تناول وزير الاقتصاد والمالية الجوانب الفنية لاتفاقية الشراكة، التي تخص رصيف للحاويات ورصيف لتفريغ المحروقات في الميناء، مع فاعل من القطاع الخاص، حيث استعرض الوزير التأخر الكبير الذي شهدته موريتانيا في مجال الشراكة ما بين القطاعين العمومي والخصوصي(PPP)، رغم أن العديد من البلدان قد عرفت هذ النوع من آلية التمويل قبل عشرات السنين، وقد تطورت بشكل كبير، في حين أن بلدنا لم تكن لديه منظومة قانونية تبوب على هذه الشراكة على حد قوله.
جاء حديث الوزير ضمن تعليقه على اجتماع مجلس الوزراء في المؤتمر الصحفي الحكومي المنظم أسبوعيا بهذا الخصوص، حيث تطرق الوزير إلى موضوع الاتفاقية في رده على أسئلة الصحفيين.
وقد أصدرت وزارة المالية إيجازا صحفيا بهذه المناسبة جاء فيه:
قدم وزير الاقتصاد والمالية خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي لعرض نتائج اجتماع مجلسي الوزراء، عرضا ملخصا عن بيانين قدمهما اليوم الخميس خلال اجتماع مجلس الوزراء، تناول الأول التقدم الذي حققت بلانا على مؤشر مناخ الاعمال (Doing Business)، والثاني حول برنامج الإصلاحات المبرمجة في اطار دعم جديد للميزانية من طرف البنك الدولي.
وقال الوزير إن بلادنا تقدمت هذه السنة درجتين على هذا المؤشر حيث وصلت للرتبة 148 من بين 190 دولة، موضحا أن التحسن على هذا المؤشر يعتبر عامل جذب ومطمئن للمستثمرين، ويأتي هذا التحسن بناء على الإصلاحات التي تقوم بها بلادنا، والتي بدأت تؤتى أكلها خلال السنوات الأخيرة حيث تقدمت بلادنا خلال السنوات الأربع الماضية 28 درجة، مما مكن بلادنا من تقليص الفارق بينها والعديد من البلدان المجاورة التي تقدم بعضها مثل المغرب بينما تراجع في بعضها مثل السنغال نقطة واحدة ومالي نقطتين.
ومقارنة بين بلادنا والمغرب نجد أن الفارق تقلص من 105 رتبة إلى 88 ما بين 2015 و2018، والجزائر تقلص إلى 9 نقاط كما تقلص مع كل من السنغال ومالي.
وأكد الوزير أن الإصلاحات التي تمت استفاد منها القطاع الخاص وبدأت تعطى صورة جديدة عن مناخ الاعمال في البلد.
وستنطلق خلال الايام القادمة خارطة طريق للإصلاحات الجديدة والبدء في تنفيذها لتحقيق تقدم جديد على هذا المؤشر.
البيان الثاني يتناول الدعم الميزانوي المقدم من طرف البنك الدولي الذي حظي به البلد أول مرة سنة 2016، بناء على حزمة الإصلاحات التي قيم بها على مستوى المالية العامة، وقد بلغت قيمة هذا الدعم المباشر وعلى شكل هبة 52 مليون دولار على مدى سنتين، وقد مكنت هذه الإصلاحات بزيادة نقطة البلد في التصنيف مما سمح بزيادة الغلاف المالي المخصص لنا حيث انتقل من 80 مليون دولار إلى 210 مليون دولار ستخصص 90 مليون دولار منها للدعم الميزانوي للسنتين القادمتين.
وبين الوزير أن مزايا هذا الدعم لا تقتصر على أن الحكومة ستستخدمه لتمويل البرامج والقطاعات ذات الأولوية، و كونه دعما مجانيا مباشرا للميزانية فهو أيضا تأكيد على ثقة من الممول في أن هذه الموارد ستستخدم بالشكل المناسب.
وفي رده على أسئلة الصحافة، تناول الوزير الجوانب الفنية لاتفاقية الشراكة، التي تخص رصيف للحاويات ورصيف لتفريغ المحروقات في الميناء، مع فاعل من القطاع الخاص، حيث استعرض الوزير التأخر الكبير الذي شهدته بلادنا في مجال الشراكة ما بين القطاعين العمومي والخصوصي(PPP)، رغم أن العديد من البلدان قد عرفت هذ النوع من آلية التمويل قبل عشرات السنين، وقد تطورت بشكل كبير، في حين أن بلدنا لم تكن لديه منظومة قانونية تبوب على هذه الشراكة.
