لماذا أقبل الرئيس بوتفليقة على القيام بعدد من التغييرات الهامة قبل شهور قليلة فقط من موعد الانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها في شهر نيسان/أبريل 2019؟
هل يمكن أن نتوقع تغييرات أخرى في المستقبل القريب، مثل التعديل الحكومي أو تغييرات تشمل مؤسسات أخرى كالقضاء؟
كيف ينظر الشعب الجزائري، الذي يتخبط في مشاكل اجتماعية عدة ويواجه وباء الكوليرا، إلى هذه التغييرات؟
هل بوتفليقة في صدد تمهيد الطريق لنفسه إلى ولاية رئاسية خامسة على التوالي؟
أسئلة كثيرة يتداولها الجزائريون يوميا، في حين لم تكف الصحافة الوطنية والدولية عن تخصيص مقالات وتحليلات عديدة حول تصورات المستقبل التي ينتظرها هذا البلد الذي يعاني من انخفاض أسعار النفط.
لغاية الآن، من الصعب لأي شخص أن يتكهن ما الذي سيقرره الرئيس بوتفليقة وهل سيرشح نفسه أم لا للبقاء في منصبه الذي احتله عام 1999؟
لكن مؤشرات عديدة تدل أن فكرة الولاية الرئاسية الخامسة قائمة في ذهن الرئيس الجزائري المريض ومقربيه، وعلى رأسهم أخيه سعيد.
والدليل على ذلك هي تصريحات زعماء أحزاب الموالاة، مثل حزب جبهة التحرير الوطني الذي يترأسه جمال ولد عباس (84 سنة) وحزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه الوزير الأول أحمد أويحيى واللذان دعيا بشكل علني ورسمي الرئيس بوتفليقة إلى قبول "تضحية" إضافية من أجل الجزائر والترشح لعهدة خامسة على التوالي.
أكثر من ذلك، أحمد أويحيى، الذي يعتبر من بين أبرز الشخصيات السياسية في الجزائر، أكد أنه "لن يترشح أبدا لخوض غمار الرئاسيات طالما فخامة الرئيس والرفيق عبد العزيز بوتفليقة مرشح لعهدة خامسة"، مثنيا في الوقت نفسه على "الإنجازات العظيمة التي قام بها بوتفليقة، وعلى رأسها قانون المصالحة الوطنية والوئام المدني" منذ توليه السلطة في 1999.
نفس الدعم منحه إياه أيضا الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس الذي قال في تصريح للتلفزيون الجزائري في شهر أغسطس/آب الماضي: " أنا وأحمد أويحيى (الوزير الأول الجزائري) نتحدث بصوت واحد ونقول إن كل المكتسبات التي حققتها الجزائر خلال العشرين سنة الماضية كانت من إنجاز الرئيس بوتفليقة. وانطلاقا من هذا، نحن نلتمس منه أن يترشح لعهدة خامسة في 2019 بهدف ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة".
وأضاف ولد عباس «باب الترشحات للانتخابات الرئاسية في الجزائر مفتوحة ولكن لا يوجد هناك أي مرشح يمكن أن يمر أمام عبد العزيز بوتفليقة. فإن قبل الترشح فهو سيفوز دون أي شك أو منازع".
ويملك حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي أغلبية الأصوات في البرلمان الجزائري، فضلا عن كونهما قوة انتخابية ضاربة.
وكان ولد عباس قد نجح في إقناع 16 حزبا سياسيا صغيرا بمساندة الولاية الخامسة لبوتفليقة فيما يدافع عن فكرة تأسيس "قاعدة شعبية كبيرة" لهذا الغرض.
وأضاف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أنه "سيطلق سلسلة من المبادرات واللقاءات مع القوات الحية من المجتمع الجزائري (النقابات، الصحافة، الطلبة ورجال الأعمال إلخ) لتأسيس "جبهة شعبية" كما أرادها الرئيس بوتفليقة، هدفها حماية البلاد من جميع المخاطر". وجدد ولد عباس حرص الدولة والرئيس على "محاربة الفساد والمخدرات".
وما يجعل فرضية ترشح بوتفليقة لولاية خامسة ممكنة وجدية، هو غياب المعارضة السياسية التي لم تتمكن من الاتفاق على شخصية توافقية يمكن أن تنافس الرئيس الحالي في حال شارك في الانتخابات.
فعدا مبادرة زعيم حزب حركة مجتمع السلم (إسلامي) عبد الرزاق مكري الذي دعا إلى "مرحلة انتقالية" تحت راية المؤسسة العسكرية، لم يبادر أي حزب سياسي أو شخصية بمشروع سياسي يمكن يحدث التغيير في الجزائر.
وبينما ترتفع على مواقع التواصل الاجتماعي والصحف أصوات جزائرية تدعو إلى التغيير وإلى فتح الفضاء السياسي المغلق لطاقات جديدة ومسؤولين شبان و"نظيفين"، بدأت "الماكينة السياسية" للنظام الجزائري تشتغل لغاية أن يتم انتخاب بوتفليقة لولاية خامسة في نيسان/أبريل 2019. لكن ككل "الماكينات" يمكن أن تتعطل...
العربية نت