نادية عكاشة… إيّاكم أن تُحاكموها

كريمة مكي

عادة ما يقع الصّادقين في فخّ حُسن نواياهم فيمنحون ثقتهم فيمن تصوّروا حُسن سيرتهم رغما عن إحساسهم الداخلي الذي لا يخطئ و الذي يظلّ يُلح عليهم بعدم ائتمان هؤلاء الممثلين الباردين للالتزام الجاف بالأخلاق و العُرف و الدِّين.

وقع رئيس تونس الصالح في هذا الفخ حين ائتمن مساعدته الجامعية السّابقة في كلية الحقوق فأعطاها، و هو رئيس، فوق ما تستحق و جعلها مديرة ديوانه و أجلسها معه في كلّ المجالس و لكنّه فشل الفشل الذّريع في جعلها تليق بما بوّأها إيّاه لأنّ فاقد الشيء لا يُعطِي شيئا و إن أُعطِيَ كلّ شيء!!

فكان مرورها بالمنصب مرورا باردا كئيبا لم نرى منه إلا حضورها الباهت و تدويناتها الباردة برودة القطب المتجمّد.

و كان الناس يظنّونها ʺعاقلةʺ كما تريد أن توحي بصمتها الدائم و لكن تسريبا صادما خرج لها أيام كانت في المنصب –قبل هذه التسريبات الأخيرة التي نزعت عن نفسيتها المهتزّة ورقة التوت- أثار الشكوك حولها و حول جدارتها بالمنصب الذي احتلّته فجأة و بدون سابق علم من الشّعب الكريم…

يومها كانت تتحدث مع الإعلامية الشهيرة، المختصة في السّفسطة باسم الحداثة و باسم البورقيبية، و كان تسجيلا مُخجلا عَجِبَ النّاس منه و هم يسمعون لها لأوّل مرّة خارج الصُّورة الملتزمة التي تريد أن تروّجها عن نفسها…فإن كانت الإعلامية ʺالحدثوتيةʺ قد انكشفت من قبل ذلك في زلقات و سقطات كثيرة فإن مساعدة الرّئيس قد عرفت يومها انزلاقتها الأخلاقية الأولى على المستوى الإعلامي.

ويبدو الرّئيس كمن لا يُحبّ أن يُصدِّق سمعه فِيمن غرّته بالصّمت و تمثيل الاستكانة!

كذلك يحدث دائما للطيّبين حين يمنحون ثقتهم و يُكذّبون كلّ الإشارات الملائكيّة التي تأتيهم من كلّ صوب فيُكذّبون أنفسهم و يُجدّدون الثقة فيمن لا عهد لهم ولا أمان!

كذلك يبتلي الله الصّادقين بشياطين الإنس و الجن لكي يمتحنهم الامتحان المَرير فيتعلّمون الدّرس الأعظم…فيتّعظوا ويَعِظون النّاس و يُعلِّمونهم ممّا آتاهم الله من العِلم.

لا خوف على الرّئيس من هكذا شياطين فقد انكشفوا و ظهرت أعوارهم تِبَاعًا تسريبا تلو التسريب.

ولكن لماذا انفضحت هي فقط دون غيرها هذه الفضيحة المُجلجلة؟؟؟

وكان يمكن لكثير من المسؤولين السّابقين و الحاليين أن ينفضحوا مثلها  و لا شك أنّ هنالك من يملك عليهم أكثر من صورة ومن تسجيل…

لماذا؟؟؟

لأنّ الله أرادها أن تكون عِبرة لكلّ من يُبالغ في التمثيل بالسّير على النّهج المستقيم و نفسه تعتمل حِقدا و خُبثا و بُغضا للعالمين.

هي أكثر من يعرف أنّها و رغم المنصب الذي أُجلِست فيه لم تحظى أبدا بأيّ نوع من الثقة أو القبول رغم الثقة القياسية التي يحظى بها الرّئيس قيس سعيد و لم يحظى بها قبله أيّ رئيس…

كانت تعرف أنها مكروهة من أحباب قيس و من أعدائه و لكن ما كان يعنيها أحبابه فهي تعوّل على رصيده الكبير من ثقة شعبه… هي فقط كانت تسعى جاهدة لاستمالة خصومه لتلميع صورتها وحدها… و كان أن علمنا عنها ما لم نكن نعلم يوم خرج علينا مستشار رئيس النهضة ʺراشد الغنوشيʺ في منبر إعلامي ليتباهى بأنّها اتّصلت به وأنّها تَرَجَّتْهُ أن يكفّ أذى الخلايا الالكترونية للنّهضة عنها و أنها قالت له بالحرف الواحد: قُلْ لهم أنّي ملتزمة دينيا و أني أحافظ على الصّلوات الخمس!!!!!

هي اليوم خارج البلاد لتضرب اليد التي امتدت لها بالخير…

لو كانت تحبّ تونس لما غادرت الوطن في جنح الظلام بعد انكشاف أمرها و بعد الإقالة من المنصب الكبير.

لو كانت تونس تحبّها لما لفظتها خارجها و لاحتضنتها و آوتها… فتونس لا تقسو على أبناءها المخلصين.

اليوم و بعد التسريبات الفضيحة التي عرّتها، هناك من يريد أن ينتصر للرّئيس، إن تملقا أو صدقا، فيدعو إلى محاكمتها.

لا تحاكموها …احذروا أن تحاكموها…

عقاب الخَوَنَة الفضيحة…فيها لا يَحيُون و لا يموتون.

اتركوها لشرّ العقاب…

و اذكروا دائما القول المأثور: إذا قابلنا الإساءة بالإساءة فمتى تنتهي الإساءة!

تونس بالمحبّة نبنيها.

نقلا عن رأي اليوم 

سبت, 07/05/2022 - 11:29