إثر عام يمكن أن يوصف بعام الانقلابات ومحاولات الانقلاب في إفريقيا وغربها على وجه الخصوص يأتي عام 2024 ليكون "عام الاختبار الكبير للديمقراطية في إفريقيا"، على حد وصف الكاتب الصحفي الفرنسي، فرانسوا سودان.
يتجه المواطنون إلى صناديق الاقتراع في عدد مهم من الدول الإفريقية، من بينها دول تُدشّن فيها الانتخابات عودة للنظام الدستوري الطبيعي ودول أخرى تشهد تناوبا لافتا. في الأيام الأخيرة من 2023؛ شهدت القارّة استحقاقيْن رئاسيين مهمّين في مصر والكونجو في بداية سلسلة من الاقتراعات في العام الذي بدأ لتوّه.
مالي.. سباق جديد نحو قصر كالوبا..
و لم يحدّد العقيد آسيمي كويتا موعد الانتخابات المرتقبة في مالي وإن كان تعهّد بعودة النظام الدستوري، خلال العام الجاري، في خطابه بمناسبة العام الجديد. بدا العقيد كويتا مزهوّا بما تحقّق من انتصارات خلال الأشهر الماضية مكّنت الجيش المالي من استعادة أراض كانت خارج سيطرته منذ أكثر من عقد.
كانت الانتخابات مُقرّرة في فبراير لكنّ الحكومة أعلنت تأجيلها لأجل غير مسمى لأسباب فنيّة، كما قيل.
تونس.. هل يحافظ أسعيد على كرسي الرئاسة؟
أكّدت لجنة الانتخابات أن الرئاسيات ستنظم في سبتمبر من العام القادم لانتخاب رئيس جديد في ظل الدستور الجديد. الانتخابات تشكّل نهاية حقبة استثنائية بدأها الرئيس قيس اسْعيّد في 25 يوليو 2021 ومارس خلالها الحكم المطلق ملغيا مجلس النواب المنتخب والحكومة وتوّج إجراءاته الاستثنائية بكتابة دستور جديد حوّل البلاد من النظام البرلماني إلى نظام رئاسي مُطلق يتمتّع فيه الرئيس بصلاحيات واسعة.
لم يُعلن أحدٌ حتى الآن ترشُّحه بشكل رسمي؛ لكن من المتوقّع على نطاق واسع أن يُعلن اسْعيّد البالغ من العمر 66 عاما عن ترشُّحه لشغل المقعد الرئاسي الوثير الذي فصّله على مقاسه في الدستور الجديد.
السنغال.. من سيخلف صال؟!
على العكس من ذلك؛ فقد تخلى الرئيس ماكي صال عن الترشح للرئاسيات في السنغال رغم تأكيده على أحقيته بالترشح ليشكّل بذلك سابقة في تاريخ بلاده وفي المنطقة الإفريقية تعزّز النموذج الديمقراطي في السنغال الذي تضرّر كثيرا بسبب قمع مظاهرات المعارضة التي قادها خلال ولاية صال الثانية السياسي الصاعد أوسمان سونكو.
ستجري الانتخابات في نهاية فبراير وقد تقدّم لها 90 مُرشّحا من بينهم مرشّح الرئيس صال ووزيره الأول آمادو با بالإضافة إلى عدد من زعماء المعارضة من بينهم خصم الرئيس اللدود سونكو وعشرات من المرشّحين المغمورين الذين يتوقّع ألا يُكمل الكثير منهم السباق بعد تدقيق المجلس الدستوري في الملفات وإعلانه القائمة النهائية منتصف يناير الجاري.
موريتانيا.. الرئيس غزواني نحو مأمورية ثانية؟!
إلى الشمال من السنغال؛ لم يعلن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، حتى الآن، ترشُّحه لولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية بموريتانيا رغم أنّ كل المؤشّرات تدل على أن ترشُّحه مؤكدٌ ويحظى بدعم أغلبيته بل ربّما يتجاوز مناصروه الأغلبية الحالية. لذا فإن إعادة انتخابه شبه مؤكّدة، حسب إحدى المجلّات ذائعة الصيت.
ستجري الانتخابات قبل نهاية يونيو المقبل ولم يعلن أي من قادة المعارضة حتى الآن ترشُّحه للرئاسة سوى النائب بيرام الداه اعبيد. وسيكون أمام مرشّحي المعارضة عائق يتعيّن عليهم اجتيازه من أجل تقديم ملفاتهم إلى المجلس الدستوري وهو التزكيات التي تنص التشريعات الحالية على أنها يجب أن تكون من طرف 100 منتخب محلي من بينهم خمس عمد.
ولا تملك أحزاب المعارضة سوى 10 عُمد موزّعة بين تواصل (8 عمد) وتحالف الصواب/إيرا (عمدتان).
الجزائر.. تبون وطموح الولاية الثانية..
وفي ديسمبر المقبل ستجري انتخابات رئاسية في الجزائر وسيكون أمام الرئيس عبد المجيد تبون فرصة إعادة الترشح لولاية ثانية وأخيرة.
ولم يُعلن تبّون، صراحة، عن ترشُّحه؛ غير أنّه لمّح لذلك عندما ردّ على نواب طالبوه بالترشح بقوله "إن شاء الله يعطيني الصحة الكافية".
وذلك بعد خطاب في 25 ديسبمر المنصرم دافع فيه عن حصيلة حكمه أمام أعضاء غرفتي البرلمان الجزائري.
رواندا.. هل تجدد لكاغامي بعد ثلاثة عقود من الحكم؟؟
جنوبا؛ لا تزال لدى الرئيس بول كاجامي الرغبة في ممارسة السلطة لـ 7 أعوام أخرى إضافة إلى الثلاثين عاما الذي أتمّها في سلطة وصل إليها إثر حرب أهلية طاحنة في العام 1994.
ستجري الانتخابات في رواندا في يوليو المقبل ويبدو كاجامي -الذي يقول مؤيدوه إنّه حقّق معجزة تنموية في بلاده ويقول مناوؤوه إنه يحكم البلاد بقبضة من فولاذ ويخنق الحريات - أمام اختبار سهل لإعادة تنصيبه من جديد رئيسا.
جزر القمر.. انتخابات على مقاس الرئيس؟
كما غيّر رئيس جزر القمر إسماعيل غزالي الدستور لتمكّن من الترشح لولاية ثالثة في الانتخابات التي ستجري منتصف يناير الجاري.
وفي أقصى جنوب القارّة؛ يواجه حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي يحكم جنوب إفريقيا تحديا كبيرا للاستمرار في السلطة بعد 30 عاما من ممارستها بدفع كبير من زعيمه الراحل نلسون مانديلا.
سيتم تجديد الجمعية الوطنية (الغرفة السفلى في البرلمان) في مايو المقبل، وفي نفس الشهر ستجري الانتخابات الرئاسية غير المباشرة لاختيار رئيس جديد سيكون حزب الأغلبية الجديد هو من سيُحدّده. من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال؛ ستكون القارّة السمراء على موعد مع استحقاقات انتخابية حاسمة (رئاسية، برلمانية، محلية).
ورغم أن المواعيد الانتخابية أصبحت روتينية؛ إلا أنها تجذب الاهتمام، هذه السنة بشكل خاصّ، نظرا لكونه تأتي على خلفية موجة الانقلابات ونظرا لكثافة عددها ورمزية عدد منها.. فهل تشكل دفعا لإعادة ما تبقى من عربات الديمقراطية الإفريقية إلى السكّة؟
