هنا صنعاء.. هنا مقبرة الغزاة

حامد أبو العز

يبدو بأن الولايات المتحدة والغرب عموماً يعانون من فقدان الذاكرة ولذلك فهم يرتكبون نفس الخطأ كل مرة ولا يتعلمون من دروسهم السابقة بألا يخوضوا حروباً ضد الشعوب الحرّة. وبناء على هذه الذاكرة الضعيفة شنت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات على أهداف يمنية وبحسب الولايات المتحدة فقد تم استهداف عشرات الأهداف في 16 موقعاً مختلفاً في اليمن واستخدمت القوى المعتدية أكثر من 100 صاروخ موجه لضرب المدن اليمنية وضرب “قاعدة الديلمي الجوية” الواقعة في جوار مطار العاصمة صنعاء، و”محيط مطار الحديدة، مناطق في مديرية زبيد، معسكر كهلان شرقي مدينة صعدة، مطار تعز، معسكر اللواء 22 بمديرية التعزية، والمطار في مديرية عبس”.
وها هي الولايات المتحدة وبريطانيا يبررون عدوانهم الغاشم هذا بأنهم يدافعون عن التجارة الحرّة في البحر الأحمر والحقيقة بأنهم يدافعون عن إسرائيل المحاصرة في البحر الأحمر. لقد كانت القوات المسلحة اليمنية واضحة وصريحة منذ البداية وإلى هذه اللحظة بعد العدوان بأن القوات اليمنية غير معنية إلا بالسفن المتجهة إلى إسرائيل، فلا هي تهدد التجارة في البحر الأحمر ولا هي تتعرض بشكل تعسفي للسفن التجارية التي تمر عبر باب المندب. كما وكان اليمن واضحاً بالنسبة للشروط التي وضعها لإيقاف هذا الحصار وهو أن على المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لوقف عملية الإبادة الجماعية بحق شعب غزة.
وبدلاً من أن تقوم القوى الغربية بإقناع إسرائيل بضرورة وقف العدوان وانتهاك حقوق الإنسان في غزة قررت أن تبدأ حرباً جديدة ضد أطفال ونساء اليمن. ونحن شاهدون على تاريخهم الإجرامي في العراق وأفغانستان وفيتنام وسوريا وكل مكان تواجدوا فيه. إن هذا الغرب متعطش للدماء ولا فرق لديه في دماء أهل غزة أو أهل اليمن. كما أن عدوانهم هذا يخالف جميع اكاذيبهم السابقة حول رغبتهم بعدم تمدد الصراع وتحوله إلى صراع إقليمي، بكل وضوح إن تفسير تصريحاتهم المتكررة حول عدم تمدد الصراع هو أنهم يطلبون من جميع شعوب ودول المنطقة أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام المجزرة الإسرائيلية في غزة هم يردون أن يوفروا المناخ والظروف المناسبة لإسرائيل للاستفراد بشعب غزة وممارسة أبشع الجرائم بحقهم دون تدخل من أحد، هذا بالضبط ما يريدونه.
ومن المثير للاهتمام في هذه العملية هو تركيبة الدول المشاركة فيه، حيث يبدو بأنّ الاتحاد الأوربي خائف من الانخراط بمثل هذا التكتل ولذلك فيظهر غياب كل من فرنسا وألمانيا وباقي الدول الأوربية عدا هولندا بهذا العدوان. وأما عن الدول العربية فيبدو بأن السعودية نأت بنفسها عن هذا العدوان بينما وإن لم تشارك الإمارات في هذا العدوان إلا أن صحيفة بلومبرغ نشرت تقريراً في ديسمبر الماضي يفيد بأنه على خلاف الموقف السعودي فإنّ الإمارات تضغط من أجل القيام بعمل عسكري ضد أنصار الله في اليمن. وقبل أيام فقط أفادت الإدارة العامة للجمارك في سلطنة عُمان بضبط شحنة طائرات مسيرة “درون” قادمة من الإمارات ومتجهة إلى اليمن. ويبدو بأنّ هناك تعاون لاغتيال قادة أنصار الله في اليمن للضغط عليهم لوقف استهداف السفن الإسرائيلية هذا التعاون قد يكون مشابه لتلك الحادثة التي تم فيها اغتيال رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين في اليمن صالح الصماد بطائرة مسيرة إماراتية بحسب مجلة فورين بوليسي. وأما عن تاريخ التعاون الإسرائيلي الأمريكي الإماراتي في اليمن فهناك تقارير عديدة صدرت عن صحيفة “نيوزويك” وشركة “ستوك وايت الدولية للمحاماة” تفيد بأنّه تم التخطيط لتنفيذ أكثر من 400 عملية اغتيال في جنوب اليمن لاستهداف الشخصيات اليمنية في حزب الإصلاح أو الشخصيات الدينية والسياسية المرموقة ولتنفيذ هذه العمليات تم الاستعانة بمرتزقة من إسرائيل والولايات المتحدة.
ويبقى السؤال الهام هو كيف سيرد اليمن على هذا الاعتداء؟ الجواب بسيط للغاية وهو أنه عندما قامت القوات الأمريكية بالاعتداء على الزوارق اليمنية قبل بضعة أيام والتي أسفرت عن استشهاد 10 من القوات اليمنية رد أنصار الله بعملية مشتركة واسعة النطاق شاركت فيها القوات البحرية والصاروخية وسلاح الجو المسير بالإضافة إلى إمطار السفينة الحربية الأمريكية بوابل من الصواريخ الباليستية. ولذلك فإن طبيعة الرد ستأخذ منحاً متصاعداً. بمعنى أخر أصبحت السفن الأمريكية والبريطانية المتواجدة في البحر الأحمر هدفاً مشروعاً للقوات اليمنية وذلك بسبب الاعتداء المباشر على الأراضي اليمنية وأما إذا ما قررت الولايات المتحدة وبريطانيا توسيع نطاق الاستهداف والاستمرار في ضرب اليمن فإن القواعد الأمريكية في المنطقة ستكون الهدف القادم. إن اليمن قيادة وشعباً يرفعون شعاراً واحداً وهو “لا توقف لحصار إسرائيل في البحر الأحمر إلا بتوقف عمليات الإبادة الجماعية في غزة”.

نقلا عن رأي اليوم

جمعة, 12/01/2024 - 17:47