ولد ماديك يكتب: إعدام المرتد في ميزان الشرع (2)

إعدام المرتَدِّ في ميزان الشرع (2)
دلالات القتل والقتال
قد يقع قَتْلٌ ولو لم تحصلْ مُقاتلةٌ كما في الصور التالية:
ـ قَتْلُ النفس المعصومة عُدوانا وظلما من فردٍ أو جماعة أو دولة. 
ـ الْـحِرابة: وهي الاغتيال غدرا من مجموعة مختفية أو فرد منها ضد الْمُجتمع، وهي ترويعُ أبناء السبيل وإرهابُهم بقطع الطريق عليهم أو قتلِهم أو قِتالهم لسفك دمائهم أو لِلِاستيلاء على أموالهم، وهي من الإفساد في الأرض ولا يتأتَّى إلا ممّن خرجوا عن المجتمع والسواد الأعظم من الناس أي هي سلوك الشواذّ عن الجماعة.
وأكبرُ من الحِرابةِ وأخطرُ وأفجَرُ ترْوِيعُ الناسِ الآمِنين في مساكنِهم وأسواقِهم ومواطنِ اجتماعِهم وإرهابُهم بالقتل أو الخطف أو التفجير، وعِقابه في الدنيا وفي الآخرة أغلَظُ من حَدِّ الحرابةِ، وكذلك ضَربُ الوالِدَيْنِ أفجر وأعقُّ من قول الشقي لهما ﴿أُفٍّ لكما﴾ [الأحقاف 17] وكذلك المخدِّرات أسْكَرُ وأخطَرُ من الخمر.
فإن كان هذا السلوك ممن يَعتقِد أنه يُحسنُ صنعا وأنه من المجاهدين الصابرين المحتسبين فتلكم الفتنة الكبرى التي تجعل الحليم حيران والله المستعان.
وظهر في عصرنا الحاضر حِرابةٌ يقوم بها رجال الخوف والخطف والتعذيب ضدّ الآمِنِين وهي من أكبرِ درجاتِ الإفساد في الأرض.
ـ قتْلٌ شرعيٌّ تقوم به الجماعة ضِدّ فردٍ منها أو عصابة جزاءَ شُذوذ أو محاربةٍ.
ويلزَم جماعةَ المسلمين أن تعصمَ دمَ كل فرْدٍ منها ولا تسفكَه إلا بحقٍّ يُبيحُ لها قتلَه كما هي دلالة الحديث النبوي: "لا يحلُّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة" (عن ابن مسعود مرفوعا) في الصحيحين وفي سنن أبي داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم ومسند أحمد وأبي يعلى الموصلي والبحر الزخار مسند البزار.
وهو صريح في القتل على هذه الخصال ولو لم تحصل مقاتلةٌ من أصحابها غير أنه من التشريع الجماعي في الكتاب المنزل للمجتمع المدني المسلم.
ولن يقوم الاحتجاج به للأفراد إذ لم يأت في الكتاب المنزل تكليفُ فَرْدٍ بقتلِ فرد ولا جماعةٍ، وإنما جاء في الكتاب تكليف الجماعة المسلمة بقتل فرد شذّ أو حارب كما في قوله ﴿ولا تقتُلوا النفسَ التي حرّم الله إلا بالحق﴾ [الأنعام 151][بني إسرائيل 33] في خطاب الجماعة المسلمة لا في خطاب الفرد وإنما بيان قتلها بالحق هو ما بيّنه الكتاب وبيّنه النبيّ صلى الله عليه وسلم بحديثه. 
أما غير الثيب الزاني والقتل للقصاص والمحاربُ المفارق للجماعة التارك لدينه فإذا قتلتْه الجماعة فإنما ظلما وعدوانا منها على الفرد.
