مقارنةٌ بين (عَشْريَتين):

محمد محمود الصديق

مما غَرَسته التربية العامة في وَعْينا: أن أيام شهر رمضان هي أفضل الأيام، و(مناسبَتَه) هي أشرف المناسابات الشرعية، وخاصةً عشرَه الأواخر التي فيها ليلة القدر معلومةِ المَكانَةِ والقدر. ولكنّ الذي يَتبادر عند التدقيق العلمي أن (عشرَ ذي الحجة)، التي أظلتنا الآن، قد تكون أولى بهذه المكانة الشرعية من رمضان، فهي تَتَقدّم عليه وتفْضُله جميعا بما في ذلك عشرُه الأواخر (عشرُ ليلةِ القدر).
ومِن المقابلَةِ الآتيةِ بين خصائص وفضائل هاتين العشريتين، يَتَبينُ وجهُ ذلك، رغم ما يظهر بينهما من تماثلٍ وتَقاطع في كثير من الخصائص والفضائل:
أولا: مِن خصائص وفضائل رمضان عموما:
- ذَكَره الله باسمه في القرآن الكريم.
- أنزل الله فيه القرآن، وجعلَه ظرفا لأحد أركان الإسلام.
- شَرَع الله فيه على نحوٍ مخصوص - فضلا عن الصيام - الاعتكافَ والقيام.
- تُفتَّح فيه ابوابُ الجنة، وتغلق ابواب النار، وتُصَفّد الشياطين، وينادي منادٍ من قبل الله: (يا باغيَ الخير أقبل ويا باغيَ الشر أقصر).
- وفي ختامه يتكَرّم الله على كثير من خلقه بالمغفرة والعتق من النار.
- وفيه - فوقَ ذلك - ليلةُ القدر التي هي خير من الف شهر.
1) ومن فضائل وخصائص ليلة القدر خصوصا:
- وصَفَها الله وسمّاها بالليلة المباركة.
 - نزل فيها بذاتها القرآن.
- فيها يُفْرَق كلُّ أمر حكيم، وتُقضى جميعُ مقادير السنة.
- هي خيرٌ وأفضل من الف شهر.
- تلتقي فيها السماء بالأرض، وتتَنزّل الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر.
- فيها يُستجاب الدعاء.
ثانيا: من خصائص وفضائل عشرِ ذي الحجة عموما:
- أقسَم الله بها: (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ..)، وقسَمُ الله بها يكفي للتنبيه على فضلها، كما قال: (هَلْ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ).
- مَيّزها من بين الأيام، وسَمّاها في القرآن (بالأيام المعلومات).
- قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِنْ أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ مِنْ هذهِ الأيامِ العشر..). (رواه البخاري).
- نص النبي صلى الله عليه وسلم على أنها أفضل الأيام على الإطلاق: «إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا الْعَشْرُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَلا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ: وَلا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا مَنْ عَفَّرَ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ».
               (ابن حبان وصححه الألباني)
- أن فيها يوم النحر (يومُ العيد)، وهو أفضل أيام السّنة عند بعض العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْر». [رواه أبو داود وصححه الألباني]. ومما يُرشد إلى فضل يوم العيد ما اجتمع فيه من عبادات، (الصلاةُ، والذكرُ المخصوص، والأضحية..). 
- ﻭﻗﻮﻉُ اﻷﺿﺤﻴﺔ - اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻋَﻠَﻢٌ ﻟﻠﻤﻠﺔ اﻹﺑﺮاﻫﻴﻤﻴﺔ ﻭاﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ - فيها.
- فيها شَرع الله الجهرَ والجَأرَ بحمده و تكبيرِه، وعمومِ ذكره، (فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). 
- ﺃنها ظرْفٌ لعبادة اﻟﺤﺞ اﻟذي ﻫﻮ ﺭﻛﻦ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ اﻹﺳﻼﻡ.
- أن فيها يوم عرفة الذي هو يوم الحج الأكبر، ويومُ التجلي الأعظم.
2) ومن خصائص يوم عرفة خصوصا:
- أن الله أكمل فيه الدين وأتمَّ النعمة وأَنزَل: (اليومَ أكملتُ لكم دينكم..).
- وفي مناسبته قال الله تعالى: (وأَذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر).
- صيامُه يكفر سنتين، ورمضانُ كله يكفر سنة واحدة.
- منه يبدأ التكبير المقيَّد بما بعد الصلوات، ولفظُه مثل لفظ التكبير المطلق في سائر العشر، ومن بين الصيغ المأثورة فيه: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد).
- ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺷﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﺪﻧﻴﺎ، وﺣﺙ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻌﺎﻝ اﻟﺨﻴﺮ ﻓﻴﻪ.
- فيه ينزل الله إلى السماء الدنيا، ويَستجيب الدعاء؛ فخيرُ الدعاء على الإطلاق دعاءُ يومِ عرفة، كما في الحديث الصحيح . وقد كان السلف يَدّخِرون حوائجَهم وطلباتِهم له.
- أنه يومٌ للمغفرة والعتقِ من النار. ف(ما مِن يَومٍ أَكْثَر مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).
                           (صحيح مسلم)
(إعادة نشر)

سبت, 02/07/2022 - 13:47