مع الحاج جلول،

محمد فال ولد بلال

لا شك أنّ متابعي هذه الصفحة يعرفون صديقي الحاج جلول الذي طالما كتبتُ عنه، وعن طرافته ولباقته وعقله .. زارني الليلة بمناسبة العشر الأواخر. سألته ما جديد الساحة وأهمّ الأخبار المتداولة في الباصات والأحياء الشعبية؟ قال: "موضوع الساعة اليوم هو "الفساد"، و"محاربة الفساد". وسكت قليلا، ثم قال: هذا مهم ومفيد. المثل الحساني يقول: "أخير گوَّام من جيَّاب". والعرب تقول: لا كِثرة مع التبذير، ولا قِلّة مع التدبير. 

نحن -أهل البادية - كنا نحارب "الفساد" على طريقتنا. كنا نحمي مزارعنا وحقولنا ومحاصيل أرضنا من فساد الطيور والحيوانات والسراق بسلاح "العقل". لم تكن عندنا ماكينات، ولا مبيدات، ولا علوم، ولا وسائل مثل ما عندكم اليوم؛ ولكننا وظفنا "العقل" عِوَضا عن ذلك. ضربنا الأسوار والحظائر الشائكة خلف المزارع، وأقمنا السدود بيننا وبين بؤر الفساد مثل الطيور والأنعام، إلخ... كنا نطردها بدق الأجراس، و رميِ الحجارة بواسطة مقاليع نصطنعها بأيدينا، ونفتعل في وجهها الصراخ والضجيج والضوضاء (انژيگ)، ونبتكر أساليب التمويه، و نضع الفخوخ والسُّموم أحيانا. هذا بالإضافة إلى الحراسة والرقابة المباشرة، إلخ،،، 

وهكذا علمتنا الحياة أنّ الحرب على "الفساد" تكون بسلاح "العقل"، وأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحرب على آفّة أخرى أسمها: "لفسيَّد" (الغباء). و"لفْسَيّد" هذا - أي الغباء - هو رأس كل خطيئة. وهو مُعينٌ على "الفساد". إن "المفسِدينَ" كانوا إخوان "لفّيْسِدينَ"! ولا ينتشر الفساد إلاّ حيث ينتشر لفسيّد. حاربوا فساد العقول، واعتمدوا على أصحاب الخبرة والكفاءة والنضج. 

هكذا قال الحاج جلول.

جزى الله خيرا من دعا لنا بخير

ثلاثاء, 26/04/2022 - 20:21