وقال الوزير إن هذه الشراكة تعني أن بعض القطاعات التي تتولى الدولة عادة انشاءها، تسند هذا التنفيذ للقطاع الخاص، الذي يتكلف بتشييدها على حسابه الخاص، ومن ثم يستغلها لفترة زمنية محددة، بناء على شروط معينة، وعند انتهاء هذه الفترة تعود ملكيتها للدولة.
ومن الواضح ـ يقول الوزيرـ إن هذه الآلية لديها مزايا عديدة، حيث تسمح للدولة بترشيد مواردها، وتوجيهها لقطاعات أخرى ذات أولوية، وتحول دون زيادة المديونية، كما أن هذا النوع من الشراكة يسمح بتحسين الخدمات، حيث يكون الفاعل عادة لديه من الإمكانيات والخبرة ما يسمح به بذلك، خصوصا أن لديه الدافع القوي للحرص على جودة الخدمة التي ستمكنه من استرداد استثمارته، كما يخشي من سحب الصفقة منه بناء على عدم احترامه لدفتر الالتزامات وما يحمل ذلك من خسارة للأموال التي استثمر، كما أن هذا النوع من الشراكة يعتبر وسيلة لنقل الخبرة الى البلدان المستفيدة، أيضا هنالك إيجابية أخرى خصوصا مع الشركات التي تعمل في ميدان الموانئ، والتي تكون لديها علاقات تسمح لها بجذب شركات نقل دولية، تمكنها من تحقيق أرباح كبيرة وهنالك تنافس دولي قوي على هذا النوع من الشراكة.
بالنسبة لبلادنا لم يكن هنالك اطار قانوني ينظم هذه الآلية، وبدأت الإصلاحات الأخيرة بإعداد هذا الاطار، وعكفت عليه لجنة وزارية ولجان فنية وخبراء دولييين، واكتمل مشروع القانون خلال سنة 2017 حيث قدم لمجلس الوزراء، وعرض هنا خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي، ورفع للبرلمان الذي أجازه.
بعد ذلك ـ يقول الوزير ـ دخلنا مرحلة التنفيذ بناء على المساطر التي يحدد القانون، وتم تحديد محفظة مشاريع التي يمكن أن تكون مجال شراكة مع المستثمرين الخواص، وصادق عليها مجلس الوزراء، ولعقد هذه الشراكة هنالك احد طريقين، ولا علاقة لهما بقانون الصفقات العمومية المعروف، اولهما أن يكون هنالك اعلان مناقصة، والطريق الثاني الذي ينص عليه القانون وهو العطاء التلقائي، حيث يتقدم المستثمر بعرض خبرته، وما يمكن أن يقوم به في مجال معين، والمشروع الذي نتحدث عنه اليوم من النوع الأخير.
وأوضح الوزير أن هذا النوع من الشراكة معروف ومعتمد في العديد من البلدان، خاصة في مجال الموانئ، فهنالك ميناء دكار الذي تسيره موانئ دبي، ونفس الشيء ينطبق على ميناء آبدجان ولبريفيل وطنجة مد... الخ.
وقد بدأ تنفيذ هذه الشراكة بتوقيع مذكرة تفاهم بين المستثمر ووزارة التجهيز والنقل ـ مثل العديد من المشاريع الأخرى التي أبدى العديد من المستثمرين الاهتمام بها مثل الطريق السريع نواكشوط/ ألاك، موقف كبير للسيارات بالقرب من سوق العاصمة... ـ بالنسبة لمشروع الميناء، تقدم مستثمر معروف في المجال الزراعي والموانئ والنقل الدولي يسمى "أولام" من سنغافورة، وبدأت المساطر القانونية منذ شهر فبراير الماضي وتم تقديم دراسات الجدوائية و البيئية والفنية وبدأت النقاشات على كافة المستويات إلى أن تم الاتفاق على الشروط، وتم تقديم بيان حول الموضوع لمجلس الوزراء، وقدم للصحافة خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي، وأحيل للجنة الصفقات للتأكد من احترامه لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقدمت رأيها، بعد ذلك وقعته مختلف الوزارات المعنية وتم نشره على موقع لجنة الشراكة بين القطاعين لاطلاع الرأي العام عليه.
