ملف الهجرة يثير أزمة عنيفة بين فرنسا والجزائر

تصدر توتر العلاقات بين فرنسا والجزائر حديث الجلسة الوزارية حول الهجرة التي دعا إليها رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، الأربعاء. هذا التوتر جاء على خلفية الهجوم الذي وقع في مدينة ميلوز شرق فرنسا، ونفذه مشتبه به جزائري وهو مهاجر غير نظامي كان يواجه أمرًا بمغادرة الأراضي الفرنسية، ما زاد من تعقيد العلاقات بين البلدين وألقى بظلاله على المناقشات السياسية حول ملف الهجرة.

فاقمت حادثة الاعتداء قبل أيام الأزمة السياسية بين فرنسا والجزائر، إذ حمّل وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، الجزائر مسؤولية الهجوم الذي وقع في المدينة. جاء ذلك خاصة في ظل رفض حكومة الجزائر في وقت سابق طلبات فرنسا بترحيل المهاجم.

في هذا السياق، أعلن رئيس وزراء فرنسا، فرانسوا بايرو، خلال الجلسة أن بلاده لا تسعى لتصعيد الأوضاع الدبلوماسية مع الجزائر، ولكنها تشدد على ضرورة احترام الاتفاقيات الموقعة بين البلدين.

وأوضح بايرو أن فرنسا تطلب من الجزائر القيام بمراجعة شاملة لجميع الاتفاقيات الثنائية، مشيرًا إلى أن عدم إصدار الجزائر تصاريح قنصلية لاسترداد مواطنيها غير النظاميين من فرنسا يعد انتهاكًا لهذه الاتفاقيات.

كما أعرب عن أسف بلاده لعدم احترام الجزائر لاتفاقية عام 1968، التي تنظم دخول الجزائريين إلى فرنسا، وهو ما يفاقم التوترات بين الطرفين.

 

وأوضح بايرو أنه خلال شهر أو ستة أسابيع "سنقدم إلى السلطات الجزائرية قائمة مستعجلة، تتضمن أسماء أشخاص خطيرين تريد الحكومة ترحيلهم". وإذا لم تتجاوب الجزائر بشأن ذلك، فإن فرنسا "ستعيد النظر بالتسهيلات الخاصة المعطاة للجزائريين، بما في ذلك الاتفاقيات نفسها". ولا شك أن أمرا كهذا ستكون من نتائجه أزمة كبرى بين البلدين.

من جانب آخر، عبر رئيس وزراء فرنسا عن قلقه الشديد بشأن صحة الكاتب الفرنسي من أصل جزائري، بوعلام صنصال، الذي اعتقلته السلطات الجزائرية في نوفمبر الماضي. وأكد بايرو أنه يجب احترام حقوق صنصال جميعها، بما في ذلك حقه في اختيار محاميه للدفاع عنه، وذلك في إطار احترام الحقوق الأساسية للإنسان.

وجاء هذا التصريح في ختام اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بملف المهاجرين، وكان موضوع المهاجرين الجزائريين غير النظاميين الذين ترفض الجزائر استردادهم من فرنسا أحد أبرز محاور الاجتماع، الذي شارك فيه عدد من كبار المسؤولين الفرنسيين، مثل وزير الداخلية برونو روتايو، ووزير العدل جيرالد دارمانان، ووزير الخارجية جون نويل بارو، ووزيرة التربية إليزابيث بورن، إضافة إلى وزير العمل يانيك نودير.

تعقد فرنسا عادة اجتماعًا وزاريًا كل يوم أربعاء في قصر "ماتنيون" لمناقشة قضايا سياسية واقتصادية مختلفة. ولكن في ضوء الوضع الاستثنائي، خصص هذا الاجتماع لمناقشة قضايا الهجرة بشكل خاص، وذلك في خضم التطورات الأخيرة والاهتمام المتزايد بقضية المهاجرين غير النظاميين.

وكان الهجوم في ميلوز قد وقع يوم السبت الماضي، وأسفر عن مقتل شخص وإصابة 3 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة. ورغم صدور مذكرة ترحيل بحق المشتبه به في الهجوم، رفضت الجزائر استقباله، وهو ما أثار غضب السلطات الفرنسية وأعاد فتح النقاش في فرنسا بشأن كيفية تنظيم الهجرة وسبل معالجة مشكلة المقيمين غير الشرعيين في البلاد.

وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أعلن الثلاثاء، أن بلاده أقرت "قيودا على حركة ودخول الأراضي الوطنية تطال بعض الشخصيات الجزائرية".

ولم يحدد بارو متى فُرضت هذه القيود أو عدد الشخصيات التي تشملها، لكنه أكد استعداد بلاده "لاتخاذ المزيد" من هذه القيود في حال "لم يُستأنف" التعاون الفرنسي-الجزائري في هذا المجال.

 

بدأت التوترات منذ صيف العام الماضي بعد دعم باريس خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، تلاها ملف ملاحقة المؤثرين الجزائريين الذين تتهمهم باريس بالتحريض على أعمال عنف في فرنسا، بالإضافة إلى اعتقال الجزائر للكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال.

وعلى خلفية التصعيد بين البلدين، كشفت استطلاعات للرأي أن 84% من الفرنسيين يعتقدون أنه يجب على فرنسا تعليق تأشيرات المواطنين الجزائريين بالكامل حتى توافق الجزائر على استعادة مواطنيها الذين تم طردهم من فرنسا بموجب التزامات مغادرة الأراضي الفرنسية.

نقلا عن العربية نت

خميس, 27/02/2025 - 16:01