كم انت عظيمة يا غزة!

القصطلاني إبراهيم

طوال 37 يوما، تمطرين بسحب النار، و قلوبنا تتفطر آسى، تتفطر من هول ما تشاهده، و تتفطر من المواقف المذلة للعالم العربي و الإسلامي إتجاه العدوان عليك، و رغم ذلك لا تزالين  أيتها الأسطورة تفاجئيننا بعزتك و صلابتك و علو همتك و عظيم شانك.

 

 

كل شيئ فيك يجاهد في سبيل الله و يقدم أروع مثال للإسلام و الإيمان.

ليس فقط أولئك النخبة من القسام و المقاومين الذين يواجهون حربا عالمية تقودها أقوى دول العالم و ينجزها أكثرهم خبرة في الإبادة و اللاإنسانية، فأولئك القساميون و المقاومون فعلا يمنحون كل من ينظر إليهم، شحنة إيمانية فائقة، يدرك من خلالها معنى الإيمان الحق، و يقرأ آيات القرآن في واقعهم، و بطولاتهم التي تكاد تكون ضربا من الخيال.

 

 

لكن أطفال غزة و نسوانها هم أيضا مثال حي و قوي لمقاومة الباطل و صمود الحق، لقد أسلم غربيون بسبب صمود أولئك الأبطال و قوة صبرهم و رباطة جأشهم.

 

و أطباء غزة أيضا كانوا مثالا للإنسان الحر المتمسك بمبادئه المتشبث بمسؤوليته، فقد رابطوا مع مرضاهم حتى الموت رغم تهديدات الصهاينة، و رغم انهم يعرفون جيدا مدى فظاعة و قسوة و عدم إكتراث الصهاينة بما سيفعلون، و أن إستهدافهم بالنسبة للصهاينة أمر في منتهى البساطة، و لم لا و هم يرتكبون المجازر بحق النساء و الأطفال بهدم المنازل على رؤوسهم ليل نهار.

 

 

المجتمع الغزاوي هو الآخر في مشهده العام و الخاص كان روعة في التضامن و التآلف و الثبات في سبيل الوطن و الحق و القضية، فلم يرضخ للمغريات و التهديدات و لم تثنه الحروب و الكروب عن هدفه و مبادئه و قيمه.

 

و حتى نكبة غزة كانت هي الأخرى تؤدي رسالة قوية واسعة الإنتشار، تكشف وهن و ضعف المجتمع الدولي إتجاه الدكتاتوريين، و تظهر زيف و كذب الشعارات التي يتغنى بها زعماء الغرب من عدالة و ديمقراطية، و إنسانية و قانون و مساواة.

 

لقد أعطت غزة في كل زاوية منها دروسا و خلاصات ميدانية، تبين بشكل واضح لا لبس فيها، أن من يحكمون العالم اليوم هم أحوج الناس للأخلاق و القيم و أنهم أقرب لعصابات ذات أهداف سلطوية منفعية منهم إلى أنظمة و دول.

 

كما أوضحت لسكان العالم، كل العالم، أن هناك إنفصام كبير بين انظمته و شعوبه، و أن الشعوب في اغلبها يتم تضليلها و قهرها و إجبارها و تنويمها مغناطسيا بواقع مكتوب في الصحائف و مفاهيم  منطوقة في المؤتمرات، لا تتعدى حناجر و أقلام من كتبوها، فهي شعوب مستعمرة من طرف حكامها و من يتوقع أن يكونوا يمثلونها.

 

 

غزة الآن و من قبل و التي تحاصر منذ حوالي عقدين،هي منظومة القيم العليا التي يتعلم منها العالم، معنى النضال و الصمود، و الضمير و الوطنية، و المقاومة، و السلام و الإيمان.

 

 

إنها قلب الإنسانية النابض، و منبع الضمير الحي، و مصدر المجد الخالد.

 

فتحية لك أيتها الاسطورة الخالدة، بكل تفاصيل حياتك.

خميس, 16/11/2023 - 11:28