مع مرور كل يوم تصبح خيارات باكستان لإحياء برنامج صندوق النقد الدولي محدودة ، وسط اضطرابات اجتماعية واسعة ، على خلفية الصعوبات المعيشية المتأججة، بفعل الغلاء الذي وصل إلى ذروته، وسط إذعان الحكومية لاشتراطات صندوق النقد التي تتضمن زيادة الضرائب وإلغاء الدعم.
أصبح الوفاء بالاحتياجات الأساسية بالنسبة للغالبية العظمى في باكستان شبه مستحيل، مع تصاعد معدل التضخم إلى أعلى مستوى له في نحو نصف قرن، مع قيام الحكومة برفع أسعار الطاقة والضرائب وتعويم سعر العملة الوطنية وزيادة أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى في أكثر من ربع قرن، للوفاء بشروط قاسية لصندوق النقد الدولي، من أجل الحصول على حزمة تمويلية متعثرة.
، يؤكد محللون أنها لن تبعد شبح الإفلاس عن الدولة المثقلة بالديون، حيث لم يتم التأكد بعد من الكيفية التي ستمضي بها البلاد في إنجاز برنامج صندوق النقد الدولي الحالي في الموعد النهائي لانتهائه في 30 حزيران 2023.
ينتظر صندوق النقد الدولي التأكيد على متطلبات التمويل الخارجي على الرغم من تقديم إسلام أباد ضمانات بقيمة 3 مليارات دولار من الودائع الإضافية من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة (الإمارات العربية المتحدة).
تحذيرات اقتصاديين وسياسيين من تداعيات الإذعان لشروط صندوق النقد الدولي على الوضع الاقتصادي والاجتماعي لملايين الأسر وبالتالي استقرار البلاد، قال رئيس الوزراء شهباز شريف خلال اجتماع مع كبار مسؤولي الأمن في مكتبه في إسلام أباد أذاعه التلفزيون مباشرة، إن بلاده مضطرة لقبول الشروط القاسية للصندوق من أجل الحصول على طوق نجاة للاقتصاد، مضيفاً: "مضطرون لأن نقبل، مرغمين، الشروط الصارمة لاتفاق صندوق النقد الدولي".
وترى مؤسسات تصنيف ائتمان دولية أنه حتى مع حصول باكستان على حزمة تمويل من صندوق النقد فإن شبح الإفلاس لن يفارقها، لذلك تكافح باكستان للحصول على حزمة من صندوق النقد بقيمة 1.1 مليار دولار، كانت قد توقفت منذ كانون الأول الماضي بسبب عدم تلبية الشروط، وهي من ضمن اتفاق جرى إبرامه عام 2019 للحصول على قرض بقيمة 6.5 مليارات دولار.
وبحسب محللين، فإن مدفوعات الديون الخارجية الباكستانية ستبقى مرتفعة للأعوام القليلة المقبلة، كما أن خيارات التمويل لما بعد حزيران 2023 غير مؤكدة بشكل كبير، وتتراوح الاحتياجات المالية الخارجية لباكستان للعام المالي المقبل الذي يبدا في الأول من تموز بين 35 و36 مليار دولار، بما في ذلك 25 و26 مليار دولار لسداد الديون الخارجية، و10 مليارات دولار للعجز التقديري في الحساب الجاري.
وتبدو القروض التي تحصل عليها الدولة هزيلة أمام الديون الجامحة، إذ حصلت الدولة في شباط الماضي على قرض بقيمة 700 مليون دولار من بنك التنمية الصيني، بالمقابل يراهن المسؤولين الباكستانيين على تحصيل المزيد من القروض بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، حيث تعتمد جميع التسهيلات المالية الأخرى على إيماءة واحدة من المقرض الذي يتخذ من واشنطن مقراً له
تحوّل الكثير من بنود الإنفاق إلى خانة الرفاهية مع انحسار القدرات الشرائية لمعظم المواطنين وسط تضخم غير مسبوق وتسارعت أسعار المستهلكين في شباط الماضي إلى 31.55%، وهي أعلى نسبة منذ عام 1975، وفقاً لبيانات بنك باكستان المركزي.
تعدّ باكستان من أكثر الدول في آسيا التي تعاني من الديون الخارجية بعد سريلانكا، حيث بلغت 128 مليار دولار حتى آذار 2022، وفقاً لشركة "سي إي آي سي داتا" البريطانية المتخصصة في البيانات الاقتصادية وبلغت ديون صندوق النقد الدولي فقط لدى الدولة 17.7 مليار دولار بنهاية آذار 2022.