أما بخصوص محتويات العقد فتتضمن تعميق الميناء، وبناء رصيفين أحدهما للحاويات مجهز بالرافعات والثاني لتفريغ المحروقات، والتي تكلف حاليا مبالغ معتبرة لنقلها من ميناء نواذيبو الى نواكشوط، حيث سيسمح هذا الميناء باستقبال بواخر تحمل 50 ألف متر مكعب، بدل بواخر 30 ألف متر مكعب.
وسيكلف الاستثمار في هذه المنشأة 390 مليون دولار، لم تتكلف منها الدولة الموريتانية أوقية واحدة، وفترة العمل في المشروع 24 شهرا، قد تنقص، وسيعمل به خلال مرحلة الانشاء 750 شخص مع بداية التشغيل سيشغل 500 شخص بشكل دائم، وأية حاوية 20 قدم تنزل على الرصيف يدفع للخزينة عنها 50 دولار، 40 قدم 75 دولار، وكل متر مكعب من المحروقات 2 دولار، دون الضرائب على الآليات بمعدل 3.5٪، الضريبة على الربح 25٪ والضريبة على العمال ستدفع كاملة، والقيمة المضافة 16٪ وفي حالة عدم الربح كل سنة سيدفع 2,5٪ من رقم أعماله، بعد 30 سنة ستعود المنشأة إلى الدولة، وإذا أراد أن يلغي الاتفاق ستبقى البنية التحتية للدولة ولن نخسر أي شيء.
هذا هو الاتفاق المبرم بطبيعة، الحال هذا المستثمر محترف ولم يأتي هنا ليخسر، لكن الاقتصاد العالمي مبنى على أن كل الأطراف تربح (رابح/رابح).
بخصوص ضرورة أن تمر الصفقة على البرلمان، القانون هو الحكم، وهذا النوع من الصفقات لا علاقة له بالبرلمان، الحالة الوحيدة التي تستدعى ذلك إذا كانت هنالك إعفاءات ضريبية لم ينص عليها القانون، وهذا ما لم يحدث في هذه الحالة.
وبخصوص الوضعية القانونية للشركة، فإن القانون الموريتاني يلزم كل مستثمر يدخل شراكة مع القطاع العام، بخلق شركة تابعة للقانون الموريتاني، وهذا ليس خاص ب(PPP) ففي المجال المعدني شركة تازيازت شركة موريتانية والمستثمر كندي " كينروس"، فالقانون يلزم بأن تكون الشركة موريتانية، لكن هذا لا يعني إلزامية أن يكون هنالك شريك وطني، فمن حق المستثمر الأجنبي أن ينشئ شركة موريتانية دون أن يكون له شريك موريتاني.
وأكد الوزير أن هذه الشركة لا تضم أي شريك موريتاني مطلقا، والمساهمين فيها أجانب 100٪، لكن لا يوجد قانون يمنع موريتاني من أن يكون مساهم في شركة ما.
وفي رده على سؤال حول قضية سوق العاصمة قال الوزير إنه منذ سنوات، أكدت دراسة سابقة على هذه الحكومة، أن هذا السوق أصبح يشكل خطرا على حياة وأموال المواطنين، وتقرر بناء سوق جديد، رغم أن هذا الأمر لا يدخل في مهام الدولة، على أن يتم تحويل السوق إليه، وعرض على التجار أصحاب السندات العقارية التنازل عن أرضهم مقابل أخذ أراضي في السوق الجديد، لا تكلفهم سوى سعر تكلفة البناء لكنهم رفضوا.
بخصوص السوق القديم مركزها (كرش البطرون) ملك للدولة، ومن يستغله مؤجر، والمحيط بها ملك لخواص، وقد وجه اشعار للمؤجرين بناء على العقود المبرمة معهم، بإخلاء السوق ومنحوا مهلة شهر.
وبما أن الدولة على علم بخطورة وضعية السوق فإن ملكيتها منه، ملزمة بإزالتها لأنه عندما تنهار على أحدهم فإنها تكون مسؤولة عنه.
ما هو مؤكد ـ يقول الوزير ـ إن الدولة ملزمة بالمحافظة على ممتلكات الناس وحياتهم، ولا يمكن أن تخضع لأي ضغط من أي نوع في هذه القضية.