في مديح "شوميرات"

اقريني امينوه

تلاشت صورة "شومير" الحقيقي التى رسمها برومانسية فى تسعينات القرن الماضي، لقد ضاعت فضفاضته  العتيقة التى تبالغ فى نصاعتها ردءا لكل حرج متوقع.
‏‎كان ثلاثي "السراح والكاسيت والمسواك-الذي الذي يُكمل به  عدته لمواجهة الواقع البطالي الصعب-آخر مسمار فى نعشه التوصيفي، تبعثرت ذكراه دون أن تتعرف عليه أجيال القرن الجديد.
‏‎كان "شومير" ملح كل بيت موريتاني، فهو فى الأخير احد أفراد العائلة بالتبني ؛الذي توقف زمنه الانتاجي بفعل سياسيات البنك الدولي ووزارة التخطيط الموريتانية،التى تلاشت هي الأخرى وسقطت من هيكلة الوزارات الموريتانية .
‏‎يتمتع عادة "شومير" بساعة بيولوجية مفارقة للواقع، ولديه قدرة خيالية على تحديد مواعيد وجبات  الطعام الرئيسة،وقادر على إعداد شاي مكتمل الجيمات،وسريع حتى فى ليالي أغسطس الإستوائية.
‏‎ إنه كائن غير قابل للترويض، ومتصالح مع إعاقته الاجتماعية ،ومولع بالعناق كدب لكوالا الذي يعانق الشجر. ومتخصص باللعب مع صغار العائلة التى تستضيفه ... وهو بالفعل كائن طيب ووادع ولايحمل ضغينة؛حتى على مدير تشغيل الشباب.
‏‎وبممارسة التحليل النفسي على عُدة "شومير" الأبدية؛ نفهم منها مبدئيا إقباله على الحياة؛ واجتماعيته التى تغيظ المتقاعدين، فإصراره على حمل شريط كاسيت فى جيبه هو سلاح مشهر فى وجه التعاسة التى تحاصر واقعه، كما أن مسواكه الذي لايفارقه هو تنظيف روحي ومادي لكل مايعلق  به من أدران الحياة البائسة؛ إنه شخص يتوق للكمال، أما "سراحه" الثابت فى قاع جيب دراعته؛ فهو تعويذة ضد بشاعة الشعر المنكوش التى تفاجئه فى صباحاته التى لاتدوم فى مكان واحد.

خميس, 06/10/2022 - 17:40