أعلن وزير التربية والتعليم الفرنسي ميشيل بلانكيه قبل أيام دعمه مقترحا بتعليم اللغة العربية في المدارس العمومية بهدف محاربة ما سماه "الإسلام المتطرف" بناء على تقرير لمعهد مونتاني للدراسات والبحوث في باريس، وهو الأمر الذي أثار انقساما واسعا في الأوساط السياسية الفرنسية.
وينضاف هذا المقترح إلى سلسلة من المبادرات والقوانين كانت قد أطلقتها الحكومة الفرنسية سابقا بهدف محاربة ما تصفه بـ"الإرهاب"، خصوصا في أوساط شباب الجاليات الإسلامية.
وأعلن حكيم القروي الأكاديمي الفرنسي من أصول تونسية الذي أعد التقرير تحت عنوان "صناعة الإسلام المتطرف" أن "الهدف من تعليم اللغة العربية في المدارس هو قطع الطريق على المساجد والمراكز الدينية التي تقوم بهذا الدور".
وأضاف القروي -الذي يعد أحد المقربين من مراكز القرار ومن الرئيس إيمانويل ماكرون- أن "اللغة العربية أداة يستخدمها الإسلاميون لنشر الأفكار المتطرفة في فرنسا".
مقترح "أيديولوجي"
ويبدو أن مقترح معهد مونتاني الذي يدعم تعليم اللغة العربية في المدارس الحكومية أيديولوجي وسياسي أكثر من كونه تربويا لأنه يستهدف بشكل خاص الجاليات العربية التي تفضل تسجيل أبناءها في المساجد من أجل تعليمهم اللغة العربية وتعاليم الدين الإسلامي.
وكشف معهد مونتاني في تقريره أن اللغة العربية في المدارس الحكومية شبه غائبة مقارنة باللغات الأخرى.
وأشار التقرير إلى أنه في 2016 بلغت عدد التلاميذ الذين يدرسون اللغة العربية نحو 13 ألف طالب أي ما يعادل نسبة 0.2% من بين 5.5 ملايين طالب.
وجاءت اللغة الإنجليزية في المرتبة الأولى بنسبة 99%، واللغة الإسبانية بنسبة 57%، والألمانية بنسبة 4.7%، والصينية بنسبة 0.7%.
وفي تصريح للجزيرة نت قال مؤسس الهيئة من أجل العدالة والحرية للجميع الناشط الحقوقي ياسر لواتي إن هذا المقترح يهدف إلى "إفراغ المساجد من أبناء الجاليات الإسلامية كي لا تعرف دينها ولا تتشبث بمعتقداتها".
وأضاف الناشط الحقوقي أن الحكومة تريد أن تجد مسوغا مقبولا، وذلك من خلال مقترح تعليم اللغة العربية في المدارس الحكومية بهدف تضييق الخناق على الجمعيات الإسلامية والمساجد التي تقوم غالبا بهذا الدور، وأحيانا بشكل غير منظم، ومن خلال اعتماد برامج تعليمية ضعيفة المستوى.
واعتبر لواتي أن تقرير "مونتاني" يتعامل مع مسلمي فرنسا "بازدراء، ويريد فرض الوصاية عليهم كما كان الأمر في الحقبة الاستعمارية، كي لا يتمكنوا من تنظيم أنفسهم والمطالبة بحقوقهم كاملة".
يشار إلى أن الحكومات الفرنسية المتعاقبة سعت منذ عقود إلى تنظيم ما يسمى "إسلام فرنسا"، وكان الرئيس إيمانويل ماكرون تعهد عند تسلمه السلطة قبل أكثر من عام بـ"إعادة تنظيم الإسلام الفرنسي"، حسب وصفه.
استشارات وطنية
كما أطلقت الحكومة الفرنسية قبل أسابيع ما تعرف بـ"الاستشارات الوطنية لمسلمي فرنسا" على مستوى الأقاليم من أجل معرفة تطلعاتهم فيما يخص شؤون العبادة وشكل الهيئات التي يرغبون فيها لتمثيلهم أمام مؤسسات الجمهورية.
وبات مسلمو فرنسا يعيشون تحت الضغط الشعبي والسياسي بسبب تورط عدد من أبناء الجالية في عدد من التفجيرات التي استهدفت فرنسا خلال السنوات الثلاث الماضية وخلفت أكثر من 130 قتيلا، مما نتج عنه تنامي ظاهرةالإسلاموفوبيا.
وفي السياق نفسه، كانت الحكومة الفرنسية قد أقرت بداية العام الجاري "خطة وطنية للوقاية من التطرف" تتضمن ستين إجراء، بينها تجفيف الفكر الأصولي في المساجد وعلى الإنترنت، وتشديد المراقبة الأمنية على الفرنسيين العائدين من سوريا، وطرد الأئمة الذين يتعارض خطابهم مع قيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية.
كما أقر البرلمان الفرنسي في أكتوبر/تشرين الأول 2017 بشكل نهائي قانون مكافحة الإرهاب الذي يمنح السلطات حق تفتيش منازل المتهمين بالتطرف، وإغلاق دور العبادة التي تحرض على العنف، وتقييد حرية الحركة بالنسبة للأشخاص الذين يشكلون تهديدا أمنيا للمجتمع.
المصدر : الجزيرة