على طريق المأمورية الثانية... 

في آخر رمق من عقدها السادس و على حافة الهاوية، استلم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني دولة مقطعة الأوصال، تعيش على قلق الانقسامات، مهددة بالإفلاس منهوبة و مدينة.. 
و ربما خبر الرئيس الدولة و تقلب في مفاصلها وآنس في جوانبها ما لم يانسه غيره، لكن النظرة من الداخل و من موقع القرار تختلف جذريا عن الإطلالة من بعيد...
كيان  مفتقر لكل مقومات الدولة، غير قادر على النهوض، و مؤسسات صرعى، كأنها أعجاز نخل خاوية... ضعف في الحوكمة، و فقر في التخطيط و انعدام في الرؤية الاستراتيجية، و أساليب حكم فردي غائية الأهداف محدودة التأثير،  لم تراكم من التجربة، و لا من المنجز ما يصلح للبناء عليه.. 
كانت تلك حالة الدولة لحظة استلام فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني  لها... 
و اتضح أن مبدأ المصارحة  و المكاشفة بهذا الواقع كان متعينا، على رئيس تربى على الصدق، و سمَت نفسه عن ألاعيب  السياسيين، فكان تقييمه لواقع الدولة كاشفا... مؤسسات منهكة و موارد مهدورة، و منشآت بنيت بعقلية   "الاستخدام لمرة واحدة" ؛ تماما مثل الكمامة التي تعودنا استخدامها في جائحة كورونا، و تعود حكامنا استخدامها طيلة عقود لتغطية إخفاقاتهم، و تحويل أنظار الشعب   إلى إنجازات بالونية معبأة بالريح، بالصراخ، و بالدعاية الكاذبة
رئيس َمختلف، بتربية َمختلفة، جاء لأخلقة المشهد السياسي و إعادة رسم معالم موريتانيا، الفخورة بقيمها، المتصالحة مع ذاتها، الحاضنة لكل أبنائها، و كان طموحه  أسمى و تفكيره أعمق، فحرص على تقديم  نمَوذج جديد، في عهد جديد، تكون منجزاته باقية، و آثاره بادية، ينفع الناس و يمكث في الأرض، و تراعى في إنجازه معايير الجودة، و الدقة،  و قابلية الاستخدام لأطول فترة ممكنة، و لو كان في مراعاة  ذلك تأخر في النتائج ،  و كسر لأوفق انتظار و طموح  المواطنين ؛  ... 
فكان البعد التخطيطي بارزا في تعهدات رئيس الجمهورية، و حظيت كل البرامج بدراسة متأنية، تحدد الأولويات، و تبحث عن مكامن الخلل، واستأثرت الجوانب الاجتماعية بنصيب الأسد من الدراسة و العناية، و هو أمر مفهوم نظرا لما خلفه الإرث الإنساني من تباين، و تمايز في القدرات المعرفية،  و الإمكانات المادية، و نظرا لاتساع الهوة بين مكونات المجتمع. 
و هو ما يستدعي إنشاء قطب تنموي يتوفر على موارد هائلة تستثمر في جسر الهوة و تضييق الفجوة. 
فتم إنشاء مندوبية التآزر و خصصت لها الموارد*-  اللازمة، و قامت بأدوار مشهودة، و تدخلات مدروسة، توائم بين البعد الآني، الذي يستدعي  إغاثات سريعة، و مساعدات فورية، و بين البعد الاستراتيجي الهادف إلى ترفير موارد مستديمة، من خلال تمويل المشاريع، و بناء المساكن، و ترميم السدود، و توفير التأمين الصحي، و تأسس مجتمع جديد ينتمي إلى التآزر، و يدين - حتما- لهذا النظام و لرئيسه، بالولاء و البراء "السياسيين" - طبعا- .. ولاء في المناصرة و المآزرة، وبراء من المناكفة و المعارضة.. .
*- و لأن أصل الداء و رافد التخلف، جهل و أمية، و تفاوة في التحصيل و التكوين، جاءت فكرة المدرسة الجمهورية، ضامنة لتوفير تعليم جيد يتلقاه أبناء المجتمع بشكل متساو، و بزي موحد تنمّحي فيه كل مظاهر التباين و التفاضل،  و ستكون مخرجاتها - بإذن الله - رافعة صلبة تحمل الدولة و المجتمع إلى آفاق رحبة من الوحدة، و التماسك، و من الرقي و الازدهار. 
