2/5 حزب الإنصاف واكتساح نواكشوط .
على مستوى نواكشوط حقق الحزب الحاكم فوزا غير مسبوق في تاريخ الأنظمة الحاكمة في البلاد منذ بداية المسلسل الديمقراطي 1992. ويمكن تفسير هذا الاستثناء بأمور منها الفني ومنها السياسي.
- من الناحية السياسية، نجح ولد الغزواني في تجريد المعارضة من سلاحين كانت تستخدمها لإقناع جماهير نواكشوط.
الأول؛ الخطاب المتعلق باللحمة الاجتماعية وإنصاف الفئات المسبوقة فتبنى غزواني هذا الخطاب وجعله شعار إنجازاته الحكومية، وغير اسم حزب السلطة لينسجم مع هذا التوجه، وكان المهرجان الجامع الوحيد الذي نظمه الحزب في نواكشوط منذ وصول غزواني للسطلة حول نفس الموضوع، ثم جاءت ترشيحات الحزب مبرهنة على مستوى حضور هذه القضية في استراتيجية النظام الانتخابية. وبذلك سجل الحزب نقاطا سياسية مهمة، تماما مثلما تفوق ولد عبد العزيز على المعارضة في انتخابات 2009 في نواكشوط بتبنيه لشعار الحرب على الفساد وتبني مشاكل سكان نواكشوط الأكثر فقرا، وفي مقدمتها مشكلة الگزرات.
أما السلاح الثاني فهو سلاح الاحتجاج والمظلمة السياسية، فمنذ تولي غزواني للسلطة لم تنظم المعارضة أي مسيرة احتجاجية ولم تنزل للشارع ولا مرة واحدة، رغم زيادة أسعار المحروقات وغيرها من القرارات والأوضاع التي طالما احتجت المعارضة لأسباب دونها في الأهمية والتأثير.
يمكن القول إن غزواني استطاع باستراتيجية التهدئة التي ميزت تعاطيه مع معارضيه أن ينتزع من المعارضة في نواكشوط ما عجزت أنظمة سابقة عن انتزاعه بالتصعيد والمواجهة.
ويمكن القول إن هذه الانتخابات أثبتت أن هذا النظام يحقق غالبا بالتهدئة أكثر مما يحقق بالتصعيد، فالدوائر التي شهدت تصعيدا وتوترا خسرها الحزب الحاكم (نواذيبو، كيفه، وادان، وإلى حد ما كرو).
- من الناحية الفنية، تسبب العدد الكبير للأحزاب المشاركة في الانتخابات الماضية بتشتت أكثر من نصف الأصوات في نواكشوط والدوائر الوطنية، حيث صوت 50% من الناخبين لمرشحين لم يفوزوا. أما هذه المرة، فقد انحصرت الخيارات أمام هؤلاء في 25 حزبا 15 منها من الأغلبية، وهو ما أدى لتركيز أصوات القاعدة الاجتماعية التقليدية للسلطة بسبب محدودية الخيارات وسهولة التعبئة.
ورغم كل هذه العوامل التي استفاد منها الحزب الحاكم فإنه ما زال بحاجة لحسم ثمانية مقاعد في الشوط الثاني حتى يؤمن أغلبية مطلقة في البرلمان، وهو تقريبا نفس الوضع الذي كان قائما غداة الشوط الأول لانتخابات 2018.