وهو طرح يتفق معه اليوم أغلب الفاعلين في المشهد السياسي، غير أن بعضهم يبدي قلقا بشأن الترتيبات السياسية للمرحلة القادمة وكيف سيختار سعيد إدارتها قانونيا للوصول بالبلاد إلى بر الأمان عبر انتخابات مبكرة بقوانين جديدة تنهي عصر الفساد المالي والسياسي.

 

ويقول الصحفي والمحلل محمد بوعود في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية إن الشارع السياسي ينتظر أن يكشف قيس سعيد عن خارطة طريق واضحة تحدد الخطوات والآجال التي سيعتمدها الرئيس في عمله خلال هذه الفترة الانتقالية.

ويشير بوعود إلى أن أوكد الاستحقاقات هي تسمية رئيس حكومة وإعلان قائمة الوزراء حتى تعود دواليب الدولة للاشتغال بطريقة عادية ومن ثمة الانكباب على وضع خطة واضحة لمواجهة التحديات الاقتصادية والصحية تليها مشاورات موسعة مع جميع مكونات الطيف السياسي حتى لا نقع في القطيعة بين قصر قرطاج والمشهد السياسي.

 

وأوضح بوعود أن إعلان رئيس الدولة عن الوضع الاستثنائي "كان يجب أن تتلوه قرارات تحدد الخطوات السياسية للمرحلة القادمة حتى لا يصاب التونسيون بالإحباط بعد هذه الخطوة التصحيحية التي شهدتها البلاد، ونمر من حالة الفشل إلى حالة استبشار جديدة".

 

ومن جهته أكد أمين عام التيار الديمقراطي غازي الشواشي في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية أن تونس تمر بمرحلة دقيقة قد تشكل خطورة على مستقبلها فمع القرارات التي أعلنها رئيس الجمهورية وفق مقتضيات الدستور أصبحت البلاد دون سلطة تشريعية ودون حكومة، فيما يدير الرئيس شؤون الدولة بالمراسيم الرئاسية ومطلوب منه بحكم الشرعية الشعبية والمشروعية القانونية أن يلعب دورا مهما لتجاوز الخطر الداهم وإنقاذ الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي كان في أدنى المستويات قبل 25 يوليو."

 

ويضيف: واليوم على الرئيس وضع خارطة طريق واضحة المعالم وتكليف حكومة حاملة لمشروع إصلاح وتضم كفاءات وطنية قادرة على مواجهة  الجائحة وتجاوز الضائقة المالية واحتواء حالة الاحتقان جراء البطالة والانكماش الاقتصادي حتى تتحول الأزمة إلى فرصة لإنقاذ الدولة ومسار الديمقراطية وإرجاع الأمل للتونسيين." - وفق تعبير الشواشي.

 

كما اعتبر أمين عام التيار الديمقراطي أن المرحلة تتطلب اختيار حكومة ذات أولويات واضحة ومتفق عليها وأن تكون غير معنية بالانتخابات القادمة لأنها ستشرف على إنجاز الانتخابات المبكرة.

 

ودعا السياسي التونسي إلى أن يعود البرلمان إلى عمله ولكن بشروط وتحديد لمهامه التي يجب أن تتعلق بتفويض رئيس الحكومة لإصدار مراسيم لإدارة الوضع في المرحلة الاستثنائية، والعمل على استكمال انتخاب الهيئات الدستورية، والمصادقة على قانون انتخابي جديد يصوغه ويراجعه الخبراء والمختصون وتشارك فيه المؤسسات القانونية المعنية ومنظمات المجتمع المدني، مؤكدا على أهمية مراجعة كل القوانين المتعلقة بالمنظومة السياسية مثل قانون الأحزاب وقانون الجمعيات وقانون سبر الآراء وقانون الاتصال السمعي البصري لأنها تتعلق كلها بمدى نجاح و نزاهة الانتخابات القادمة.

واشترط الشواشي ألا يتجاوز عمل البرلمان على استكمال هذه الاستحقاقات التشريعية فترة سنة واحدة إلى حين الاستعداد لانتخابات تشريعية مبكرة.

وفي سياق آخر، أشار أمين عام التيار الديمقراطي إلى أن المرحلة الاستثنائية تتطلب أيضا اختيار وزير العدل بدقة فسيكون مطلوب منه متابعة عمل النيابة العمومية على ملفات الفساد في تونس وفصل القضاء فيها بكامل حيادية وفي إطار القانون لمحاسبة المتهربين والمتورطين حتى تكون الأزمة التي مرت بها البلاد فرصة لانطلاقة جديدة.

 

وأوضح أستاذ التاريخ والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية أن الفصل 80 يسمح للرئيس بالتمديد في العمل بالمراسيم شهر أو شهرين خاصة وأنه بصدد المرور إلى إجراءات إصلاحية حتى دون وجود الحكومة.

وأضاف: "لكن هناك بعض الملفات الكبيرة المفتوحة مثل تورط الجهاز السري لحركة النهضة في الاغتيالات السياسية يجب أن تحسم في أقرب الآجال إلى جانب ملف تورط أحزاب قلب تونس والنهضة في التمويلات الأجنبية لأنها قضايا محددة في مستقبل العمل الحزبي ومسار الانتخابات القادمة.

 

ويؤكد الحناشي: "نحن ننتظر خارطة الطريق لتكون أول محطة لها هي حكومة مصغرة وناجعة معركتها الأساسية مالية واقتصادية وصحية وبعد ذلك يمكن تفعيل باقي المسائل مثل ملف التجاوزات المالية الخطيرة التي حصلت في انتخابات 2019، لأن كشفها سيغير المشهد الانتخابي في المرحلة القادمة ومن المرجح أن يؤدي إلى سقوط قائمات حركة النهضة وحزب قلب تونس وكشفهم ومحاسبتهم قبل أي انتخابات قادمة.

 

ويعتبر مراقبون أن المشهد الانتخابي القادم سيكون خاليا من جماعة الإخوان وفي أقصى الحالات سيكون لحركة النهضة حضور برلماني ضعيف بعد انحسار شعبيتها وكشف فسادها وتورطها في أخطر الملفات من تهريب وإرهاب وفساد مالي طيلة العشر سنوات الماضية.

نقلا عن اسكاي نيوز عربية 

جمعة, 06/08/2021 - 13:27