عن زراعة الدلاح

لمهابه عبد الله بلال

هناك موضوع يتعلق بزراعة الدلاح ارتأيت أن أشاركه معكم وألفت انتباهكم عليه، حيث شكلت زراعة البطيخ الأحمر (الدلاح) في بلادنا قفزة كبيرة سواء من الناحية الكمية أو النوعية خلال السنوات القليلة الماضية خاصة هذه السنة والسنة السابقة ومن المنتظر أن تتوسع أكثر في المواسم المقبلة بحول الله فقد أصبحت قبلة للمستثمرين و مطلبا متزايدا لدى شركات الاستيراد الأجنبية لمد سلاسل التموين في الأسواق وخاصة الأوربية، وقد توسعت زراعة هذا المحصول لتصل مئات الهكتارات إن لم أقل الآلاف ، وانخرط رجال أعمال من الوطن وأجانب لوضع خطة لزراعة عصرية تأخذ بعين الاعتبار كل عوامل النجاح وزيادة الإنتاجية والإنتاج  مستفيدين من طبيعة الأرض وخصوبتها وتوفر الشمس والماء والعمليات الزراعية المتطورة ، وهو ما يحقق أهداف سياسة الدولة الساعية إلى الوصول إلى إنتاج زراعي معتبر  وتقوية الخبرات الوطنية والاستفادة من قيمة المنتج الزراعي المضافة سواء تعلق الأمر بالتشغيل أو التسويق مما يخلق أنشطة اقتصادية واجتماعية جديدة تفيد اقتصاد البلاد إضافة إلى تصديره إلى الخارج مقابل العملة الصعبة ..إلخ
لكن لايخفى عليكم أنه بدأت أصوات وأصبحت تتزايد  - بحسن أو سوء نية - حول خطورة زراعة هذا المحصول على الموارد المائية والمخزون المائي الاستراتيجي فهو محصول شره للماء بشكل كبير كما أثبتت بعض الدراسات و أشارت بعض التقارير ، وبعض الدول أصبحت تفضل استيراده بدل زراعته أو الاستثمار في زراعته على أرض الغير ، وقد دق المغرب ناقوس الخطر  منذ عشر سنوات تقريبا حول زراعة محصولي البطيخ والآفوكادو إذ أشارت بعض التقارير إلى أن زراعة كيلوغرام واحد من هذه المادة قد يستهلك من 1700 حتى 2300 لتر من الماء .
ومهما يكن من أمر فحسب رأيي ينبغي أن نطبق مبدأ "لا إفراط ولاتفريط" حول هذه القضية، وينبغي أيضا على جميع المهتمين كالدولة ممثلة بقطاع الزراعة والمستثمرين والمنتجين ومراكز البحث ،إلخ
.. العمل على تحضير أجوبة حول هذا الشأن تستند على معلومات فنية علمية ونتائج دراسات يُركن إليها ، صحيح أن زراعة البطيخ في بلادنا لاتزال في البداية ولم تستقر إنتاجيا أو فنيا والحديث عن استنزاف المخزون المائي سابق لأوانه وصحيح أيضا أن مياه الري المستخدمة هي مياه سطحية من النهر ومتجددة سنويا ،لكن كل هذه الاعتبارات لاتغني أيضا عن وضع تصور وجواب وتقييم نابع من خصوصية البلاد وتربتها الزراعية كإجراء دراسة دقيقة وشفافة حول متطلبات هذا المحصول بدقة ومدى تأثيره على مخزون المياه إضافة إلى حث المستثمرين في زراعة هذا المحصول على اتخاذ تدابير واتباع إجراءات فنية من شأنها التقليل من التأثير السلبي لاستنزاف الماء كاستخدام الري بالتنقيط الأقل هدرا وإجراء الدورة الزراعية لهذا المحصول أي( تبادله مع زراعة محصول أو محاصيل أخرى على نفس الأرض)، وإجراء دراسات مخبرية بعد كل موسم حول تأثير الزراعة على المياه المرتبطة بالتربة ...إلخ.
هذا مجرد نقاش قد لايكون ضروريا في المدى القريب لكن في المديين المتوسط والبعيد قد نجد أنفسنا مضطرين للبحث فيه واتخاذ قرار خاصة في ظل تغيرات مناخية كبيرة وتناقص حاد في التهاطلات المطرية مع الأسف والارتفاع الملحوظ لدرجات الحرارة.
م/ لمهابه ولد بَلاّل
( 10 إبريل 2024).

جمعة, 04/04/2025 - 13:11