وتوهَّم بعضُهم جواز قتلِ المرتدّ بهذا الحديث، وبينتُ في هذا البحث إبطالَ شرعيِّة الإكراه على الدِّينِ إذ هو اجتهادٌ بقَتْلِ المُرْتَدِّ يَنسَخون به ويُبْطِلون كليَّة ﴿لا إكراه في الدِّين﴾ [البقرة 256] مُحْتَجِّين بحديثٍ يقع على الْمُحارِبِ الْمُنشَقِّ المفارِق دينَه بِتَرْكِ الجماعة وهو الذي يشذّ عن جماعة المسلمين يُفارقهم بالسَّعْيِ فيهم بالأراجيفِ وممالأة العدُوِّ، أو هو الذي يفارِقُ دِينَه ويترُك جماعته يسعَى في الأرضِ حرابة وقطْعَ طريقٍ بل لا يتأتَّى قطع الطريق ومحاربة المجتمع إلا ممن اتّصَف بالوصف في الحديث النبويّ "والمفارق لدينه التارك للجماعة".
قلْتُ: وأفادَ الحديثُ النبويُّ ابتداءً قتلَ الثَّيِّبِ الزاني وحدَه بالهدْيِ النبويِّ، أما القصاص فقد تنزَّل في سورتي البقرة والمائدة، وأما قتلُ المحاربِ المفارق لدينِه التاركُ للجماعة فقد تنزَّل في سورة المائدة، ولكأّنَّ الثَّيِّبَ الزانِيَ محاربا سِلْمَ المُجتمعِ وطمأنينته وأعراضَهُ.
ولا يخفى نزول حرفيِ الأنعام والإسراء في مكة قبل قيام الدولة النبويّة المدنيَّة في المدينة،  ولكن الجماعة المسلمة المخاطبة بهذا التكليف لم توجدْ في مكة البتّة قبل الهجرة وإنما نشأتْ وكان لها سلطانُها الذي اكتسبتْ به صفةَ الجماعة في المدينة، وظلّتِ الجماعة المسلمة بعد قيامها في المدينة لا تعلم دلالة قوله ﴿بالحق﴾ الذي يجعل لها سلطانا أي حُجّة من الله بقتل فرد منها شذّ أو حارب حتى نزلَ حدُّ الزاني المحصَن في سورة النور بعد غزوة الأحزاب وتجاوُزِ الدولة مرحلةَ الدفاع ونزلَ الإذن بالقصاص في البقرة والمائدة ونزل حدُّ الحرابة في المائدة في السابعة للهجرة.
ولم يوصف قتلُ الجماعة فردا شذَّ أو حاربَ بأنه ﴿في سبيل الله﴾ فظهر أن للمؤمنين بعد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتمثّلوا القيامَ بالحدود إذا كان لهم جماعة وسلطان أي تمكينٌ في الأرض إذ لم يوصف قطعُ يد السارق وجلدُ الزاني والقاذفُ والقصاصُ بأنه ﴿في سبيل الله﴾ بل تجردت جميع الحدود من هذا الوصف، وكما هي دلالة الحديثين "لا يَحِلُّ" أي لا يحل للجماعة قتلُ الفرد إلا بإحدى ثلاث.
ولقد تأخّر الإذنُ بالقصاص منذ القَتِيلِ الأول من بني آدمَ بيد أخيه الخاسر إلى أن أنزلت التوراة على أوَّل مجتمع مدني مسلم بعد هلاك فرعون، أما قبلهم فلم توجدْ على ظهر الأرض جماعةٌ مسلمة إذ لم يتجاوز الناجون مع الرسل بالآيات كنوح وهود وصالح ولوط وشعيب العدَّ بالأصابع، وتلك دلالة قوله ﴿من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتَل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتَل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيَى الناس جميعا﴾ [المائدة 32] بعد تلاوة نبإ ابنيْ آدم بالحق على هذه الأمة، ودلالة قوله ﴿وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص﴾ [المائدة 45] ويعني فرض القصاص في التوراة، أما قبلها فلم يوجد تشريع جماعي.
