مهن تحتضر ...

اقريني امينوه

أقف مشدوها على ناصية شارع جمال عبد الناصر قبالة فرع سوسيتيه جنرال سوق العاصمة؛ الحرارة مرتفعة رغم أن الساعة لم تتجاوز بعد التاسعة صباحا . لباس المارة مبللة بعرق مقدس؛ يرسم خرائط إدارية للمناطق التى ينحدرون منها .

===

ركنت السيارة بأعجوبة وبمساعدة حظ عابر؛ بحثت عن مصلح ساعات لم أعثر عليه للوهلة الأولى؛ هذا طبيعي شيئا ما،فالمهنة أصبحت فى عداد المهن الآيلة للانقراض.

===

فجأة ظهرت عمامة زرقاء من بين البسطات المتناثرة على الرصيف؛لوحة بؤس تزين الشارع الذي غدا بحر رمل تغوص فيه أحذية البسطاء المتعجلين الى لاشيئ.

 

===

القيت التحية على رفات الرجل الذي كان فى مامضى صاحب مهنة نادرة ومطلوبة وتحول الى حارس بدوام كامل لجثث ساعات كانت تزين معاصم رجال ونساء ابتلعتهم هذه المدينة منذ نصف قرن.

===

رد صاحبنا التحية بفتور ممزوج بتأوه ضربات شمس خريف العاصمة؛ وأعتذر عن تفحص الساعة بحجة ضعف النظر وبحجة نسيانه لنظارته الطيبة فى البيت.

أبديت اقتناعي بحجته؛ واستأذنته بمعرفة ناريخ المهنة وتحدياتها الراهنة؛صدني بلطف و عاد لغفوة تحت مظليته التى تحمل شعار ماركة سجائر انقرضت من السوق الوطني قبل ربع قرن.

===

كان مذياعه يلتقط تردد إذاعة محلية افتتحت خصيصا لتأمين إعفاءات متقطعة لكبار السن فى المدينة؛ تحدث المذيع بحماس مبالغ فيه عن خطورة التهرب الضريبي و تقارب الولادات... مسكين زميلنا؛مستمعه الوحيد يغط فى نوم عميق، وهو يقدم التوجيهات فى الهواء.

**الصورة من مسقط رأسي مدينة الرشيد فى وسط موريتانيا، التى تستعد لتنظيم النسخة الثانية من أيامها الثقافية والرياضية 13-16 أغسطس القادم.

أربعاء, 27/07/2022 - 20:51