عندما دخلت هنا في عالم "الفيسبوك" حسبت نفسي أسير على خطى والدي (رحمه الله) الذي أفنى عمره بين الأطفال والمراهقين معلما في المساجد وفي المدارس النظامية. لم يجهد ولم يثن شأوه حضوره معهم في ساحات وفصول المدارس و المحاظر. يعطيهم الدروس والنصائح والتوجيهات غير عابئ ولا مكترث بما يصدر عن صغارهم من شغب وأصوات وضجيج.. أحيانًا يرموه بالطبشور وهو يعطيهم بظهره ليكتب على السبورة، وتارة يتطاول عليه بعضهم بألسنة حداد. ورغم تقدمه في السن وجلالة قدره واصل مهمته التكوينية والتربوية بعد التقاعد من التعليم النظامي. واستمر في رحلته بين الأطفال والشباب في المساجد و في المحاظر طيلة حياته إلى أن وافاه الأجل المحتوم 1985 في مقطع لحجار.
ذات يوم قررت أن أواصل مساره من بعده في تعليم الأطفال والشباب ما استطعت. لست مدرسا ولا فقيها، ولكني رأيتُ أن الفيسبوك قابل لأن يكون مدرسة كبيرة ومجانية ومفتوحة على الهواء مباشرة تضم ملايين التلاميذ من شتى البقاع والأعمار والمستويات. وقررت أن أدخل ساحتها لأتعلم فيها لغة وطبائع العصر و لأنقل للشباب تجربة حياتي. جعلت جدار صفحتي دفترا مفتوحا في وجه ما يقارب 60000 شاب وشابة. أشاطرهم معاني الحياة والصداقة والألفة الحسنة. أتعامل معهم في القسم تدريسا أحيانًا وترغيبا و ترفيها غالبا. هدفي الأوحد وهمي الأكبر هو مساعدتهم وإعطاؤهم ما لدي من تجارب متراكمة وخبرات متواضعة قدر المستطاع، بلا تشنج ولا تجريح ولا قهر. وحرصتُ على أن يجدوا معي حرارة الأبوة وحنان الوالد وملاطفة الرفيق مهما كانت مستوياتهم في التربية والسلوك.
وضعت بين أيديهم القصص والطرائف والأشعار والأدب وحكايات الماضي، والدراسات و التحاليل المفيدة، وناقشتهم بصدر رحب، الخ… معتبرا أن التعليم والتعلم لا ينتهيان بسن معينة، وبأن مجالسة الشباب ليست منكرا من الفعل حتى ولو كانت مجالسة افتراضية.
في كل الأحوال، كنت أعلم أنني أغامر بنفسي وأرمي بها في بحر لجي لا يخلو من مشاكسين ومشاغبين ومقاتلين (ههه) يرمون بشرر ويضربون ظهري بالشتائم والتعاليق المسيئة، ولكني لم أخف ولم أتراجع عن واجب أخلاقي ومهمة الوطنية رسمتها بنفسي لنفسي. وكنت أكرر مع أبو العلاء المعري:
إِذا غَيَّبونِيَ لَم أُبالِ مَتى هَفا
نَسيمُ شَمالٍ أَو نَسيمُ جَنوبِ
في المحصلة، ما زلت مقتنعا بأنه يمكن لكبار السن أن يعيشوا بين الأطفال طيلة حياتهم دون أن يتحولوا أطفالا.. لأنهم مهما بلغوا من الاختلاط في الفيس أو في أي مكان آخر… سيبقى الطفل طفلا و الكبير كبيرا.
موجبه: تدوينة أساسها فائدة حول كلمة كانت متداولة في مجتمعنا : يا سبعة رجال.. بمناسبة ظهور أسماء المرشحين ال7 للرئاسة في بلادنا بالترتيب الذي أعلن عنه. و تضمن المنشور : اللهم بارك لموريتانيا في رجالها ال7 , انبرى بعضهم يجلد و يشتم لأن في السبع المذكورين أسم فلان الغزواني. لا حول ولا قوة الا بالله.
مع خالص التحية والتقدير
لشباب اليوم،