ويحتجُّ بعض المعاصرين باستفاضة المتون الفقهيّة الفروعيّة بقتْل الْمُرْتدِّ تعزيرا أو حَدًّا ولا يسلَم لعِدَّة قرائن منها:
ـ أنَّ الفروع الفقهية أجمعت على بيع الإنسان واعتبار مَن انقطعتْ بِه السُّبُل وخطفه الصعاليكُ فباعوه عبدا ملكتْه يمين غيره ولا يُوَرِّثُ لسلالاتِه غير استمرار الاسترقاق والعبوديّة فيهم إلى أن يَمُنَّ أحد سلالات الأسياد بالعِتْقِ، ولا يخْفَى أنَّه تشريع بشريٌّ لمخالفته الكليَّة العامّة في القرآن ﴿ولا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إلَّا عليْهَا ولَا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام 164]، ولنا أن نتساءَل عن الوِزْرِ والإثم الذي اكتسبته نطفة في صُلْبِ مقهور مغلوب على أمره لِتَرِثَ الاسترقاق؟
أنّ الحقيقة سواء كانت ابتدائية أو متوسطة أو كلية ستبقى كذلك لا تزداد ثبوتا وصحة بإجماع جميع الإنس والجن عليها ولا تنقص بنكرانهم في عصر من العصور أو عبر التاريخ، وكذلك شهادتنا "أن لا إلـه إلا الله وأن محمد رسول الله" ستظلُّ كليةً ثابتةً لن تنقُصَ بإنكارِ أهل الأرض أجمعين، ولنا أن نتذكر يوم أنكر أهل الأرض جميعا وحدانية الله قبل أن يخالفهم كل من نوح وإبراهيم وحده بإعلان التوحيد.
وإنّ من تفصيلِ الكتاب المنزل وهَدْيِ النُّبُوَّة حصرُ الأوجه المأذون بها في القتال أو المقاتلة بين كل فئتين في ثلاثة أقسام أُرَتِّبُها ترتيبا تصاعديًّا بدْءًا بالأدنى:
ـ قتال الدّفع 
ـ قتال شرعي 
ـ قتال في سبيل الله
أولا: قتال الدفع
أما الدَّفع كما في قوله ﴿وقيل لهم تعالوْا قاتِلوا في سبيل الله أوِ ادْفًعوا﴾ [آل عمران 167] ومن المثاني معه قوله ﴿وما لكم لا تُقاتِلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربّنا أخرجْنا من هـذه القريةِ الظالمِ أهلُها واجعل لنا من لدنْكَ ولِيًّا واجعل لنا من لدنْك نصيرا﴾ [النساء 75] فليس من القتال في سبيل الله إذ غاير بينهما، وإنما الدَّفْعُ هو سلوك جماعة ظاهرة تُقاتِلُ لِدَفْعِ اجتياح عدُوٍّ من خارج البلدة، أو لتحرير المستضعفين خارجَ منظومتِهم، ونُدِبَ إلى المنافقين فِعْلُه للدِّفاع عن بيضة المدينة وطنِهم في غزوة أُحُد كما في حرف آل عمران ولتخليصِ المستضعفين في مَكّة كما في حرف النساء لـمّا أعرضوا عن القتالِ في سبيل الله أي طاعةً لله ورسوله.
ويُشْتَرطُ لجواز قِتالِ الدَّفْعِ أن يَكونَ تحتَ إمارَةِ حاكمٍ ظاهِرٍ في الأرض يتمكَّنُ مِن تأمينِ مَنْ يأوي إليْهِ من الخائفين والمستضْعَفين أي غَيْرَ ضمير مُسْتَتِرٍ مُخْتَفٍ، وأمَّا سُلوكُ بعضِ الأفراد الفردِيِّ خارج هذا الشرط فعَبَثٌ وحَماسٌ أعمَى تَخْتَلِطُ به الأوراقُ ويَنفَلِتُ به نِظامُ تَصَدُّرِ أهل الرأي والبصيرة والمشورة من أعيان البلدِ. 
ولعلّ من الدَّفْع قتالُ صلاح الدين الأيوبي رحمه اللهُ في ظل دوْلَتِه إذ دفَع عن المسلمين صَوْلَةَ الصليبيّين، وقتالُ قُطْزٍ رحمه اللهُ في ظل دولتِه إذ دفع عن المسلمين صوْلةَ التَّتَّار، وقِتالُ يوسُفَ بن تاشفِّينَ رحمه اللهُ إذ أخَرَ سقوط الأندلُس ولم أستكملْ نماذجَه القليلةَ عبر التاريخ.
