روسيا في السودان.. ما الجديد؟

محمد تورشين

منذ أن وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الحكم بدأ بشكل جاد في إعادة امجاد الامبراطور الروسية القيصرية وكذلك امبراطورية الاتحاد السوفيتي الذي انهار عندما كان بوتين يعمل ضابط في المخابرات ، وابان حقبة الثنائية القطبية كان الاتحاد السوفيتي له  أدوار مهمة ومؤثرة في القارة الأفريقية بحيث كانت مسرحاً للعمليات العسكرية والحرب بالوكالة بين القوى العظمى ، لكن عقب انهيار الاتحاد السوفيتي اصبحت القوى الغربية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم في السياسة الدولية لكن في مطلع 2006 ازداد الاهتمام الروسي بالقارة الأفريقية لاسيما الدول التي تتمتع بمميزات كالموقع الجغرافي أو الثروات المعدنية.
 الحضور الروسي في المسألة السودانية قديم متجدد بحيث أن روسيا كانت شريك رئيسي للجيش السوداني لذا نجد العمود الفقري للتسليح السوداني روسي . لكن مؤخرا تعاظمت أهمية  السودان  في السياسة الخارجية الروسية بعد الزيارة الشهيرة التي قام بها الرئيس السابق عمر البشير الى موسكو في العام 2017 حيث طلب بشكل علني من الرئيس بوتين حمايته من الغطرسة الأمريكية ، وبدأت روسيا ترسل بعض الخبراء العسكريين والفنيين تحت مظلة فاغنر ، بالرغم من أن نظام عمر البشير اسقطته الثورة في أبريل 2019 الآن أن التعاون الروسي السوداني تنامي بشكل ملحوظ حيث ناقش مجلس الدومة الروسي الاتفاقية المشتركة التي منحت موسكو قاعدة عسكرية على شاطئ البحر الاحمر لكن الجانب السوداني رفض تنفيذ الاتفاق وربما ذلك يعود إلى التباين في وجهات النظر بين المدنيين والعسكريين في الفترة الانتقالية ، وفي ظل شبه الرفض الرسمي للنفوذ الروسي  استطاعت روسيا عبر فاغنر أن تؤسس لشراكات فريدة مع الدعم السريع لاسيما فيما يتعلق بالتدريب العسكري وكذلك التنقيب عن المعادن والذهب. فزيارة وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف وإعلانه دعم بلاده لسيادة السودان والشرعية القائمة ورفض التدخل الخارجية ، عطفاً على تصريحات الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش السوداني بأن روسيا ستقوم بتزويد الجيش السوداني بالأليات العسكرية والأسلحة والذخائر مقابلة الحصول على موقع على شاطئ البحر الاحمر يسلط الضوء مجدداً على أهمية السودان في السياسة الخارجية الروسية ، لذا أعتقد بأن الحكومة الحالية بعد تمرد الدعم السريع على الدولة السودانية في ظل مشروعي اقليمي يسعي لإعادة تشكيل الواقع السوداني في سياق يتسق مع المصالح الإقليمية بحيث أن نجاح الثورة في السودان وتوظيف الموارد والامكانيات واستغلالها المثالي يجعل من السودان قوى إقليمية مؤثرة وأثر ذلك سيكون فعال على الأنظمة الملكية و الشمولية ، لذا الخيارات المتعلقة بالتسليح للحكومة السودانية تكاد معدومة فالاعتماد على موسكو سيكون واقعا في مقبل الايام .
كاتب وباحث في الشؤون الأفريقية

تقلا عن رأي اليوم 

سبت, 01/06/2024 - 13:30