كمارا البالغ من العمر 14 سنة يعيش على هذا الرصيف من أجل تأمين لقمة عيش له و لأسرته الساكنة في حي سيزييم.
يعمل كمارا في مسح واجهات السيارات و ينتظر أجرة قد يجدها و قد تعطي إشارة المرور الإذن لمرور السيارات قبل أن يتمكن من الحصول على أجرته.
(أنا أعمل منذ سنة و نصف في هذا المجال مع مجموعة من أصدقائي، تركت الدراسة لأن أهلي بحاجة إلى مصروف يومي، لدي إخوة صغار و هم بحاجة إليً، تركت الدراسة عند السنة الرابعة الإبتدائية، و أتمنى أن أعود إلى صفوفها ذات يوم لأحقق أحلامي )
ليس كمارا الوحيد في هذه المهنة التي هي أقرب إلى التسول منها إلى المهنة، و جل من يمتهنها هم أطفال قصر، فبين عامي 2015 و 2020 وصلت نسبة عمالة الاطفال في موريتانيا إلى 37% وهي نسبة مرتفعة أكدها المسح الوطني الذي اشرفت عليه وزارة المالية و الاقتصاد الموريتانية .
احمد الذي يسلك هذا الطريق كل صباح اعتاد رؤية هؤلاء الاطفال بين صفوف السيارات معرضين أنفسهم للخطر.
( اعتدنا رؤية هؤلاء الاطفال يوميا يمسحون واجهات السيارات دون إذن سائقيها، يعطيهم البعض إكراميات او ما يجدونه في جيوبهم ويتجاهلهم البعض الآخر، حالتهم يرثى لها لأن من هم في سنهم يفترض بهم التواجد في المدرسة لكن لابد أن هنالك ظروف ارغمتهم على هذا العمل ومن هنا نطالب الجهات المعنية والخيرين الإهتمام بهذا الموضوع )
هيئات مدنية كثيرة حاولت جاهدة القضاء على هذه الظاهرة أو الحد من انتشارها إلا أن الزيادة اليومية التي ترتفع تدريجيا لأعداد الأطفال الممتهنين لهذه المهنة بات عائقا أمام ذلك...
اينيمش محمد فاضل عضو في جمعية الطفل تقول
(نحن في جمعية الطفل نولي أهمية بالغة لتعليم الأطفال حيث كان هدفنا الأساسي محاربة التسرب المدرسي و الحد من ظاهرة عمالة الأطفال و قد أخذنا على عاتقنا تعليم الأطفال و بدأنا بالجانبين المحظري والمدرسة النظامية، حيث أنشئنا محظرة في أحد الأحياء العشوائية تحوي ثلاثين طفلا يتيما يدرسون القرآن الكريم و علومه، كما تكفلت الجمعية بتدريس ثمانية طلاب في المدرسة النظامية. إلا أن ظاهرة عمالة الأطفال تنتشر بشكل متسارع في بلادنا).
هناك أضرار كبيرة تخلفها عمالة الاطفال على الطفل في الجانبين النفسي و الجسدي. كحرمان الطفل من الحصول على قدر مناسب من التعليم و حرمانه من التمتع بطفولته وتعريضه لظروف عمل صعبة قد لا تناسب حالة الطفل الجسمية والعقلية.
قد يتعرض هؤلاء الأطفال كذلك الى إصابات وأخطار العمل، نتيجة ظروف العمل التي تعرضه للضوضاء، والحرارة الشديدة، والمواد الكيماوية، والمخاطر الميكانيكية والأبخرة والأتربة؛ ما يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض عديدة ..
ومن ضمن ما قد يسببه التسرب المدرسي وعمالة الأطفال، ظهور بعض العادات والظواهر السيئة بين الصغار، مثل التدخين وتعاطي المخدرات انتهاك حقوق الطفل العامل على أيدي أرباب العمل، واستغلاله بالعمل ساعات طويلة، يؤدي ذلك بحسب مختصين إلى التأثير على طباع الطفل وجعله عدوانيًا؛ يميل إلى العنف ضد المجتمع؛ نتيجة الإحساس بالقهر الاجتماعي، حيث يقلب ذلك ميزان القيم عند الطفل؛ إذ يصبح المال أغلى من بعض ما تعارف عليه المجتمع من قيم نبيلة..كما أنه يساهم في تعزيز حالة الفقر المجتمعي؛ نتيجة القضاء على فرص إيجاد قيادات متعلمة قادرة على التخطيط والتنمية لرقي المجتمع وهو ما يعيق التنمية من خلال توجيه الإنفاق الحكومي لمواجهة آثار هذه الظاهرة.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.
عيشة لالة جار الله