كيف نفهم الإسلام (11) الصوفية (7)

 محمدّو بن البار

لقد ارتأيت في هذا المقال أن أقدم فيه الكلام علي أرضية الصوفية التي عبدت فيها طريقها المستقلة عن شكل الطريق ا لقرآني، ونؤخر الكلام علي الركنيين الأخيرين من الصوفية وهما : الأوراد والإنسان = التلميذ.

وقبل ذلك سأفتتح بالآية التالية :{{قل إن ضللت فإنما أَضل علي نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب}}.

وبما أن الفرق بين طرق الصوفية والطريق المستقيم لا بد من دليل الفرق عليه فأرجو أن يكون الاستدلال واضحا لذلك الفرق لكل من ألقي السمع وهو شهيد.

ولكن أؤكد للجميع أنني في علم الله لا أكتب هذا إلا لشدة إيماني ولله الحمد بصحة ما جاء في القرآن، وأنه هو وحده الذي سيكون الفيصل النهائي في الحساب بين جميع أفكار الإنسان، وأنه سوف لا يقع لكل إنسان إلا ما هو مسطر ومفهوم طبقا للغة العربية من هذا الكتاب الذي جاءنا مفصلا من عند الله يقول تعالي: {{ولقد جئناهم بكتاب فصلناه علي علم هدي ورحمة لقوم يؤمنون}}.

وليس صدق القرآن في نفسه هو الذي حملني علي الكتابة بل شفقة كذلك مني علي من تجمعني معهم الأخوة الإسلامية وأنا أراهم يبحثون عن سلوك طريق قام الإنسان في التاريخ الإسلامي بتعبيدها مسافة مستور ما بينها وبين الطريق القرآني المستقيم الذي جعل الله معالمه تري واضحة بالقلب واللمس والرؤية – فشقوا أوائلنا لهذا الإنسان طرائق قددا لا يلتقي سالكها مع سالك الطريق المستقيم إلا عندما تأتي سكرة الموت بالحق فسوف يتذكر الإنسان وأني له الذكري، ويتنوع كلام استقبال سالكي الطريق المستقيم والطرق الأخرى المؤدية بعبادات الاختراع علي غير هدي من الله يقول تعالي: {{ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدي للمتقين}} ويوضح ذلك قوله تعالي: {{فإما يأتينكم مني هدي فمن اتبع هداي (نصا لا اجتهادا ) فلا يضل ولا يشقي}} عند الحدث الأعظم النهائي الجديد يوم يقوم الناس لرب العالمين.

فأهل الطريق المستقيم يرددون قوله تعالي : {{الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء}} والقادمون عن طرق رؤسائهم ومالكي في الدنيا أمرهم يجأرون بقوله تعالي: {{يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا}} إلي آخر الآية.

ومن هنا أبدأ ردا علي من سيتهم بالجهل بل ربما بالجنون وفقدان العقل معللا كلامه بأن هذا إرث مؤصل خاض بحوره بسباحة عالية الاتقان فطاحل العلماء الفاهمين للآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة فهم كأنهم حضروا نزولها وتبيينها، فأخذوا مقودها بفهم راسخ وعبادة ربانية يتواصل ليلها بنهارها لتصل بأمان إلي معرفة الله الذي هي المطلب الأسني لكل إنسان ولو لم يطلب من ورائها حسن مآب جنات عدن مفتحة لهم الأبواب إلي آخر الآية، بل فناء فقط في الله والنبي وشيخ الطريقة هكذا يقولون.

ولا داعي هنا لتفصيل الطريق المؤدية لذلك- ولكن قبل أن ابتعد عن كلمة معرفة الله أقول إن الله قد وصف أقرب الناس إليه بأوصاف كثيرة وليس فيها وصف معرفية له مثل : المخلصين- المحسنين-المتقين إلي آخره وليس فيها أبدا العارفين بالله.

وبناء علي هذا المعتمد دون ذكر للقرآن بل مجرد الارث من الآباء وفطاحل العلماء وسيرتهم فإني أحيل رافع تلك الراية إلي طرق سلفنا السالك بعبادته هذه الطريق، فنفس علمائنا وعبادنا يصدقون ذلك النوع من عمل النفس المستقل فهم أنفسهم بدأوا السلوك من دون القرآن ولكن شبه لهم بشدة حلاوة العبادة الخطأ غير السالكة لمعالم الطريق المستقيم فظنوا أن حسن وقعها في القلب (ومعروف مصدر تلك الحلاوة) والفناء فيها وما أحدثته فيها من معالم – خواطر ومقامات – أحوال الوصول إلي الله فهذا عندهم هو المنزل المبارك عند الله.

هؤلاء العلماء والأشياخ لم يلفت نظرهم أن نظراءهم من الإنسانية بدأوا بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم بقليل بشق هذه الطرق بتأويل داخل القرآن وهم يستمعون إليه وهؤلاء كما يعلم الجميع أكثر عددا وأعلم وأعبد من علماء الصوفية فألفوا الكتب وبنوا المساجد وقرأوا القرآن ولكن قراءتهم لمكان خطئهم في القرآن لا تتجاوز حناجرهم فهي حجة عليهم فقط، وما زالوا حتى يومنا هذا علماء عبادا زهادا يسلكون هذا الطريق الخطأ حتى يأتي وعد الله.

