لأن الشيء بالشيء يذكر وعطفا على توزير عدد مهم من الشباب ودخول عدد آخر معتبر للبرلمان، لا يفوتني أيضا أن شبابا كثر موجودون في السلطتين الثالثة والرابعة (القضاء والصحافة) بالإضافة لخريجي مدرسة الإدارة الموجودين في بعض القطاعات الحكومية (من بينها الخارجية والداخلية)، والذين بإمكانهم أيضا أن يصنعوا الفارق في مجالاتهم من خلال تسيير وتدبير بعض الإدارات والملفات التي تتعلق بقطاعاتهم.
ففي القضاء كفاءات شابة ومعروفة بدأت دخول الوظيفة مع نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة (حوالي 200 شاب دخلو على دفعات)، وأما السلطة الرابعة (الصحافة)، فرغم الصورة النمطية الشائعة للأسف، إلا أنه توجد كفاءات نوعية وأسماء نظيفة ومهنية يضيق المقام عن ذكرهم جميعا، لكن أغلب عمل المؤسسات الفني والتقني يقع على عواتقهم، ويمكن أن نذكر منهم خريجو أقسام الإعلام في الداخل والخارج والذين يقدرون بالعشرات، ودفعة خريجي المدرسة الوطنية للإدارة من الكتاب الصحفيين (30 شخصا)، وناجحو مسابقات التلفزة من المهندسين والكتاب الصحفيين (حوالي 50 فردا)، وبكل تأكيد لهم زملاؤهم في الوكالة والإذاعة التي هي المؤسسة الإعلامية العمومية الأولى من حيث تمكين الشباب وتكليفه بالمسؤوليات الإدارية.
وأما الإعلام الخاص، وأعني هنا المؤسسات الجادة والمهنية فعماد عملها على الشباب الذي يجل المهنة ويحترمها، وله باع كبير في الممارسة حيث أن بعضهم يعمل في المجال منذ عقدين تقريبا (قُبيل وأثناء المرحلة الانتقالية)، والبعض الآخر بدأ علاقته بالمجال مع تحرير الفضاء السمعي البصري، ومع ذلك أرسوا تجارب وساهموا في تطوير أخرى قدمت نماذج شاهدة (مواقع، منصات وقنوات)، كما تألقوا في سماوات العطاء الإعلامي كمذيعين ومراسلين دوليين، وكتاب ومحررين ومدققين ومنتجين حتى، وذلك على الرغم من محدودية الموارد وفرص التكوين وضعف احتضان المجتمع الأهلي والسياسي للمهنة وعدم تشجيعهما لتمهينها، فضلا عما تمور به الساحة الإعلامية من نماذج غير مشرفة وتجارب تسيء لهذه السلطة المحورية في البناء الوطني وتجذير الوعي الديمقراطي والمدني، وفي الرقابة والنقد والاقتراح والتوجيه.