و تمكينا للمدرسة و تعزيزا لدورها، تم تشييد بنية تحتية مدرسية، تقدر بنصف ما تم تشييده من مدارس طيلة قيام الدولة، إضافة إلى توسعة جامعة انواكشوط، و بناء مركب جامعي يوازي في سعته المركب الجامعي القديم. 
*- نفس العناية الموجهة للتعليم حظيت بها المرافق الصحية، و الكوادر الطبية، فشيدت عشرات المستشفيات و النقاط الصحية، وزيدت رواتب الأطباء و عمال الصحة، و اعتمدت مجانية الحالات المستعجلة، و فتح باب التأمين الصحي أمام الجميع و بأسعار رمزية. 
*- أما المشاريع الاستراتيجية ذات البعد التنموي الكبير، فكانت حاضرة و بارزة، في برنامج الرىيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وشملت التخطيط لضمان الاكتفاء الذاتي في مجال الزراعة، و قد تحقق بالفعل في مادة الأرز، و الخضروات، و نقترب منه في مجال القمح، بعد التجارب الناجحة في هذا الميدان، 
*- و في مجال توفير الطاقة - الضامن الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة - انطلقت مشاريع رائدة ترمي إلى بربط كل ولايات الوطن بخط الجهد العالي، و تتوسع في مجال توفير الطاقة النظيفة، من خلال مشاريع الهيدروجين الأخضر بوصفه الطاقة المستقبلبة المواعدة. 
 *- و في المجال السياسي تم اعتماد سياسة الباب المفتوح و التشارك المطلق، و التشاور الجامع، فضاقت مساحة الخلاف، واتسعت دائرة التوافق، و أحس الجميع بدوره و مكانته، و أهمية رأيه، في إدارة الدولة، و تصالح الجميع، و غابت المواقف الحدية و التصادم المميت؛ الذي كنا نعيش على قرع أجراسه لعقود خلت. 
*- و في مجال الحريات و رد المظالم، و إنصاف ذوي الحقوق المسلوبة، استعاد  ضحايا الظلم و المماطلة،  حقوقهم و تمت تسويتها، و في مجال حرية الصحافة و الإعلام، شهدت بلادنا قفزات نوعية،  كان آخرها تصدر بلادنا للعالمين العربي و الإفريقي و ترتيبها قبل الولايات المتحدة الأمريكية في مجال حرية الإعلام و الصحافة. 
*- و في مجال الدبلوماسية و الحضور الدولي أشاد العالم بحنكة و حكمة رئيس الجمهورية و لعبت ديبلوماسيتنا أدورا رائدة، و تتزعم بلادنا حاليا القارة الإفريقية بإسناد رئاسة الاتحاد الإفريقي لصاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني. 
*- كما حافظت بلادنا على أمنها و استقرارها لله الحمد، وشكلت استثناء في محيطها الدولي و الإقليمي، و أصبحت مضرب المثل في القدرة على تسيير الأزمات و تفادي الاضطرابات. 
تلك مكتسبات تحققت في خمس سنوات رغم الجوائح و المعوقات، و سيتم تعزيزها و توسيعها في الأمد المنظور...
  و نحن نقترب من نهاية مأمورية رئيس الجمهورية و نستعد لاستحقاقات رئاسية مصيرية في تاريخ بلدنا، حري بنا أن ننظر إلى ما تحقق على مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية و السياسية، و نبني عليه مواقفنا، فلا خيار أمام الشعب الموريتاني بكل أطيافه و قواه الحية، غير  التمسك بصانع هذه النهضة، و المخطط لها، فهو الرئيس الضرورة، لضمان مواصلة البناء و تعزيز المكتسبات،  و قيام مجتمع متحد، و أمة تسير خلف قائدها لبلوغ مراتب الأمم المتقدمة.
و أنا على يقين بأن كل المدن و الأرياف و الحواري، في ربوع الوطن، واقفة خلف فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ، و أن فقراء البلد و المهمشين سيُسمعون صوتهم هذه المرة بدون واسطة، كما تحققت مصالحهم و آمالهم بدون واسطة.
و الله الموفق و الهادي إلى سواء السبيل 

 

اثنين, 06/05/2024 - 20:57