الرابحون في انتخابات 2024

لهيبه الشيخ سيداتي

أظهرت النتائج النهائية للانتخابات الحالية رابحين ثلاثة من هذه الاستحقاقات هم الذين تقاسموا، عدديا، 91% من الأصوات المعبر عنها في استحقاق التاسع والعشرين يونيو. 
هؤلاء الثلاثة زادت أصوات كل واحد منهم عما حصل عليه في استحقاق 2019، بشكل محدد بالنسبة لاثنين منهم، وبشكل واضح بالنسبة للثالث. 
أبرز الرابحين الثلاثة بيرام الداه اعبيد، الذي حل ثانيا للمرة الثالثة على التوالي في الانتخابات الرئاسية، وبنسب متصاعدة من أول مشاركة له كمرشح (8% سنة 2014) إلى 22% ( سنة 2024) أي بزيادة 14% خلال عشر سنوات،  وتصدر أربع مقاطعات في ولايات نواكشوط وولاية نواذيبو. 
ربح بيرام لأنه كرس نفسه في المركز الثاني وبنسبة معتبرة تفوق النسبة التي حصل عليها زعيم المعارضة التاريخي أحمد داداه سنة 2006 والتي أعيد فيها الشوط ليكون بذلك أول معارض يصل لهذه النسبة بعد أحمد داداه وأول معارض يصل إليها وحزبه ممنوع من الترخيص.  
الرابح الثاني هو حزب تواصل الذي حقق نتائج فوق التوقع،  فقد دخل الانتخابات والرأي العام يعلن نهاية الحزب بسبب تتابع هجرات قياداته التاريخية نحو معسكر النظام، كما دخلها دون استعداد مسبق حيث كان آخر من اتخذ قرارا بالترشح أياما قبل إغلاق التسجيل على اللائحة الانتخابية. 
ربح تواصل لأن استحقاق 2024 كرس صورته كأقوى حزب سياسي في البلاد، وأثبت أنه حزب لا يرتبط بالأشخاص، حزب له خطابه الذي يمثل مصدر قوته التي لا يوجد حزب سياسي في البلاد يضاهيه فيها، وحصوله على هذه النسبة غير المسبوقة في تاريخه يؤكد أنه حزب قوي في بلاد ماتت فيها الأحزاب بفعل تكلس القيادات وعجز المؤسسات.
الرابح الثالث هو الرئيس غزواني نفسه، فقد دخل الانتخابات بحصيلة يراها كثيرون دون المستوى، وبطواقم متناحرة وجهاز سياسي مشلول ودون خطة دعائية عمليا؛ ومع ذلك كان أكثر الثلاثة زيادة في عدد الأصوات مقارنة بحصيلة انتخابات 2019، كما رفع النسبة التي حصل عليها عما كانت عليه، وحافظ على الصدارة في نواكشوط، وزاد عدد المصوتين له في العاصمة عما كان عليه سنة 2019. 
ربح غزواني لأنه فاز في الشوط الأول، ولأنه زاد من نسبة أصواته، ولأن سياسة الهدوء التي راهن عليها قللت من معارضيه أكثر من سياسات غيره في مواجهتهم. باختصار، نجح غزواني لأنه استطاع تحييد واحتواء معارضيه بأقل تكلفة سياسية ممكنة، وضمن مشاركة جميع القوى السياسية تقريبا في الانتخابات، وفاز دون اللجوء إلى شوط ثان. 
هذا عن الرابحين. أما الخلاصات فأبرزها ثلاث:
- أن التصويت في الرئاسيات للمشاريع وليس للتحالفات. فبيرام حين ترشح للنواب من خلال حزب الصواب حصل بالكاد على أقل من 40 ألف صوت، وحين تقدم منفردا معتمدا على خطابه الخاص تجاوز 200 ألف صوت. وحين دخل تواصل في حلف مع ولد بوبكر مدعوما بشخصيات وازنة ومع تمويل بالمليارات لم يكد يتجاوز نسبة 17%، في حين حصل منفردا وبالاعتماد على خطابه الواضح على ما يقارب نفس النتيجة. وربما تعني هذه الخلاصة أن خيار المرشح الموحد للمعارضة قد يكون ضارا بجاذبية قوى المعارضة أكثر مما هو مفيد لها. 
- ⁠حجز كل من تواصل وبيرام مقاعد مريحة في محطة 2029 بحصولهما مجتمعين على أزيد من 35% من أصوات الناخبين، وهو وضع يستوجب من كل منهما الوعي بأهمية ذلك  الاستحقاق والتحضير الجيد له؛ فرجل السياسة الواعي يهتم بالمحطات اللاحقة أكثر من انشغاله بنجاحات اللحظة وخيباتها.  
- ⁠فشلت المشاريع السياسية ذات النفس الجامع (اليسار، الإسلاميون، القوى المخزنية) في الحد من الاستقطاب العرقي وفي أن تكون فعلا مستقطبة، بالقدر الكافي، لكل أعراق المجتمع. وهذه خلاصة تقتضي من الجميع تشخيصا لأوجه الخلل، وتفكيرا في طرق العلاج، ومراجعة للرؤى والمواقف والسياسات.  
أخيرا يبدو أن خلافات طواقم السلطة التي برزت في أجواء الحملة في طريقها للاتساع والتفاقم، خاصة أن مثل تلك الخلافات تزدهر عادة خلال المأمورية الثانية.

أربعاء, 03/07/2024 - 14:13