مايسترو مسرحيات مرض الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز هو العميد محمدٌ ولد اشدو، المحامي المخضرم الذي دافع عن جميع السياسيين الأحياء الآن في البلاد خلال العصور الاستثنائية. ولد اشدو محامٍ متمرس له أسلوب معروف وتقنية معهودة لكل من تابع مرافعاته وبياناته. مرافعاته غالبًا ما تكون خالية من القانون والدفاع عن المتهم بالحجة والبرهان، ومليئة بالنكات وألوان التعريض بالمحاكم ومحاولات ابتزاز القضاة عبر استغلال منطق “من ليس معنا فهو ضدنا”، المشابه لقاعدة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش.
لا جديد في أسلوب مرافعات المحامي ولد اشدو، ولا مفاجأة في استراتيجياته. فطريقته في الدفاع لم تتغير منذ الثمانينيات: “من لم يحكم لصالحي فهو قاضٍ يتلقى الأوامر”، و”أنا من يحتكر الحق المطلق”، و”القضاة مسلوبو الحرية إذا لم يستجيبوا لطلباتي”. كما يلجأ أحيانًا لتقنية تفسير قرارات القضاء بنقيض معناها، كما فعل مؤخرًا مع قرارات المجلس الدستوري.
العارفون بالعميد ولد اشدو من زملائه المحامين وأصدقائه من الصحفيين يعرفون أسلوبه الذي يعتمد على التندر والقصص مع القضاة ومحاولات إرباكهم عبر الابتزاز الإعلامي والتصريحات المضللة حول وقائع واضحة لا تحتمل التأويل. وقد وصف القاضي المرحوم محفوظ ولد لمرابط مرة مرافعات ولد اشدو بالقول: “سمعنا نوادر من أمثال البيظان وعرجنا على أزوان وأيام العرب، لكن هذا مجلس قانون ولم تذكروا فيه شيئًا من القانون.”
للأسف، لم يطور ولد اشدو أسلوبه وظل جامدًا عليه، متناسيًا أن المحاكم تطورت، والوعي القانوني انتشر، ولم يعد الإعلام حكراً له ليوجه منه الرأي العام، كما لم تعد المحاكم تتأثر بهذا الأسلوب. ومن أساليبه التي عفا عليها الزمن أنه يقول ما يشاء وقتما شاء، معتمدًا على أن الرأي العام الناقد للسلطة لن يدقق في صحة ما يقول، متناسيًا أن المعلومات اليوم أصبحت متاحة، وأن الناس يحترمون فقط من يحترم عقولهم.
نماذج من تناقضات روايات ولد اشدو
التناقض الأول: ثناؤه على عشرية عزيز
كتب ولد اشدو خلال فترة حكم محمد ولد عبد العزيز مقالاً بعنوان “حكاية ملف خاص” انتقد فيه العدالة وقال إنها مسلوبة الحرية، مستخدمًا عبارات تتناقض تمامًا مع حجم المديح الذي يكيله اليوم لما يصفه بـ”العصر الذهبي للعدالة” خلال عهد عزيز. في مقاله، تساءل ولد اشدو عن “المستقبل المظلم” الذي ينتظر شباب المحامين إذا تعرض “العميد” للإهانة التي وصفها بأنها “غير مسبوقة” و”لا توصف”. اليوم، يراهن ولد اشدو على أن أحدًا لن يتذكر ذلك المقال.
التناقض الثاني: تصريحاته بشأن صحة موكله
صرح ولد اشدو قبل فترة بأن الدكتور ولد أبه نصح بنقل موكله للعلاج في الخارج، مثنيًا على مهنيته. ثم تراجع وكال له التهم وطعن في مصداقية آرائه الطبية. كذلك، ادعى أن النيابة العامة لم ترسل أطباء، ثم عاد ليقول إنها أرسلت “أطباءها”، وقدم تقاريرهم بنفس الطريقة الملتوية التي قدم بها قرارات المجلس الدستوري.
التناقض الثالث: زيارة الوفد الطبي
في بيان منشور، زعم ولد اشدو أن وفدًا طبيًا زار موكله دون علم فريق الدفاع، ليتضح لاحقًا أن الزيارة كانت لوفد من “آلية الوقاية من التعذيب”، وهي جهة لا يريد ولد اشدو أن تمارس دورها في دولة القانون. بعد عجزه عن منع الزيارة، صدرت بتوجيه منه روايتان متناقضتان: الأولى تقول إن موكله طرد أعضاء البعثة، والثانية تزعم أن موكله تعامل معهم وحملهم المسؤولية عن وضعيته الصحية.
التناقض الرابع: تصريحات إعلامية متضاربة
في تسجيلات صوتية يتم توزيعها بتوجيه منه، تحدث أحدهم عن “الحرمان من الإعلام”، ثم زعم لاحقًا أن أجهزة التشويش وضعت خلف جهاز التلفاز الذي يشاهده الرئيس السابق، وهو نفس الشخص الذي ادعى الحرمان من الإعلام.
ختاما؛ ولد اشدو، الذي يعول على أسلوبه التقليدي في سرد الروايات المتناقضة، يتجاهل أن زمن التلاعب بالرأي العام قد ولى، وأن المحاكم أصبحت تعتمد على الحجة والبراهين وليس على محاولات الإرباك والابتزاز.
بقلم: محمد محمود الحسين الحر