وإنّ من نِعمةِ الله وفضْله على العالَمين أن أذِنَ في سورتي الحج والبقرة للناس كل الناس في العالَمين وهم أعم من المسلمين أي أذِن لكل من المسلمين واليهود والنصارى والصابئين أن يدفع كلٌّ منهم الاعتداءَ عن العامَّةِ والذّراري اعتداءَ الغزاة المُعتدين ولِتُحْفَظَ دورُ العبادة: الصّوامعُ والبِيَعُ والصّلَوَاتُ والمساجِدُ من الهَدْمِ، وقد وقع الإذِن في السورتين في سِياق اعتداءِ الغزاةِ وهو اعتداء جالوتَ وجنوده في حرف البقرة، وهو اعتداءُ الأقوياء الذين يُقاتِلون ـ بالتسمية ـ الضعفاءَ ظلما في حرف الحج.
والحرفان من الخطاب الجماعي أي للشعوب التي تتعرض للاحتلال والقهر، ولا يقع الخطاب فيهما على الأفراد كما أصَّلْتُ في فقه المرحلة. 
وإن مِن أبشَعِ أنواع الاعتداءِ في مَرحَلَتنا المعاصرة الاعتِداءُ بالحصارِ الاقتصادي بمَنعِ الماءِ والطعام والدَّواء وإغلاق الحدود أمام العامَّة المشرَّدة المحرَّقَة إحصارا عن مواطن الأمْنِ والاستقرار في أرضِ الله الواسعة.
ثانيا: قتال شرعي
إن قتال الصحابة بعد النبيّ صلى الله عليه وعلى ءالِه وسلم الذين يلُونَهم من الكفَّار هو قِتالٌ شرعيٌّ شرَعه اللهُ في الكتاب المنزَّل في قوله ﴿يا أيها الذين ءامَنوا قاتِلوا الذين يلُونَكم من الكُفَّار ولْيَجدوا فيكم غلظةً﴾ [براءة  123] ومن المثاني معه قوله ﴿قل للمُخَلَّفين من الأعراب ستُدعَون إلى قوم أولي بأس شديد تُقَاتِلونهم أو يُسْلِمون﴾ [الفتح 16] وناسَبَ التعامُلَ بالغلظَة قوما عدوًّا أولي بأسٍ شديد. 
وإنما الْمُخلَّفون من الأعراب هم الذين عاصَروا العهدَ النبوِيَّ المدَنِيَّ في المدينة وءامَنُوا به بعدَ فتْحِ مكَّةَ ولم يلتحقوا به بل تخَلَّفُوا عن القِتال معه في سبيل الله، ودعاهم بعده أبو بكر وعمرُ رضي الله عنهما لِقِتالِ أهلِ الرِّدَّةِ، أما بعد جيل الصحابة الكرام فقد مضى وانقرض بالموتِ الْمُخلَّفون من الأعراب عن القتالِ مع رسولِ الله صلى اللهُ عليه وعلى ءالِه وسلَّم.
وقد اجتمع القتالُ الشرعيُّ وقتالُ الدَّفْعِ في خطاب جماعةِ المسلمين بقتالِ الطائفة الباغيَةِ لِدَفْع بَغْيِها بعد الصلْح بينها وبين طائفةٍ أخرى من المؤمنين كما في قوله تعالى ﴿وإن طائفتان من المؤمنين اقْتَتَلوا فأصْلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتِلوا التي تبغِي حتى تفيءَ إلى أمر الله﴾ [الحجرات 9] وكان قتالُ جماعةِ المسلمين الفئةَ الباغية شرعيًّا مأذونا به في الكتاب المنزل ولكن ليس من القتال في سبيل الله كما هي دلالة تجريده من الوصف بـ ﴿سبيل اللهِ﴾. 
