يتجدد حديث الـنخب الوطنية والكتاب والمدونين، في بلادنا، كلما حل العاشر من يوليو، عن حدثه الفارق في مسيرة دولة منكبها البرزخي، وأثره وتداعياته على فصول تاريخنا الحديث....
يحتل حديث مقاومة الاستعمار-ثقافيا وعسكريا- معظم لغط العاشر من يوليو وتنال بطولات الأجداد ومعاركهم، ظافرة وخاسرة، وشهداؤهم وإنجازاتهم مبالغة وحيزا هو الأوسع في ذلك….
وترتفع الخصومة حول دعوى البر بالآباء وتهم العقوق بهم، خاصة عندما تتناول السائبة وما تقوم عليه الحياة فيها من نهب وسلب وخطف واستعباد يندي لها جبين المؤرخ الحصيف….
ولملابسات نشأة الدولة في هذه الربوع، التي ألفت ساكنتها سائبة القًرون وقانون الغاب، في غيبة متطاولة لأي نظام جامع أو قانون نافذ يفصل الحقوق والواجبات أو حدود تنتهي إليها النجعة والغارات….
ذلك صوت المناسبة السنوية الغالب، وما سواه نشاز، لا يغري بالاستماع إليه، إنه صوتي وصوت من يرى رأيي، وهو لا يدعي احتكار الحقيقة، لكن لا يراها فيما خالفه من جلبة ولغط المناسبة….
جميع الدول والدويلات والمشيخات والمحميات، على امتدادات الخارطة الإسلامية، قبيل وخلال وبعد الحربين العالميتين، ونحن منها، إنما ازدرعها الذين كفروا من أهل الكتاب….
لقد أرادوها وظيفية محددة المهمات، فهم رسموا حدودها، وابتدعوا أسماءها واختاروا ألوان أعلامها، وأشكال أنظمتها، وقد كبلوا أيديها، إلا عن اداء الوظيفة التي انشئت لها، وكلفت بها….
لم تكن غالبية شعوبنا راضية بالضرورة عن هذا المصير، لكن البدائل عنه كانت أسوأ كثيرا، فقد كانت في أحسن الحالات انقلابات أوحى بها السيد ونفذتها شلة من عملائه المغامرين، قادوا الأقطار في متاهات سجلوا فيها تباعا أسوأ الهزائم والمصائب والكوارث….
ترك الجند المنقلبون في كل مكان إرثا ثقيلا، تمثل في حطام لدويلات هنا أو هناك، عصية على كل إصلاح وتقويم؛ هنا يرد السؤال: ما موقع الثامن والعشرين من نوفمبر، والعاشر من يوليو من تلك الدوامة السيزيفية..؟؟
أما حديث المقاومة فهو في كل امتداد الأمة حديث مفترى، وإنما كانت من حيث الدوافع والمآلات، مصائب اصطلت نارها الشعوب، من خلال مجموعات ألفت السائبة وقانون الأقوى، وقد رأت في ألغازي تهديدا لمصالحها ونظام عيشها، فلجأت اسلاحها قبل ان تستسلم وتنسجم، مطبعة متعاونة..
كانت هناك استثناءات قليلة، أبرزها في منطقتنا الثورة الجزائرية التي أفرغتها الانقلابات، ومنها حركات عمر المختار وعبد الكريم خطابي، والشيخ ماء العينين، وما أسرع ما أسدل الستار على تلك الومضات، بالقمع والنفي والمؤامرة والاستحواذ…
كل عاشر يوليو والقراء والمتابعون بخير