زوم الصحراء.. "الصرف الصحي" في نواكشوط.. الحلول والتداعيات

ليست أزمة الصرف الصحي في العاصمة نواكشوط جديدة، والواضح أن نهايتها ليست بالوشيكة ؛فهي أزمة بعمر المدينة التي أسسها المستعمر على عجل؛ وهو يلملم أوراقه؛ وورثتها بعده حكومات متعاقبة غلبت على تعاطيها مع قضية الصرف الصحي عقلية الرحل الذين  يجدون  في "الرحيل" حلا لكل المشكلات التي تواجههم في "الإقامة ". 

 

في زوم هذا الأسبوع نتوقف مع الأزمة القديمة المتجددة، وتأثيراتها على حياة المواطنين، وآفاق حلولها الممكنة. 

 

موارد دون مصب 

تداخلت  عدة عوامل لتجعل من أزمة الصرف الصحي هذا العام أزمة أكثر حدة من الأعوام السابقة: 

- نسبة الأمطار الكبيرة " نسبيا" التي تهاطلت على العاصمة. 

- تزامن الأزمة مع الذكرى السنوية الثالثة لوصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للسلطة؛ وقد كان وجود حل لهذه الأزمة ضمن التعهدات الأساسية في برنامج (تعهداتي). 

- تنامي تأثير شبكات التواصل الاجتماعي، وسرعة تفاعلها مع الأحداث وتغطيتها لها بشكل لحظي. 

- روتينية الأداء الحكومي في مواجهة الحالة التي وجد سكان أحياء دار النعيم والميناء والسبخة أنفسهم في مواجهتها، مما أعطى للانتقادات الأداء الحكومي زخما تعزز مع وجود ما يقارب نصف الفريق الحكومي في إجازة سنوية! 

هكذا إذا تعددت موارد السخط الشعبي الناجم عن تجدد الأزمة موجودة حالة من الاحتقان لم تجد هي الأخرى سبل صرف صحي بعد! 

 

أي حلول…؟ 

يجمع الخبراء على أن وجود حل جذري لأزمة الصرف الصحي في العاصمة؛ إن لم يكن مستحيلا فما هو من ذاك بالبعيد، ويعتبرون أن الوقت قد فات بالمرة لحل هذا المشكل؛ فقد اتسعت المدينة في كل اتجاه دون أن يتم التخطيط على بنية تحتية للصرف الصحي؛ مما يعني أن أي حلول جذرية الآن ربما تكون كلفتها أكبر من كلفة تشييد عاصمة جديدة. 

 

وتدل التقارير التي نشرت الأسبوع الماضي عن صرف أكثر من عشرين مليارا  على محاولات حل المشكل خلال السنوات الثماني الماضية دون نتيجة ملموسة على حقيقة تعذر الحل. 

 

وتبدو الخيارات المطروحة في الأساس بحسب خبراء ومتابعين ثلاث خيارات رئيسية: 

- بناء شبكة صرف صحي مركزية وخصوصا في وسط العاصمة والأحياء الأكثر تضررا (وهذا هو الحل الأكثر جدية وجذرية، لكن تكاليفه كبيرة؛ إذ سيقتضي من بين أمور أخرى ترميمات في الطرق الرئيسية وورشات أشغال دائمة قد تعرقل نظام المرور في المدينة المزدحمة أصلا لشهور طويلة). 

- الاكتفاء بنظام محطات التفريغ الذي يجري العمل على انجازه منذ سنوات فيما يتعلق بوسط المدينة، وتخطيط الأحياء الجديدة على أساس نظام صرف صحي عصري (لو أن العمل بهذه الرؤية تم منذ عشر سنوات فقط لما كان الأمر بالحال الكارثي الذي عليه الآن). 

- أما الخيار الثالث فهو الشروع من الآن في بناء عاصمة جديدة في مكان مناسب؛ وعلى أسس عصرية بالكامل بما فيها صرف صحي بالمعايير الحضرية. 

 

ومع أن فكرة العاصمة الجديدة هاته تتردد في أكثر من وسط ودائرة منذ سنوات؛ لكن كلفتها الاقتصادية والاجتماعية تجعل التفكير فيها في الوقت الراهن غير وارد وفق ما يرجح أغلب المتابعين. 

 

المجاري السياسية! 

وفي انتظار أن تتبلور الحلول الفنية للمعضل المواكب للعاصمة والذي تشكلت لجنة وزارية للنظر في حلوله المؤقتة والدائمة؛ طرح بقوة خلال الساعات الأخيرة سؤال عن إمكانية تعجيل الغضب الشعبي بتعديلات سياسية وحكومية بالأساس عسى أن تكون "وجه صرف سياسي" لما يتعذر حتى الآن صرفه بشكل صحي؛ وفي المسارب البيئية. 

 

ولعل مما يعزز هذا المنحى: 

- أن الانطباع السائد في الرأي العام أن الحكومة لم تنجح في مواجهة الأزمة مما عزز بؤر تذمر كانت قائمة بفعل ارتفاع الأسعار وخصوصا أسعار الوقود. 

- أن البلد دخل عمليا مواسم الحصاد السياسي والانتخابي، وهو ما قد يتطلب حكومة سياسية قادرة على المنازلة السياسية. 

- أن موضوع الكوارث الناجمة عن الأمطار هذا العام في الموسم الذي ما زال مستمرا؛ وما زالت إنذارات الفيضانات فيه قائمة خصوصا بالنسبة لنهر السنغال وسدي فم لگليتة وسگليل هذه الوضعية تتطلب فريقًا حكوميا يكون للموضوع البيئي والتغيرات المناخية  حضور جوهري عنده غير الحضور الشكلي الهامشي الذي ظل يشغل في التشكيلات الحكومية التقليدية.

خميس, 01/09/2022 - 17:37