مغاربة يلجؤون لـ"دارت" للتغلب على مصاريف عيد الفطر

تزامنا مع نهاية شهر الصيام وحلول عيد الفطر، يلجأ عدد من المغاربة إلى "دارت" أو "القرعة" لتوفير المال اللازم لاقتناء حاجياتهم خلال هذه الأيام، التي ترتفع فيها المصاريف، من ملابس العيد وحلويات وأكلات ترافق هذه المناسبة الدينية.

مبدأ "دارت" يُلخَّص في اتفاق مجموعة من الأشخاص على دفع كل منهم مبلغا معينا كل شهر أو أسبوع، ثم انتظار الدور حسب القرعة، التي أُجريت، وهي عملية مخصصة للأشخاص الذين ليست في استطاعتهم جمع المال.

وتعد الثقة أساس هذه العملية المالية التضامنية التي تجمع بين عدة أفراد بغرض الادخار، كما أنها مقترنة بالالتزام بدفع القسط المحدد دون تأخير للحفاظ على هذا الادخار المشترك وتلافي وقوع مشاكل بين المشاركين.

التزام أخلاقي

بحسب عماد غزال، مختص في الاقتصاد والرياضيات المالية، فإن "دارت" هي نظام مالي تكافلي مبني على التزام أخلاقي بين المغاربة.

وأكد غزال، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن هذه العملية لها دلالاتها في الحقل الديني والاجتماعي والاقتصادي.

وأضاف: "تنتشر هذه الظاهرة غالبا بين أفراد العائلة أو جيران الحي الواحد وأحيانا أيضا بين زملاء العمل، إعمالا لمبدأ التضامن في مواجهة لحظات الشدة"، مشيرا إلى أن "فئة من المجتمع تتفادى التعامل مع المؤسسات البنكية، مما جعلها تبتكر أنظمة مالية خاصة بها لعدة أغراض من بينها الادخار".

وتابع الباحث في عالم المقاولة والشغل أنه "من منظور ديني، كان هناك جدل بخصوص -دارت-، لكن فقهاء حسموا النقاش؛ إذ طالما أن هذه المبالغ لا تحمل فوائد أو خدمات مؤدى عنها فلا حرج فيها، بما أن فيها منافع للناس مع حفظ رؤوس أموالهم".

وتختلف قيمة هذا النوع من الادخار حسب قدرة كل مجموعة وحسب مستواها الوظيفي أو المادي، حيث إن اللجوء إلى هذه العملية يساعد على مواجهة ظروف اجتماعية أو مادية معينة خاصة بمناسبة عيد الأضحى أو الدخول المدرسي على سبيل المثال.

ولفت غزال إلى أن "دارت" قد تواجه عقبات لا سيما في زمن الأوبئة والمشاكل الاقتصادية التي ترافقها، إذ يصعب على بعض الأفراد الالتزام بحصتهم من المساهمة المالية خصوصا مع فقدان العمل وارتفاع الأسعار، مما يؤدي إلى مشاكل قد تنتهي بنتائج مؤسفة.

اقتصاد تضامني

يدرج خبراء مغاربة في علم الاجتماع والاقتصاد "القرعة" ضمن التكافل الاجتماعي والتضامن، الذي يميز المجتمع المغربي، بحيث يتعاون الغني مع الفقير، ويسهل الميسور مأمورية المحتاج.

في هذا السياق، قال الحسين الفرواح، أستاذ الاقتصاد للتقني "إن رب ضرة نافعة، ومجازا يمكن أن نقول إن أزمة كورونا كانت فرصة لبروز قيم التضامن والتعاون والتكافل الاجتماعي في المجتمع المغربي بشكل غير مسبوق، أزمة لم تنفع معها الوصفات المجربة، فلا النظام الليبرالي استطاع أن يجد توازنا ولا الدولة التدخلية في الاقتصاد تمكنت بسياستها الظرفية أن تحمل على عاتقها ثقل الصدمات المتراكمة والمتسارعة؛ وبالتالي الفرصة سانحة أمام تطور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، كطريق ثالث موازٍ وليس كبديل".

وتابع الفرواح، في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "منذ القدم، تعتبر الممارسات التضامنية والاجتماعية راسخة ومتجدرة في المغرب كما يسمى ب"الشرط" الذي يكفل إمام القبيلة، أو الزكاة، أو الخطارات المائية وغيرها".

وأوضح أن "هذه الممارسات مبنية على قيم التآزر والتعاضد والتعاون والتكافل بين أفراد المجتمع لتحقيق المصالح المشتركة فيما بينهم، وبالتالي هذا النوع من الممارسات ليس بعيدا عن المغاربة".

نقلا عن سكاي نيوز عربية 

أربعاء, 04/05/2022 - 13:06