ثالثا: قتال في سبيل الله
إن من تفصيل الكتاب وأصول الخطاب أنّ قوله ﴿في سبيل اللهِ﴾ حيث وقع الوصف به في الكتاب المنزل فإنما لبيان أنّ رسولا أو نبيًّا قد تنزل عليه الوحي يُخاطِبُ الذين ءامَنوا معه خاصة بالتكليف الموصوف بأنه ﴿في سبيل الله﴾ كالهجرة والجهاد والقتال والإنفاق ﴿في سبيل الله﴾.
وقد يقع من المؤمنين بعد حياة رسولهم هجرةٌ أو إنفاقٌ أو جهاد أو قِتال شرعيٌ ولكن ليس هو الموصوف في الكتاب المنزل بأنه ﴿في سبيل الله﴾ وليس من لم يُوَافِقْهم من المؤمنين قد صدّ عن ﴿سبيل الله﴾ أو تخلّف عن الجهاد ﴿في سبيل الله﴾. 
ومتى كان الصحابة الذين اعتزلوا القتال بين الصحابة في آخر الخلافة الراشدة قد تخلّفوا عن القتال ﴿في سبيل الله﴾؟ فاعلمْ تَرْشَدْ.
ـ وما دلالة إعلان النبيّ الأمِّيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبارك براءَتَه من صنيع خالد بن الوليد يوم أمّره بعد فتح مكة على سريّة إلى بني جذيمة فقَتل منهم قَتْلا؟ وودَى القتلى أي أعطى دِياتهِم، وأبرأ أنا طالب العلم الحسَن ولد ماديك مِن اعتقاد مريضِ قَلْبٍ براءةَ رسولٍ مِن رسُل الله أو نبيّ من أنبيائِه من جهاد أو قتال ﴿في سبيل اللهِ﴾. 
ـ وما دلالة استئذانِ عمر بن الخطاب وبعضِ الصحابة رضي الله عنهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة في أكثر من مناسبة لِيأذَنَ لهم بضَرب عُنُقِ مَن اتّهموه بالنفاق ومنهم المنافقون المعلوم بالوحي نِفاقُهم وأنهم من أهل النار كابن أبي سلول؟ ولم يأْذَنْ لهم، ولو سارع بعضُهم بدافع الحماس للدّين وقتَلَ منهم مَن قدَر عليه لما كان قَتْلُه في ﴿سبيل الله﴾. 
ـ وما دلالة تجريد اجتهادات أمراء السرايا والبعوث التي أرسلَها رسول الله الأميّ صلى الله عليه وعلى ءالِه وسلم وبارك مِن الوصف ﴿في سبيل اللهِ﴾؟ كما في الأحاديث المتعددة ومنها: الحديث في صحيح مسلم "كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميرا على جيش أو سَرِيّةٍ أوصاه في خاصّته بتقوى اللهِ ومَن معه من المسلمين خيرا ثم قال: "اغْزُوا باسم الله ﴿في سبيل اللهِ﴾ قاتِلوا مَن كفَر باللهِ اغزو ولا تغْلُوا ولا تغدُروا ولا تُمَثِّلوا ولا تَقْتُلوا وليدا ... وإذا حاصرتَ أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمّةَ الله وذمّةَ نبيّه فلا تجعل لهم ذمّةَ اللهِ ولا ذِمَّةَ نبيّه ولكن اجعل لهم ذمتَك وذمّةَ أصحابك فإنكم أن تخفُروا ذِمَمَكم وذمَمَ أصحابكم أهونُ من أن تخفروا ذمّة اللهِ وذمّة رسوله وإذا حاصرتَ أهلَ حصن فأرادوك أن تُنْزِلَهم على حُكمِ اللهِ فلا تنزلْهم على حُكم اللهِ ولكن أنزلـْهم على حكمكَ فإنك لا تدري أتصيب حُكمَ اللهِ فيهم أم لا".
بقلم/ الحسن محمد ماديك 
باحث في تأصيل القراءات والتفسير وفقه المرحلة
من كتابي "تأصيل فقهي الحوار والمرحلة" باختصار

أحد, 18/11/2018 - 15:28