محاكمة العشرية.. الجدل حول "المادة 93" يهيمن على الأيام السبعة الأولى

المصدر: الصحراء

مرّت حتى الآن سبعة أيام من المحاكمة المثيرة للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز واثنين من وزرائه الأول واثنين من وزراءه بالإضافة إلى مسؤولين آخرين ورجال أعمال. 

 

الأيام السبعة الأولى هيمن عليها دفع محامي المتهمين بعدم اختصاص المحكمة بناء على المادة 93 من الدستور التي تمنح الرئيس حصانة عن أعماله خلال فترة وجوده في الرئاسة، وفقا لمحامي الدفاع. وقد ردّت النيابة ومحامو الطرف المدني (الدولة) معتبرين أن الحصانة ظرفية وتتعلق بفترة ممارسة السلطة فقط، كما أنها لا تشمل ما هو خارج عن وظائف الرئيس المحدّدة بالدستور. 

 

المادة 93.. تعددت التفسيرات: 
مرافعات استغلت فيها الأطراف التشريع الإسلامي والفقه والقانون والأدب والتاريخ والسياسة، لكن الأكثر تداولا والذي حضر في جميع المداولات تقريبا هو ما أثير في فرنسا حول تفسير المادة 68 من دستور 1958 المطابقة لنص المادة 93 من دستورنا الحالي. 

 

وقد تبادل محامو المتهمين ومحامو الدولة الاتهامات حول من بدأ باستغلال الفقه القانوني الفرنسي. وهكذا قال محمد محمود ولد محمد صالح (الطرف المدني) إن التفسيرات الفرنسية للمادة 68 من دستور فرنسا شغلت 95% من مرافعات محامي الدفاع سعيا منهم لإقناع المحكمة بأن القانون في فرنسا لم يعرف الأعمال المنفصلة قبل تعديل المادة 68 سنة 2007. 

 

فيما ردّ المحامي الشيخ ولد حمدي (فريق محامي عزيز) قائلا: إن محامي الدولة يريدون منا أن نطبق ما هو موجود في فرنسا متناسين ما تم هناك من حركة تشريعية لم تتم لدينا ولم نواكبها، مضيفا: كيف يمكن أن نُطبّق ما هو في موجود في دستور آخر تم تعديله بما يخالف دستورنا؟ مضيفا لم لا نختار إذن تطبيق الدستور الفرنسي بدل دستورنا. وقد اعترض القاضي على هذه الجملة الأخيرة وطلب منه سحبها لما فيها من مساس بسيادة البلد. 

 

ومع ذلك استعرض ولد حمدي قرارا لمحكمة النقض الفرنسية صادرا في نهاية التسعينات من القرن الماضي حيث قضت بعدم متابعة الرئيس الأسبق جاك شيراك في قضية الوظائف الوهمية خلال فترة إدارته لبلدية باريس واعتبرت المحكمة أن رئيس الجمهورية لا يمكن المساس به. 

 

المحامي اعتبر أن هذا القرار حاسم في تفسير تلك المادة بصيغتها الأصلية خاصّة أن الدعوى تتعلق بأعمال لا علاقة بوظائف رئيس الجمهورية المحدّدة بالدستور. 

 

كما استند المحامي محمد المامي ولد مولاي اعل (فريق محامي عزيز)، كذلك، إلى قرار للمجلس الدستوري الفرنسي صادر بتاريخ 22 يناير 1999 اعتبر أن الرئيس خلال مأموريته لا يمكن أن يحاكم جنائيا إلا من طرف محكمة العدل السامية دون أن يميّز بين الأفعال المرتبطة بوظيفته والأفعال غير المرتبطة بها. واعتبر ولد مولاي اعل أن البيان الذي أصدره المجلس لاحقا في أكتوبر 2000 والذي ميّز فيه بين أفعال الرئيس المرتبطة بوظائفه والمنفصلة عنها هو بيان سياسي لا حجية له قانونا. 

 

وهو ما رفضه محمد محمود ولد محمد صالح معتبرا أن البيان ليس سوى تفسير للقرار وأن تفسير المحاكم لقراراتها له نفس حُجّيّة قراراتها. 

 

واعتبر ولد محمد صالح أن نظرية الأعمال المنفصلة ليست جديدة في فرنسا بل إن أول من أثارها هو جان فوايي الذي شارك في صياغة هذه المادة عندما كان وزيرا للعدل وقال سنة 1960 إن الرئيس ليست لديه أي حصانة فيما يتعلق بالأفعال المنفصلة عن وظائفه. 

 

وأكد أن متابعة الرئيس على الأعمال المنفصلة لم تكن مثار جدل مطلقا في فرنسا، وأن قانونيين كبارا اعتبروا أن تعديل 2007 لم يكن له ضرورة فالمادة 68 بصيغتها الأصلية كان وافية بالمقصود. 

 

وقد تحدّث المحامي مختار ولد اعل (محامي ولد امصبوع) عن الخلفية التاريخية لإعداد دستور 1958 معتبرا أن واضعي الدستور كان يفكرون في تحصين أنفسهم شأنهم في ذلك شأن الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطائع عندما أصدر دستور 1991 فقد كان يريد تحصين نفسه من المحاكمة خاصّة بعد أحداث نهاية الثمانينات، مضيفا أن قانون العفو الذي صدر سنة 1993 يشهد لذلك. 

 

الدفوع الشكلية.. 

ولم تكن المحكمة حاسمة في قرارها الثالث الخاص بالدفوع الشكلية بل اكتفت بالإعلان أنها قرّرت ضمها للأصل. 

 

قرار وإن كان يتضمن رفضا ضمنيا لما طلبه محامو الدفاع من إعلان المحكمة عن عدم اختصاصها فإنه يترك الباب مفتوحا على احتمالي قبول أو رفض حصانة الرئيس عن أعماله أثناء الرئاسة.

أربعاء, 08/02/2023 - 18:36