غزة تودّع شهداءها الأطفال بحزن وغضب

جثت أم الشهيد الطفل الفلسطيني خالد أبو سعيد (14 عاما) على ركبتيها، وانكبت تقبل وجه ابنها وهي تحتضن جسده الصغير، وسط بكائها وعويل بناتها وقريباتها اللائي جئن لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على الشهيد.تصرخ الأم المنكوبة بفلذة كبدها بصوت مرتفع والدموع تسيل من مآقيها، بينما يحاول أقاربها حمل شهيدها الصغير لإخراجه من منزل عائلته لأداء صلاة الجنازة عليه، لكنها تتشبث بجثمانه لإبقائه أطول مدة ممكنة بين أحضانها علّها تخفف من لوعاء فراقه الأبدي.أم الشهيد الطفل خالد أبو سعيد تتساءل: لماذا قتلوه وهم يرونه طفلا صغيرا؟ (الجزيرة)

دقائق ويخرج المشيعون بالجثمان من المنزل، فتتملك الأم موجة طويلة من البكاء لا يقطعها سوى تكرار تساؤلها "لماذا قتلوه وهم يرونه طفلا صغيرا؟"، مضيفة بغضب "كان يحلم بشراء دراجة هوائية ليذهب بها إلى المدرسة لكنه استشهد قبل تحقيق حلمه".

واستشهد الطفل خالد مع رفيقيه عبد الحميد أبو ظاهر ومحمد السطري، اللذين لم يكملا 13 ربيعا، جراء قصف الاحتلال عربة يجرها حمار كانوا يستقلونها بالمنطقة الحدودية القريبة من منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة.

ولم تقل الفاجعة في منزل الشهيد الطفل عبد الحميد عن عائلتة رفيقه، فأمه لم تبرح مكان قفص حمام صغير حلم آخر عنقودها بشراء قفص آخر مثله ليعمل في تربية الحمام علّه ينجح في مساعدة والده في مصاريف الحياة.

"لكن الاحتلال وأد حلمه مثلما يقتل أحلام الفلسطينيين كل يوم"، تقول الأم وهي تدحض مزاعم الاحتلال بأن طفلها ورفاقه كانوا يحاولون زرعة عبوة بالحدود، متسائلة "أي عاقل يصدق أن هؤلاء الأطفال يمكن لهم القيام بذلك؟".

وبموازاة تأكيد الأم أن ما حدث "عملية إعدام نفذها الاحتلال لأطفال أبرياء بدم بارد"، فإنها تطالب بمحاكمة القتلة الإسرائيليين حتى لا تتكرر الجريمة مرة أخرى، وفق قولها.

الطفل علاء أبو عمرة وضع لافتة باسم زميله الشهيد خالد بسام (الجزيرة)

ورغم أن الصدمة سيطرت على كثير من زملاء الشهداء في المدرسة، فإن الطفل علاء أبو عمرة كان الأكثر تأثرا لافتقاده زميله الشهيد خالد الذي كان يجاوره بالمقعد منذ بداية العام الدراسي ويصاحبه في الذهاب والإياب من المدرسة.

الطفل علاء بدا مشدوها وهو يراقب صورة رفيقه الشهيد على غصن نخيل وضع على مقعده، بينما لا تغيب عنه ذكريات كثيرة قضاها معه في المدرسة والحي، وكان آخرها مراجعتهما معا تهيؤا لامتحان اللغة الإنجليزية.

أقارب وأصدقاء الشهداء الأطفال الثلاثة يلقون نظرة الوداع الأخيرة عليهم (الجزيرة)

تشييع مهيب
وشهدت مسيرة تشييع الشهداء مشاركة واسعة على الصعيدين الشعبي والفصائلي، تقدمها رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماسإسماعيل هنية ونواب من المجلس التشريعي وقادة فصائل فلسطينية.

وفي مقابل انطلاق مسيرات ليلية عفوية في القطاع تطالب فصائل المقاومة بالرد على جريمة قتل الأطفال الثلاثة، أكدت فصائل فلسطينية أنها سترد "بالكيفية والطريقة التي تتناسب مع حجم الجريمة".

بيد أن المحلل السياسي هاني العقاد يستبعد أن تلجأ الفصائل الفلسطينية لتصعيد عسكري ردًّا على استشهاد الأطفال رغم الضغط الجماهيري الكبير عليها، معتبرا أن ردود الفعل الفلسطينية ستبقى في إطار محدود أقرب للسياسي منه إلى العسكري.

حركة حماس نعت الشهداء الثلاثة (الجزيرة)

وعدّ المحلل السياسي موقف الفصائل متماشيا مع الجهود المصرية للتهدئة ورغبتها في سحب أي ذرائع من الاحتلال للتراجع عن الإجراءات المتعلقة بإنهاء الحصار وفق التفاهمات الأخيرة، واصفا جولات التصعيد الأخيرة "بالتكتيكية لمقتضيات التهدئة ليس أكثر".

وكان وزير العدل الفلسطيني علي أبو دياك اعتبر جريمة اغتيال الأطفال الثلاثة وجرائم الاحتلال المتلاحقة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، دليلا إضافيا على استهتار إسرائيل بالقانون الدولي، وارتكاب جرائم حرب وجرائم عدوان وجرائم ضد الانسانية بحق المدنيين، داعيا -في بيان- إلى محاسبة إسرائيل ومقاضاتها على جرائمها البشعة.

 

 

 

المصدر : الجزيرة

اثنين, 29/10/2018 - 23:06