ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها/ الدكتور عبد الرحمن بن أحمد

إساءة واقعية لعرض أكرم البرية، وإساءة افتراضية لعرض رئيس الجمهورية، قوبلت الواقعية من رجال الدولة وساستها بتستر وتكتم وبطء في أخذ الجاني  المرتكب، وقوبلت الافتراضية بتشنيع واستنكار وسرعة قبض على المقدر المفترض، فهل كانت الواقعية أشد في نفوسكم من الافتراضية، أم كان عرض رئيس الجمهورية أعظم في صدوركم من عرض أكرم البرية ؟

أي ميزان تزنون به؟ هل وزنتم بين الواقعتين بميزان الإيمان والمحبة في القلوب أم وزنتموهما بميزان الدراهم والدنانير في الجيوب ؟

ما أشبه حالكم بحال أهل العراق يسألون عن دم البراغيث، ولا يسألون عن دم الحسين، ألم تسمعوا قول مالك "ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها"؟  فلا بقاء لعرض أحد من الأمة بعد انتهاك عرض أكرم البرية، كيف والمنتهك ما زال حيا بين أظهركم، وقد أحيل إلى قاض في إجازة، أما النائب فجَلست له المحكمة  واستُدعيتْ له غرفةُ الاتهام بعد ذلك ثم دُبجت المقالات في النيل منه!!

إنه لو قيس عرض الأمة صغيرها وكبيرها، راعيها ورعيتها إلى عرض أكرم البرية لم يكن يساوي إلا نقطة من بحار عظمته وجلاله صلى الله عليه وسلم.

 

لولاك ما أنزل الذكر الحكيم ولا
الدين القويم ولا ما في الصحاح روي

ولا وعاه ابن مسعود ولا أنسٌ

ولا رواه أبو داوود والنووي

ولا أقيمت من الإسلام قاعدةٌ
ولا بدا فضلٌ سُنّي على حشوي.

فهلا جعل رجال الدولة وساستها  عرض الراعي والرعية وقاية دون عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
ﻓﺈﻥ ﺃﺑﻲ ﻭﻭاﻟﺪه ﻭﻋﺮﺿﻲ...
ﻟﻌﺮﺽ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻨﻜﻢ ﻭﻗﺎء 

إنّ ميزان المحبة والإيمان أن تقيموا أولا الحدَّ على الجاني وقايةً لعرض أكرم البرية، فإذا أقمتموه فلتحموا بعد ذلك عرض رئيس الجمهورية، الذي لم يتضرر أبدًا من مداخلة النائب الموقر محمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل، فما ألزموه به المدافعون عن النظام وموالاته من تجريح الرموز لا يلزمه؛ لأن قضية كلامه تقرر هكذا: "لو قيل ما صدر من المسيء على نفسه في حق الرموز لقامت قيامتهم دفاعا عن نفوسهم". وهذه قضية شرطية مدلولها استلزام مقدمها لتاليها، ولا دلالة لها على صدق طرفيها؛ إذ بعد دخول "أداة الشرط" لم يعد الطرفان يحتملان الصدق والكذب، ومن المقولات المُسَلمة أن القضية الشرطية لا تقتضي الإمكان فضلا عن الوقوع. فلو كانت تقتضي وقوع الشرط لكان قوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)، محظورا، واللازم باطل فالملزوم مثله. 
فقولنا مثلا: لو كانت العشرة ضعف الاثنين لكانت العشرة أربعة، قضية صادقة، وطرفاها كاذبان. 
فغضب أولئك المدافعين عن الرموز إنما يدل على صدق حكم قضية النائب محمد بوي، لا على صدق ما ادّعوا من التجريح للرموز.
فرّج الله عن النائب الموقر والاستاذ محمد نوح، ووفق النظام إلى تعجيل محاكمة المسيئة لتنال العقاب الذي ينص عليه الشرع والقانون، ومن الغرابة أن تمر الأيام بعد الأيام دون أن نسمع عن أمر المسيئة شيئا، وفي طرفة عين ترفع الحصانة ويحاكم من ليست له يد في الإساءة:
سريع إلى ابن العم يلطم وجهه 
وليس إلى داعي الندى بسريع ..
دُعي البرلمان والقضاة فأجابوا سريعا حين تعلق الأمر بحماية الرموز ، واثاقلوا إلى الأرض حين تعلق الأمر بأفضل البريه عليه أفضل الصلاة والسلام.
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

جمعة, 18/08/2023 - 11:50