تمكين الشباب في موريتانيا: تحديات وتطلعات نحو مستقبل واعد

الناشط الشبابي محمد ولد اشريف

وعد فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بأن تكون مأموريته الثانية مأمورية لتمكين الشباب، وأكد أنها ستكون بالشباب وللشباب. وقد بدأت ملامح هذا الالتزام تظهر بالفعل من خلال الهيكلة الوزارية الجديدة التي شهدت استحداث وزارة تُعنى بتمكين الشباب والتشغيل والخدمة المدنية، وتم رفع مكانتها البروتوكولية لتتقدم على وزارات سيادية مثل العدل والدفاع والداخلية والخارجية. كما تم تعيين عدد من الشباب وزراء في أولى حكومات هذه المأمورية، مما يشير إلى أن الرئيس جاد في تحقيق هذا الوعد.

 

*الشباب الموريتاني: تنوع الاهتمامات واختلاف التطلعات*

لكن يبقى السؤال الجوهري المطروح: أي نوع من التمكين يبحث عنه الشباب الموريتاني؟ لا يمكن الإجابة على هذا السؤال دون الأخذ بعين الاعتبار أن الشباب في موريتانيا ليس كتلة واحدة متجانسة، بل هو فئات متنوعة تختلف اهتماماتها ومستوياتها التعليمية وحتى طموحاتها.

 

هناك فئات من الشباب وصلت إلى مرحلة التعليم الجامعي، وتطمح إلى التمكين الذي يضمن لها فرص عمل تتناسب مع مؤهلاتها العلمية. تحتاج هذه الفئة إلى تعزيز برامج التدريب المتقدم والتوجيه المهني، فضلاً عن توفير بيئة عمل تتيح لها الإبداع والابتكار.

 

بالمقابل، هناك من لم يتمكنوا من الحصول على شهادة الباكالوريا، هؤلاء يحتاجون إلى برامج تمكين تعتمد على التدريب المهني والتقني، تمكنهم من دخول سوق العمل بمهارات تضمن لهم حياة كريمة. وينبغي أن تكون هذه البرامج متنوعة وتستجيب لاحتياجات سوق العمل المتغيرة.

 

كما أن الفئة التي لم تتجاوز مرحلة الابتدائية، فإن تمكينها يتطلب تقديم برامج تدريبية تعزز من فرصها في الحصول على مهارات حرفية تمكنها من بناء مستقبل مستقر.

 

*تنوع الاهتمامات والهوايات: نحو تمكين شامل*

تتفاوت اهتمامات الشباب الموريتاني وهواياته بشكل كبير. فهناك من يهتم بالرياضة، ومن يميل نحو الفنون مثل الرسم والفن التشكيلي والمسرح والسينما. لضمان تمكين شامل لهذه الفئات، يجب على الدولة تبني استراتيجيات تستجيب لكل هذه الاهتمامات.

 

في المجال الرياضي، على سبيل المثال، يمكن للدولة التعاون مع أندية عالمية لفتح أكاديميات رياضية في موريتانيا. يمكن لهذه الأكاديميات أن توفر فرصًا تدريبية متقدمة للشباب المهتم بالتدريب الرياضي، وإدماجهم كمشرفين ومدربين. هذه الخطوة لن تسهم فقط في تطوير الرياضة في البلاد، بل ستخلق أيضًا فرص عمل جديدة للشباب.

 

أما في مجال الفنون، فمن الضروري تقديم دعم مستدام للشباب المهتم بهذه المجالات. يجب أن يشمل هذا الدعم التوجيه والإرشاد، وكذلك توفير التمويل اللازم لمشاريعهم الفنية. ينبغي أن يكون الهدف من هذا الدعم تحويل الفنون من هواية إلى مصدر رزق مستدام، كما هو الحال في العديد من دول العالم.

 

كما أنه من الضروري أن تتبنى الدولة مبادرات لتوفير دورات قصيرة في تخصصات المستقبل مثل البرمجة وعلوم البيانات والتكنولوجيا الحديثة…، أو أن تدعم الهيئات والمنظمات الشبابية المهتمة بهذه المجالات. مثل هذه الدورات تمثل خطوة أساسية في تكوين الشباب الموريتاني على المهارات المطلوبة لمواجهة تحديات المستقبل والمساهمة في الاقتصاد الرقمي. بدعم هذه التخصصات، يمكن للشباب اكتساب المعرفة التي تمكنهم من المنافسة في سوق العمل العالمي وفتح آفاق جديدة للابتكار والإبداع.

 

 

*خاتمة*

تمكين الشباب الموريتاني هو مسار متعدد الأبعاد يتطلب استراتيجيات متنوعة تتناسب مع تباين الفئات والاهتمامات. وبالنظر إلى الجهود الحالية، هناك خطوات واعدة، ولكن يبقى الكثير لتحقيق التمكين الشامل الذي يمكن الشباب من بناء مستقبلهم والمساهمة بفعالية في تنمية الوطن. يتطلب الأمر تعاوناً وثيقاً بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتحقيق هذه الأهداف 

اثنين, 19/08/2024 - 22:35