فأمثلتنا من داخل مؤسسة الطرق مجرد العبادة سوف لا تقبل هذا لما نعرف جميعا من حرص الإنسان علي المحافظة عل معتقده ولكن فرق الكلام والذين ما زالوا منتشرين في الدنيا بفكرهم وعلمهم وعلي رأسهم فرقة الشيعة التي أصبحت تتبعها دول وهم كل جمعة يلعنون علي أكابر الخلفاء ويعيدون بكل وقاحة مصدقين كذبة أهل الإفك علي أمنا عائشة رضي الله عنها ومع ذلك يستمعون إلي قوله تعالي: {{إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم}} إلي آخر الآيات.

ولا فهما أحسن كشفا في أن آيات الله هذه تعني أمنا عائشة رضي الله عنها :{{ومن أصدق من الله قيلا}} بمعني أننا نحكم عليهم تلقائيا طبقا لنص القرآن بهذه اللعنة مطأطئين قلوبهم عن سماع معني ما تقوله لهم الآيات وللرسول الله صلي الله عليه وسلم :{{فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك علي صراط مستقيم}}.

وكما يعلم الجميع فإن تحليل ما يفهم من كل هذا المقال يطول ويطول، وملخصه أننا فهمنا أن حفظ الله لنا للقرآن ليس عن تغيير أعدائه له، بل كذلك عن انحراف السائرين داخل حمايته غير لابسين لهذه الوقاية، وهذه الحماية هي الآيات البينات التي سد الله عنه بها الباطل أن يأتيها من أي جهة لا من بين أيدها ولا من خلفها فهي تنزيل من حكيم حميد.

ولا شك أن القارئ سيلاحظ أني لم أذكر أسباب كل هذا الانحراف عن طريق القرآن مبكرا ولكن أقول الآن أن الله رد كل الانحرافات إلي إذنه لعدو الإنسان الأول يأن يأخذ نصيبه من هذا الإنسان الذي فضل عليه وتكبر هو عن ذلك التفضيل مستنكرا له أمام الله وهو يخاطبه مباشرة :{{ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه}} إلي آخر ما في القرآن من تفصيل نتيجة ذلك الإذن من الله الذي ذكر القرآن أنه سيذهب بأكثر هذه الإنسانية يقول تعالي:{{وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}}.

هذه المعركة ونتيجة هذا الإذن الموضح في القرآن المعبر عنه بقوله تعالي:{{وكذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلي ربهم مرجعهم}}، وعموم العمل المزين هنا مبينا في القرآن نوعه الخطأ يقول تعالي: {{قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}} وقوله تعالي:{{أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا}} إلي آخر الآية.

وما دمنا الآن وصلنا إلي نصيب الشيطان من الإنسان فسنتوسع إلي ميدان تلك المعركة ونوعها ونتيجتها ووسائل الانتصار فيها ليعلم كل إنسان سلك أي طريقة لا يري معالمها مرفوعا فوقها لافتات القرآن العظيم فليعلم أن القرآن ما زال مستقيما وهو انفصل عنه بدون أن يشعر إلا عندما يسمع قوله تعالي :{{وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون}}.

فعلي كل إنسان سمع عن ميدان هذه المعركة من الشيطان ووسائلها وأن موضوع غنيمتها هو الإنسان نفسه في الآخرة لأنها أطول إهانة للإنسان المفضل عليه في الدنيا.

يقول تعالي مخاطبا الشيطان: {{أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا}}.

ماذا بقي من أدوات المعركة يوم نزول القرآن فلو نزل الآن لقيل أجلب عليهم بسياراتك ودباباتك إلي آخره فأي منا الآن يحس بهذه المعركة المشتدة الوطيس دائما إلا إذا نظر إلي قلبه وجوارحه ليعلم المعتقد والعبادة هل وقعا علي ضوء القرآن أو هجوم الشيطان بأنواع وسوسته ضده إلي شيء آخر.

فما هو الجواب العملي للشيطان يقول مخاطبا الله :{{لأقعدن لهم صراط المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين}}.

ومعلوم أن مكان المعركة في الإسلام بين الإسلام والشيطان هو ما بين الله والإنسان من صحة العقيدة وحسن العبادة أي أخذها بنصها من القرآن والسنة لأن المعبودات وأنواع عبادتها متنوعة.

فالعبادة للمسلم إما تقع طاعة أو تقع معصية وهي البدعة وهي جوهر سلب الإنسان الذي هو غنيمة عند الشيطان لعدم طلب الإنسان التراجع عنه أو التوبة منه.

فنحن إذا عدنا إلي القرآن فلا نحتاج في عبادتنا إلي استجلاب أي عبادة أخرى لا قرآنا لعجز الشيطان عن مثله ولا مربيا يستتر تحت القرآن يقول تعالي: {{ أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلي عليهم}}، ولا ذكر ولا صلاة ولا دعاء إلي آخره لأن في القرآن وفي الحديث ما يكفينا من العبادة النصية التي تدخل أصحابها الجنة يرزقون فيها بغير حساب.

يتواصل بإذن الله في : كيف نفهم الإسلام (12) الصوفية الصوفية (8)

 

اثنين, 10/01/2022 - 13:06