لم تكن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "الإيكواس" تدرك وهي تطبق ميثاق المنظمة على دول مؤسسة أملا في وقف مسلسل الانقلابات العسكرية أن نهاية هذا المسار ستكون خروجا جماعيا لهذه الدول من المنظمة؛ وإلقاء تهم ثقيلة عليها ولكن هذا ما وقع بالفعل في مستهل العام الجديد.
زوم الصحراء يقرأ في بيان خروج النيجر ويوركينافاسو ومالي من المنظمة، وردة فعل السي دآو عليها؛ كيف أفضى المسار لهذه النتيجة، وما هي خيارات الأطراف لإدارة الافتراق بعد تعذر اللقاء، وأين تقف موريتانيا أو بالأحرى أين يتوقع أن تقف.؟؟؟
المسار المفضي
في سنوات خلت احتفلت الإيكواس بامتلاك قوة ضاربة لوقف مسار استلام السلطة بالقوة أو الاستمرار فيها، ولكن مستجدات تلاحقت جعلت مجرد تفعيل مسطرة العقوبة مفضيا إلى القطيعة:
✔️ فأعضاء مؤسسون تورط قادة بلدانهم في كسر أعناق الدساتير للبقاء في السلطة (نتحدث عن ساحل العاج، وغينيا كوناكري)، دون أن تحرك المنظمة العتيدة أي ساكن؛ وهنا فقدت المنظمة في أعين كثيرين في الغرب الإفريقي أهليتها الأخلاقية للوقوف في وجه الانقلابات.
✔️ وعلى وقع اهتزاز الثقة هذا بدأ مسلسل انقلابات عسكرية أرادت المنظمة الوقوف في وجهه بمساطر عقوبات صارم، وبتلويح باستخدام القوة لكنها قوبلت برأي غاضب ورافض مما أربك مسارها ووضعها في حالة حرج تبحث فيها عن سلم للنزول عن الشجرة ولكنها لا تجده.
✔️ وازداد الطين بلة حين ولت الأنظمة الجديدة وجهها ووجهتها إلى موسكو باحثا عن شراكة جديدة متهمة الايكواس بأنها مجرد واجهة لفرنسا التي اختارها العسكر الواصلون للسلطة حديثا ليصبوا عليها صنوف الرفض والغضب.
✔️ وكان انقلاب النيجر الذي أطاح في السادس والعشرين من شهر يوليو برئيس البلاد المنتخب منذ زهاء سنتين القشة التي قصمت ظهر بعران الأطر الإقليمية على ما يبدو فجاء الخروج المتتابع من؛
☑️ مجموعة الخمس في الساحل، وتأسيس إطار على أنقاضها.
☑️ والآن من المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا الإطار الذي يستعد في العام القادم للاحتفال بنصف قرن على تأسيسه.!
الخيارات الصعبة
بعد ساعات من بيان الثلاثي المغاضب المعلن الخروج من المنظمة التي اتهمها بتنفيذ أجندات أجنبية وخيانة مبادىء الأباء المؤسسين وخذلان شعوبها في مواجهة الارهاب جاء رد الايكواس معبرا عن شعور عميق فيما يبدو بالمأزق الاستراتيجي معربا عن استعداد لحل توافقي؛ لكن السؤال يفرض نفسه، أما زال التوافق بعد الاتهام بالخيانة.؟!
الظاهر أن الخيارات صعبة أمام الطرفين:
✔️ فالمنسحبون يضعون أنفسهم في عزلة أكبر ستكون لها تداعياتها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية التي قد يصعب عليهم تحملها على المدى القريب والمتوسط قبل البعيد والاستراتيجي.
✔️ وبقية البلدان في المنظمة سيزيد القرار من تكريس وضعية شللها الاستراتيجي منذ أخفقت في كبح جماح طموح قادتها للبقاء في السلطة وما تبع ذلك من مسار تراجع لم يعرف التوقف.
أين تقف موريتانيا؟
ليست موريتانيا عضوًا في الايكواس فقد غادرت المجموعة منذ ما يقارب ربع قرن، ولكنها ترتبط معها بعلاقة استراتيجية؛ وكانت قبل مسار الأزمة الأخير وربما ما زالت تفاوض لتنال وضعية شراكة استثنائية معها؛ وهي إلى جانب ذلك؛
☑️ تواجه وضعا مشابها مع نفس المجموعة التي انسحبت عنها فرادى من مجموعة الخمس في الساحل وأسست إطارا من دونها وذهبت إلى مراكش تبحث عن منفذ إلى المحيط لا يمر عبرها.
☑️ توجد لها مصالح كبيرة في هذه البلدان وفي بقية بلدان الغرب الافريقي التي تضم أكبر الجاليات الموريتانية في الخارج.
☑️ وبالطبع توجد لبلدان الغرب الافريقي المنسحب منها من الايكواس والباقي فيها مصالح حيوية واستراتيجية في موريتانيا تبدأ بوجود جاليات كبيرة، ولا تنتهي بمشاريع الطاقة القديمة والمتجددة.
إن موقف موريتانيا في الوضع الحالي الذي تواجه فيه الأطراف مأزقا استراتيجيا غير مسبوق؛ يبدو بالغ الأهمية؛ إذ قد