قصة واقعية: الفيزياء والنعاج ونشامى صدام!

محمد ناجي أحمدو

في يوم من أيام رمضان ديسمبر 1998، كانت عند أحدهم حصة فيزياء تنتهي السادسة مساء، وكان الإفطار بعد أقل من أربعين دقيقة من نهاية الحصة..
سيارة العم التي تنقلنا مساء إلى الكزرة جنوب نواكشوط غادرت تمام الخامسة، رفقة المتعجلين من التلاميذ، وبقي صاحبكم التلميذ المجتهد بالفال يتابع درس أحمد بلحاج عن الحركة المتسارعة بانتظام.
تمام السادسة خرج صاحبكم من الفصل، طبعا كان يدرس حينها في ثانوية عرفات التي لم تحمل أيامها رقما، خرج وفي جعبته عشر أواق فقط، لكنه يعرف بالدقة ماذا سيفعل..
سار واثق الخطو حتى الدايات الثلاث، وتعلق في مؤخرة باص، ونزل عند استاسيوه أهل ابراهيم فال الواقع شمال مركز الدعاة مباشرة، وقدم لمحصل الباص بطاقة النقل والأوقيات العشر.
لم يطل به الانتظار طويلا توقفت سيارة كميونت للتزود من الوقود، في مقدمة الكاميونت ثلاثة رجال، وفي مؤخرتها قطيع من النعاج والكباش، تقدم صاحبنا باحترام وسلم على صاحب السيارة بأدب ووثاقة على عادته أيامها حين يكون صاحب حاجة؛  وسأله:
- ما تلحكو الكيل 18؟
- نتخطاوه يغير ما عندنا ابلد..
- أنا انكد نركب امع النعاج ، المهم الا نلحك أهلي سابك الفطور..
ضحك صاحب السيارة وأمره بالركوب..
جلس صاحبنا بعد أن تخفف من دراعة الشكة الخضراء التي غسلها بنفسه ظهيرة ذلك اليوم، وأمسكها بيديه..
ومضت السيارة والمارة يضحكون.. وكلما ضحك أحدهم، صاح صاحبنا امباه امباه..
على مشارف الكلم الثالث عشر قامت الريح بعمل عدائي يتمثل في السفر بعيدا بدفتر كان صاحبنا يكتب فيها بعض الخربشات، وفيه نص شعري "رفيع المستوى" كتبه التلميذ صديق النعاج قبل يومين تحت عنوان "ترنيمة لنشامى صدام"، ردا على الاعتداء الأمريكي الهمجي على العراق في عملية ثعلب الصحراء قبل أيام..
لم يشأ صاحبنا أن ينبه صاحب السيارة الكريم، فالدفتر عادي، وخليفته من دفاتر الخربشات في الدبش..
قبل أن تصل السيارة قبالة أهله، أشار صاحبكم على السائق بالتوقف، ونزل.. وعلى قارعة الطريق لبس دراعته وكأن شيئا لم يحدث..
وصل التلميذ قبل الإفطار بقليل، فسأله أهله:
- أنت جيت فاش؟
أجابهم بكل كبرياء:
- فتبارك الله الا اعطاني مولان ال يعط ال لمباركين، ريت نيسان مكيفة رفدتني من عند الدايات الثلاث الين هون..

أحد, 26/06/2022 - 11:54