لم يكن التعديل الوزاري الثاني في حكومة المهندس محمد ولد بلال بعيدا من نمط "التعديلات الحذرة" التي تطبع مجمل عمليات تغيير نمط الحكم في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني،ولكنها مع "علامة الحذر " تلك حملت - هي والتعيينات التي تلتها مؤشرات مهمة على أولويات المرحلة القادمة.
في زوم هذا الأسبوع نحاول قراءة رسائل التعديل ، واستشراف تأثيراتها المستقبلية على السنتين الأخيرتين من المأمورية الأولى.
إدارة القصر
كان أهم ما في التعديل الأخير تعديل أحد أهم المواقع الإدارية والسياسية في القصر الوزير الأمين العام للرئاسة حيث خرج وزير أول سابق ودخل نظير له؛ خرج يحي ولد أحمد الوقف الذي كان أهم الداخلين في التعديل قبل الأخير ودخل مولاي ولد محمد لقظف الذي ظل خارج المواقع الحكومية طيلة ما مضى من حكم الرئيس غزواني.
خروج ولد الوقف الذي كان يدير ملف الحوار المعلق من القصر بالتزامن مع إطلاق مسار حوار آخر من وزارة الداخلية؛ يقدم رسالة واضحة أن الحوار المطلوب هو حوار السقف المحصور في العملية الانتخابية الضاغطة وليس ذاك الحوار المصطحب لقضايا "النفس المعارض" الذي حاول ولد الوقف القادم من "عشرية معارضة " تنظيمه ولكنه لم يستطع تجاوز ميراث ضفتي مشهد انعدمت بينهما الثقة وقسمتهما الخلافات والحزازات شذر مذر.
دخول ولد محمد لقظف للقصر من البوابة الواسعة ليس أقل دلالة من خروج ولد الوقف:
- فهو يعني استدعاء النظام لأحد رجالات السلطة الذين كان لهم دور محوري في خلال المرحلة الماضية، وخاصة محطاتها الانتخابية كما أشرف على أول حوار بين السلطة وبعض أطراف المعارضة التي تربطه بها علاقات وثيقة وخصوصا حزبي التكتل والتحالف (سبق أن انتسب للأول بعد الإطاحة بنظام معاوية، وقد نسج علاقات توصف بالمتميزة مع الرئيس مسعود حين كان رئيسا للجمعية الوطنية).
- وهو يعني تعزيز مركز كبرى ولايات الوطن (الحوض الشرقي) في السلطة بعد أن لم تعد تتولى أيا من المناصب التمثيلية الكبرى (الرئاسة، رئاسة الجمعية الوطنية؛ الوزارة الأولى، رئاسة الحزب الحاكم)، وفي ذلك - إلى جانب تحقيق توازن لازم لفتة ذات علاقة بالمواسم الانتخابية المنظورة.
البحث عن الإنجاز
وإذا استثنينا داخل القصر وخارجه تبدو التعديلات محدودة ومرتبطة غالبا ب:
- حسابات تقويم الأداء الحكومي خلال المرحلة الماضية، وهو أمر جلي في وزيرين على الأقل ظهرت مؤشرات في وقت مبكر بعد اختيارهما على مواجهتهما لصعوبات واضحة في أداء مهامهما.
- السعي لتحقيق إنجاز أفضل في قطاعات حيوية وعليها يقع التركيز في برنامج التعهدات الرئاسية، حيث أسندت هذه القطاعات لرجال ثقة من من يعول عليهم في المسار السياسي والانتخابي في قابل الأيام.
زمن الانتخابات
لقد أظلكم زمن الانتحابات تلك هي الرسالة المشتركة بين التعديل الوزاري وما سبقه وأعقبه من أحداث ذات صلة:
- لجنة الإصلاح الحزبي التي عهد إليها باعادة تأسيس الحزب وتحضير الانتخابات، وهو ما تعزز بتفريغ رئيس الحزب من المهام الحكومية؛ ومن إصلاح التعليم ربما ليستفيد من تجربة الإصلاح تلك في إصلاح المؤسسة الحزبية.
- تعيينات المجلس الأعلى للشباب التي حظي أبناء عمد مدن أساسية بتعيينات فيها مما يؤشر على مسعى مبكر لتعزيز مراكزهم الانتخابية في نزال حزبي يتوقع أن يشهد تنافسيات قوية على أكثر من صعيد.