رحلة

اقريني امينوه

كان مطعما شديد المحلية...عريش مبالغ فى ارتفاع سقفه وفى الداخل وسائد متناثرة بشكل فوضوي من النوع الذي يروق للمسافر رؤيته بعد رحلة شاقة وطويلة.

كان لون الوسائد فى سنة الاستعمال يميل للبني لكنه تحول الى رمادي باهت لدرجة أنه يذكرك بجميع خيباتك فى زمن الفرص الضائعة فى حياتك.

كان الوقت يقترب من المغيب؛ والفصل شتاء ودخل جميع الركاب يبحثون عن الزوايا الدافئة فى العريش: لكن المفاجأة أنه لايوجد ساتر قماش ولاحائط... فقط رياح باردة تضرب العريش لدرجة أن السائق استعمل غطاء السيارة المصنوع من " كج اگويرات".

جاء نداء شبه عسكري من الظلام؛ حنجرة إذاعية تأمر الجميع بتناول وجبة العشاء؛ امتثلوا جميعا لأسباب لاداعي لشرحها.

وحين عدنا للسيارة ضاقت المركبة على المسافرين؛ لدرجة أني تأكدت من هوية الشخص الذي كان يجلس بجانبي قبل القضاء على الوجبة الدسمة ؛لقد زاد وزن المسكين فى نصف ساعة.

 

غريب !! تمتمت بصعوبة من فرط حشري تحت منكب السائق العصبي سريع المضغ ذلك.

أشغل السائق -وكان من أهل الضفة - سيجارة تبغ من النوع الذي لايباع فى الأسواق الوطنية؛ له رائحة شبيهة برائحة السقوط فى مسابقة الباكالوريا.

سأل السائق الجميع عن قبائلهم وعن انتمائاتهم الحزبية؛ وقال بفخر إنه من الكادحين .

استغربت من غيبوبته النضالية وسألته عن رفاق الحركة وعن أخبار نزلاء تيشيت؛ لكن نكتتي لم ترق له؛وقال إن موريتانيا لو كانت محظوظة لكان الكادحون هم من يحكموها الآن !!!

تدخل ناشط تواصلي على الخط وطالبه برمي عقب سيجارته والانتباه أكثر للطريق 

رفض السائق مقترح المناضل وقال له :

من لايعجبه تدخيني فلينزل وليترك مكانه لإخوته ليتفسحوا فى المقاعد؛ خاصة أنهم يشكون من ضيق المكان منذ أن تناولنا تلك المعكرونة اللعينة.

اثنين, 29/08/2022 - 23:28