اليونسكو تدرج مسرح خيال الظل السوري ضمن قائمة التراث العالمي

لسوريا تاريخ طويل وثري فيما يتعلق بفن مسرح خيال الظل، ولكن التقنيات المعاصرة وسبع سنوات من الحرب أدت إلى تدهور هذا النمط الفني تدهورا كبيرا، وذلك حسبما حذرت منظمة يونسكو، منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة.

ففي الأسبوع، أدرجت اليونسكو الفن القصصي القديم هذا في قائمتها للنشاطات الثقافية التي تتطلب بذل جهود استثنائية من أجل انقاذها من الإندثار.

لم يفرح هذا القرار أحدا كما أفرح شادي الحلاق، آخر من يمتهنون هذا الفن في العاصمة السورية دمشق. ويأمل الحلاق بأن يؤدي هذا الاعتراف الدولي إلى إحياء الفن الذي يعشقه.

قال الفنان الدمشقي البالغ من العمر 43 عاما في حديث مع وكالة فرانس برس، "عندما اتصلوا بي مهنئين، كان ذلك أشبه بالحلم. فلم يتبق في سوريا أحد يتقن هذا الفن عداي."

يذكر أن فن مسرح خيال الظل - أو خيال ظل الدمى - اكتسب شعبية كبيرة في عموم منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص في تركيا ومصر وسوريا، إبان الحقبة العثمانية

كما اجتذب الجمهور في مناطق من جنوب شرق القارة الآسيوية والصين والهند.

استخدم القصاصون تقليديا دمى مصنوعة من جلود الحيوانات وكانوا يعرضونها خلف ستارة شبه شفافة لامتاع جماهيرهم في المقاهي.

أما بالنسبة لشادي، فكان هرب من سوريا عند اندلاع الحرب الأهلية في البلاد في عام 2011، قاصدا لبنان حيث عمل عاملا للبناء لعدة سنوات.

وخسر مسرحه المتنقل و23 من دماه المصنوعة يدويا في خضم العنف الذي شهدته غوطة دمشق الشرقية، حسبما تقول وكالة رويترز للأنباء.

يعتمد شادي في مسرحياته على شخصيتين تقليديتين، هما كراكوزالساذج وصديقه اللبق عيواض، وذلك لرواية قصص عن تجار أسواق دمشق القديمة الجشعين.

ويحرك الدمى باستخدام عيدان لدفعها نحو شاشة مضاءة من الخلف، بحيث يتمكن المشاهدون من رؤية ظلالها ومتابعة العرض المشوق.

تقول يونسكو إن "مسرحيات الظل تستخدم لنقد المجتمع بصورة فكاهية ساخرة على شكل حوار بين الشخصيتين الرئيسيتين في العرض. ولكن العديد من المسرحيات تضم أيضا شخصيات نسائية وحيوانات ناطقة. وتقام هذه العروض عادة في المقاهي الشعبية التي يجتمع فيها الناس لمشاهدة قصص تتناول العديد من المواضيع من الحياة اليومية."

استرعى شادي انتباه مسؤولي يونسكو للمرة الأولى عندما شاهدوه يعرض فنه أمام جمع من الأطفال السوريين اللاجئين في لبنان. أما الآن فقد عاد إلى دمشق ليمتع جمهوره من الأطفال والكبار بمسرحه الفكاهي.

قال الفنان لفرانس برس "جمهوري يشمل كبار وصغار السن، من سن الثالثة إلى الكهول في المقاهي."

والحقيقة هي أن هذا اللون من الفن كان يشهد انحسارا في شعبيته حتى قبل اندلاع الحرب في سوريا، إذ لم يتبق من ممارسيه في البلاد أكثر من حفنة من الفنانين.

إلا أن شادي سيبدأ قريبا في تعليم وتدريب مجموعة من الشباب السوري الراغبين في أن يصبحوا فناني دمى، حسبما أوردت رويترز عن مسؤول ثقافي سوري.

وقال المسؤول "استطيع أن أتخيل كيف سيسعد الناس إذا تمكن هذا الفن من البقاء وتجنب الاندثار والإزدهار ثانية، لأنه جزء من إرثنا وثقافتنا."

BBC

أربعاء, 05/12/2018 - 16:13