الابتزاز الإعلامي

Hanevy Dahah

حين يُفترض أن تكون الكلمة أداة وعي، والرأي وسيلة مساءلة، يتحوّل بعض الإعلاميين والمدونين إلى مبتزّين، لا يهاجمون دفاعًا عن مبدأ، ولا يكتبون نصرةً لحقيقة، بل يستخدمون منابرهم للضغط من أجل تسوية تحت الطاولة.

يبدأ الابتزاز الإعلامي غالبًا بهجوم لاهوادة فيه على شخصية يتم انتقاؤها كما ينتقي المرء أطايب الرطب من الطبق، دون مراعاة لأي التزام مهني أو أخلاقي. وكلما تأخر “الرد” المالي أو السياسي، تصاعد الهجوم واتسعت دائرة الاستهداف. وبينما يظهر المبتز بمظهر الرافض للإغراءات، يسعى في الخفاء جاهدًا للمساومة على صمته.. لكن التاريخ يثبت أن رفض الابتزاز هو الذي يصنع العظماء و ليس الرضوخ له..

أنجيلا ميركل، في بدايات حكمها، تعرضت لحملات إعلامية مدفوعة من طرف لوبيات سياسية واقتصادية، لكنها تجاهلت الابتزاز، وثبتت على خطها السياسي ، لتصبح من أقوى الشخصيات السياسية في العالم.

وحين اقتحم رجل الأعمال اللبناني رفيق الحريري، عالم السياسة، رفض الانصياع لضغوط إعلامية ومالية، ثم أنشأ إعلامه الخاص ليدافع به عن مشروعه السياسي، تماما كما واجه مهاتير محمد، ضغوطًا من شركات عالمية سعت لفرض شروطها على بلاده، فلم يخضع ولم تلن له قناة، بل بنى نهضة اقتصادية جعلت منه رمزًا أسطورياً للقيادة الصلبة.

فالخلاصة، أن الابتزاز لا يعيش إلا حيث يتواطأ الخوف مع الارتزاق، والمساومة مع الوهن. لكنه ينهزم أمام الموقف الصلب، والضمير الحي..

الخضوع لابتزاز إعلامي لا يطوي الصفحة، بل يفتحها على مزيد من شراء السكوت، لأن ماء الرشوة يستحيل بنزيناً حين تريقه على نار الطمع..

جمعة, 04/04/2025 - 12:59