عبر وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوك عن التضامن مع النساء الفلسطينيات "في ما يتعرضن له هذه الأيام من عنف أعمى واعتداءات آثمة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في تحدٍ سافر لكل المعايير الأخلاقية والمواثيق الدولية.
ودعا ولد مرزوك، خلال افتتاحه المؤتمر الدولي حول “المرأة في الإسلام: المكانة والتمكين" في السعودية، اليوم الاثنين، إلى بذل كل الجهود الممكنة لوضع حد لمأسات نساء فلسطين ومأساة جميع سكان البلاد، وتقديم الإغاثة الإنسانية العاجلة، وتوفير الحماية المستدامة لهم.
وفي ما يلي خطاب الوزير الذي ألقاه بوصفه رئيسا دوريا لمجلس وزراء منظمة التعاون الإسلامي:
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين،
سمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود وزير الخارجية بالمملكة العربية السعودية،
أصحاب السمو والمعالي،
صاحب المعالي السيد حسين ابراهيم طه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي،
أصحاب السعادة السفراء،
السيدات والسادة،
أود في البداية أن أتقدم بجزيل الشكر لسمو الأمير فيصل بن فرحان وصاحب المعالي حسين إبراهيم طه على الدعوة الكريمة التي وجهاها إلي لمشاركتهما اليوم افتتاح هذا المؤتمر الهام تحت عنوان “التمكين للمرأة في الإسلام”.
كما أود أن أُعرب للمملكة العربية السعودية الشقيقة عن بالغ امتناننا لما لقيناه من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وما لمسناه من جودة التنظيم لهذا الحدث الدولي الكبير.
أيتها السيدات أيها السادة،
إن تنظيم هذا المؤتمر بهذا الزخم غير المسبوق، يعكس بصدق رؤية المملكة العربية السعودية المتبصرة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، لقضايا الأمة الإسلامية الكبرى، وحرصهما المشهود على حماية الحقوق والحريات المشروعة المنسجمة مع قيمنا الإسلامية الفاضلة، بما يساهم في توطيد الأمن في المجتمع وتقوية التآلف والتكامل بين جميع أفراده، ويحقق الرفاه الشامل والتنمية المستدامة لشعوبنا.
ففي هذا السياق تتنزل الحاجة إلى تسليط أضواء كاشفة على ما خصت به تعاليم وقيم الإسلام السمحة المرأة من تكريم وإجلَال لا ينكرهما إلا مُكابر أو مُصابٌ بِدَاء الجُحُود أو آفَةِ الجُمود، أو مُفْتَتَن بالاتجاهات المرَوِّجة لانحرافات آثِمة تنكب عن صراط الفِطْرةِ البشرية السليمة التي فطر الله الناس عليها.
وتنبع أهمية هذا الموضوع كذلك مما تفرضه اللحظة الراهنة من ضرورة استنهاض العقول وَتَعْبِئَةِ كافة مُقَدِّرَاتِ الأمة من أجل الأخذِ بأسباب النهضة والرُّقِي لِلَّحَاقِ بِرَكْبِ الأمم المتقدمة على بصيرة وبَيِّنِةٍ من ثوابت هويتنا الثقافية والحضارية المتميزة.
أيتها السيدات أيها السادة
إن تمكين المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية ينبغي أن يحتل مكانة الصدارة في أية رؤية استراتيجية نَبْنِيها لتحقيق النهضة المنشودة.
ومن هذا المنطلق، ينبغي علينا أن نقاوم بقوة ما تواجهه المرأة من مُثَبِّطَاتٍ أساسها عادات وتقاليد بالية وبِدَعٌ مُنكرة تُكَبِّلُها وتضع في طريقها حواجز وعقبات مُخْتَلقَةً ما أنزل الله بها من سلطان.
إننا نريد للمرأة أن تَنْعَمَ بحقوقها كاملة غير منقوصة، كما حفِظها لها كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتؤدي بأمانة ما افْتُرِضَ عليها من المشاركة الفاعلة في أداء مُهِمَّة الاسْتِخْلاف في الأرض وعِمارتها بالعلم والعمل البنَّاء في مَنَاحي الحياة جميعا، إلى جانب أخيها الرجل.
ومِمَّا يُثْلِجُ الصَّدْرَ فِعْلا أن نرى حضور النساء في الحياة العامة يتعزز يوما بعد يوم في عالمنا الإسلامي، بفعل تَعَاظُم معدَّلات تعليم الفتيات وفتْحِ الأبواب أمامهن لاقتحام مجالات عديدة كانت إلى عهد قريب حَكْرًا على الرجال.
وفي هذا الصدد، اسمحوا لي أن أشير إلى ما تبذله الحكومة الموريتانية، بتوجيهات سامية من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، من جهود متواصلة في سبيل التمكين للمرأة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال وضع وتنفيذ العديد من الاستراتيجيات والخطط والبرامج الطموحة.
ويَشْمَل ذلك، من بين أمور أخرى، سَنَّ التشريعات الضرورية واتخاذ التدابير اللازمة للرفع من نِسَبِ تَمَدْرُس الفَتَيات، والعناية بصحة الأمهات والأطفال، وإقامة البُنى المؤسسية والمشاريع الاقتصادية التي من شأنها مواجهة الغُبن والتفاوت وتحسين مؤشِّرات العدالة الاجتماعية.
وقد تَعَزَّزَ، بِوجه خاص، مستوى المشاركة السياسية للمرأة الموريتانية حيث بلغت نسبة النساء حاليا 23,3 من مقاعد البرلمان، و 21,4 من أعضاء الحكومة و36,15 من أعضاء المجالس البلدية، بالإضافة إلى حضور متزايد في مختلف الوظائف العمومية الكبرى ومراكز اتخاذ القرار المختلفة.
أيتها السيدات أيها السادة
لا يمكن أن نختم هذه الكلمة دون إعلان تضامننا مع أخواتنا الفلسطينيات فيما يتعرضن له هذه الأيام من عنف أعْمَى واعتداءات آثِمة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في تحَدٍّ سافر لكل المعايير الأخلاقية والمواثيق الدولية.
وأجدد بهذا الشأن، باسم الحكومة الموريتانية، الدعوة إلى بذل كل الجهود الممكنة لوضع حد لمأساتهن ومأساة جميع الفلسطينيين، بتقديم الإغاثة الإنسانية العاجلة، وتوفير الحماية المستدامة لهم.
وفي الأخير، اسمحوا لي أن أتمنى لأعمال هذا المؤتمر النجاح والتوفيق، وأنا على يقين من أن هذا المستوى الرفيع من المشاركة السياسية والعلمية، وما يتضمنه برنامج العمل الذي تم وضعه من فعاليات، سيَضْمَنَان لنا الخروج بنتائج هامة تخدم قضية التمكين للمرأة وتعزيز دورها في ما نتطلع إليه من نهضة وتقدم وازدهار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.