مساهمة في النقاش حول تقرير لجنة حقوق الإنسان عن القضاء

الهيبه الشيخ سيداتي

لقي تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الذي صدر هذا الأسبوع اهتماما واسعا وأثار ردود أفعال متباينة، لا سيما في شقه المتعلق بالعدالة الذي تضمن معطيات صادمة وتقييما لأداء المحاكم اتسم عموما بالسلبية.

وقد تميز تقرير اللجنة هذه المرة باهتمام غير مسبوق بالعدالة التي حلت في الصدارة، بعد المقدمة مباشرة، مستقلة بالفصل الأول الذي احتل أزيد من أربعين صفحة تضمنت معطيات وتفاصيل محددة، بينما استعرضت اللجنة في تقريرها السابق مشكلات العدالة في نحو ثلاث صفحات: 37 - 39 (المحور الثامن: ضمانات الحقوق الأساسية المرتبطة بالعدالة ضمن الفصل الأول المخصص للحقوق المدنية والسياسية).

فما الذي تغير في العدالة بين فترة التقريرين واستوجب هذا الإسهاب وهذا الغضب؟!

كثيرون احتفوا بالتقرير، وثمنوا جرأة تناوله لمشاكل قطاع تحيط به عادة هالة من الغموض والرهبة، كما أشادوا بوضوح وقوة الملاحظات والاستنتاجات التي تضمنها.

في المقابل، رأى آخرون في بعض مضامين التقرير تعميما غير منصف وتحاملا مبالغا فيه واستهدافا لأشخاص بذواتهم وهيئات بعينها. وهناك من اعتبر التقرير تدخلا من جهاز استشاري معاون للسلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية ومحاولة للتأثير عليها.

بل إن هناك من أعاد نبرة التقرير ومضمونه إلى اعتبارات خاصة تتعلق بموقف وزير العدل الرافض لسعي اللجنة لممارسة نوع من الرقابة والضغط على عمل المحاكم، كما ربطوا تركيز التقرير على محاكم بذاتها بمواقف شخصية حصلت خلال الفترة الماضية مثل منع السيد رئيس اللجنة من استخدام هاتفه في جلسة لإحدى المحاكم ركز عليها التقرير الغاضب.

بغض النظر عن هذه المواقف وتلك، هناك إجماع لدى المتدخلين حول نقاط من أهمها: وجود اختلالات ونواقص كثيرة في قطاع العدالة، وضرورة تكريس ثقافة التقييم والنقد، والحاجة إلى إحداث إصلاحات شاملة ومتوازية لا تراعي واقع العدالة فحسب، بل تضع في اعتبارها أيضا الاختلالات المتراكمة والإصلاحات اللازمة في محيط العدالة المؤسسي والاجتماعي.

      

جمعة, 25/11/2022 - 11:50