قرر وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي الخميس إجراء مباحثات تهدف إلى تشكيل قوة رد سريع أوروبية. القرار يأتي عقب ما حدث من تهميش للكتلة الأوروبية خلال عملية الإجلاء التي قادتها الولايات المتحدة في أفغانستان، إذ يرى البعض أن دول الاتحاد اضطرت إلى الخضوع لشروط واشنطن في لتنسيق عملية الإجلاء.
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل للصحافيين بعد الاجتماع في سلوفينيا "لقد أظهرت أفغانستان أنّ هناك ثمنا لأوجه القصور على صعيد استقلالنا الاستراتيجي والسبيل الوحيد للمضي قدما هو توحيد قواتنا وتعزيز ليس فقط قدرتنا ولكن أيضا إرادتنا للتحرك".
وتابع "إذا أردنا أن نكون قادرين على التصرف بشكل مستقل وألا نعتمد على الخيارات التي يتخذها الآخرون، حتى لو كان هؤلاء الآخرون هم أصدقاؤنا وحلفاؤنا، فعلينا إذاً أن نطور قدراتنا الخاصة".
ضرورة تطوير القدرات العسكرية
وتكثفت الدعوات في الأيام الماضية لكي تطور الدول الأعضاء الـ27 قدرتها العسكرية المشتركة الخاصة للرد سريعا على الأزمات بعد مشاهد الفوضى في مطار كابول التي تلت تولي طالبان السلطة.
ومن بين المقترحات أمام الوزراء الأوروبيين مشروع قدم للمرة الأولى في أيار/مايو ويهدف إلى تشكيل قوة قوامها خمسة آلاف عنصر في إطار مراجعة استراتيجية الدفاع لدى الاتحاد الاوروبي والمقرر عرضها كمسوّدة في تشرين الثاني/نوفمبر.
"تجمعات تكتيكية" لم يتم استغلالها
لكن ثمة شكوك جدية حيال قدرة الأوروبيين على التوصل إلى مثل هذا المشروع، إذ أن الاتحاد الأوروبي لم يتمكن يوما من استخدام نظام "تجمعات تكتيكية" وضع في 2007 لكن يتطلب إجماعا من الدول الأعضاء لكي يتم تفعيله.
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، "يجب أن يكون للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه وزن أكبر في العالم للدفاع عن مصالحنا وقيمنا ولحماية مواطنينا".
وأضاف أنّ "الانسحاب الفوضوي من أفغانستان يجبرنا على إسراع التفكير بصدق بشأن الدفاع الأوروبي".
أوروبا "مستقلة"
وقدر وزير الدفاع السلوفيني ماتي تونين الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أن قوة الرد السريع يمكن أن يتراوح عددها بين "خمسة آلاف و20 ألف عنصر".
ودعا إلى وضع نظام جديد يسمح بإرسال قوات من "الدول المتطوعة" باسم الاتحاد الأوروبي إذا وافقت غالبية الدول الأعضاء على ذلك بدلا من الإجماع المطلوب من أجل "التجمعات التكتيكية".
وفي واشنطن، أشارت الإدارة الأمريكية إلى أنها سترحب بمثل تلك القوة التي قد تقوم بعد سنوات من الضغط الأمريكي على الحلفاء في حلف شمال الأطلسي من أجل تقاسم المزيد من الأعباء وزيادة انفاقهم العسكري.
أوروبا أقوى
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحافيين "ما زلنا نعتقد أن أوروبا أقوى وأكثر قدرة هي في مصلحتنا المشتركة"، مضيفاً "عندما تتكاتف الديمقراطيات التي يتألف منها الاتحاد الأوروبي فإنها تشكل قوة هائلة من أجل نظام دولي مستقر ومنفتح".
لكنه أضاف أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي والناتو التنسيق من أجل "تجنب الازدواجية والهدر المحتمل للموارد الشحيحة".
ورأت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب-كارنباور أن العبرة مما حصل في أفغانستان هي أنه "علينا أن نصبح مستقلين أكثر بصفتنا أوروبيين وأن نكون قادرين على التحرك بشكل مستقل أكثر". وأضافت "لكن من المهم جدا ألا نتصرف كبديل عن حلف الأطلسي والأمريكيين".
"تحالفات من الراغبين"
وبدت الوزيرة معارضة لفكرة تشكيل قوة دائمة قائلة على تويتر إن على "تحالفات من الراغبين" ضمن الدول الأعضاء أن توحّد صفوفها للتعامل مع أي أزمات مستقبلية.
وأعلن وزير الدفاع اللاتفي أرتيس بابريكس أن التكتل يجب أن يثبت أن لديه "الرغبة السياسية" في استخدام هذه القوة.
وتساءل "نحاول وضع خطط هائلة حول الدفاع المشترك في الاتحاد الأوروبي لكن المجموعات القتالية قائمة منذ عقد، هل استخدمناها؟".
والاتحاد الأوروبي منقسم منذ سنوات حول الدور الذي يجب أن يلعبه في مجال الدفاع. ولطالما كانت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومعظمها ضمن حلف شمال الأطلسي، مترددة في الموافقة على خطوات لدمج القدرات العسكرية.
واستؤنفت المحادثات بعد خروج بريطانيا من التكتل لا سيما وأنها كانت تعارض بشدة احتمال تشكيل جيش أوروبي.
فرانس24/ أ ف ب