اختارت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بيساو عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2019، والمدينة تمثل القارة الأفريقية في عواصم الثقافة الإسلامية الأربع العام المقبل ومنها القدس وتونس ومدينة بندر سيري بيغاوان الآسيوية.
وبيساو عاصمة "غينيا بيساو" الدولة الأفريقية الصغيرة التي تقع غرب أفريقيا على المحيط الأطلسي شمال جمهوريةغينيا.
ويُعد الإسلام الديانة الأوسع انتشاراً بغينيا بيساو، إذ يقدر المسلمون بنصف السكان تقريباً أغلبهم من السنة المالكية، مع أقليات صغيرة من الشيعة والأحمدية. وهي أحد بلدان انتشار شعبي فُلاّن وماندينغو المسلمين بغرب القارة.
وتأسست المدينة بالقرن الـ 17 من قبل المستعمرين البرتغال كميناء حصين ومركز تجاري، وأصبحت عاصمة البلاد بعد استقلالها. ويبلغ عدد سكان الدولة قرابة مليون ونصف المليون، وهي عضو في منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي.
وسبق أن قرر المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء الثقافة المنعقد في الدوحة في ديسمبر/كانون الأول 2001 اعتماد برنامج عواصم الثقافة الإسلامية الذي تقدمت به إيسيسكو، وتشمل ثلاث مدن عريقة تمثل المناطق الإسلامية الثلاث العالم العربي وقارتيْ أفريقيا وآسيا، وتضاف إليها العاصمة التي تستضيف المؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة الذي ينعقد كل عامين.
كيف نشأت؟
أنشأ المستعمرون البرتغال مدينة بيساو عام 1687، وجعلوها ميناء ومستودعا تجاريا، وأحد مراكز تجارة بيع الرقيق بمنطقة غرب أفريقيا. وأصبحت عاصمة غينيا البرتغالية عام 1942، وظلت تحتفظ بهذه الصفة الإدارية حتى الاستقلال عام 1973 لتتحول بعد هذا التاريخ إلى عاصمة غينيا بيساو.
وسنة 1963 كانت أحد أبرز معاقل الثورة التي أطلقها الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا بيساو وجزر الرأس الأخضر، بزعامة آمليكار كبرال وبعض رفاقه.
وشهدت عددا من المواجهات المسلحة بين المتمردين والقوات النظامية بالحرب الأهلية (1998-2004).
تحتضن المدينة في فبراير/شباط كل عام تظاهرة ثقافية وفنية تٌعرف بـ "كرنفال بيساو" تتنافس فيها أحياء المدينة بتراثها الشعبي والثقافي.
وبعد إعلان الاستقلال من قبل المقاتلين المناهضين للاستعمار عام 1973، تم إعلان مدينة دوبوي، وظلت بيساو عاصمة المنطقة التي تحتلها البرتغال. وعندما اعترفت الأخيرة باستقلال هذا البلد عام 1974 وأنهت استعمارها على إثر الانقلاب العسكري في لشبونة، اندمج الإقليمان وأصبحت بيساو عاصمة الدولة المستقلة الموحدة الجديدة.
وكانت بيساو مسرحا لمعارك عنيفة خلال بداية ونهاية الحرب الأهلية عامي 1998 و1999، وشهدت البلاد منذ استقلالها العديد من الاضطرابات السياسية والانقلابات وأنشطة عصابات تهريب المخدرات، وهي واحدة من أفقر بلدان العالم.
وبخلاف كونها العاصمة تعتبر بيساو أكبر مدينة بالبلاد والميناء الرئيسي والمركز التعليمي والإداري والعسكري. وتشتهر بإنتاج الفول السوداني والأخشاب وزيت النخيل والمطاط، وبها المطار الدولي.
فُلاّن وماندينغو
لا يمكن الحديث عن الثقافة الإسلامية في بيساو بدون الحديث عن شعب فُلاّن وماندينغو المنتشرين في غرب أفريقيا ومنها غينيا بيساو.
ويبلغ تعداد فُلاّن قرابة 40 مليونا أغلبهم من المسلمين، وهم من أكبر المجموعات العرقية في بلاد منطقة الساحلوغرب أفريقيا، وهم مرتبطون بلغة فولا وانتمائهم الديني وكذلك تاريخهم وثقافتهم.
ويشكل الرعاة قرابة ثلث فُلاّن مما يجعلهم المجموعة العرقية الأكبر مجتمعا رعويا بدويا في العالم. بالإضافة إلى المزارعين المستقرين والحرفيين والتجار والنبلاء، ويحرص فُلاّن على تعليم بعض أبنائهم العربية والثقافة الإسلامية.
ويعيش فُلاّن في بلدان وسط وغرب أفريقيا وأيضاً السودان، ومنهم رئيس السنغال ماكي سال، ورئيس غامبيا أداما بارو وأمينة ج. محمد نائبة الأمين العام للأمم المتحدة سابقا، والأمين العام لمنظمة أوبك محمد سنوسي باركيندو.
أما ماندينغو فهي مجموعة عرقية في غرب أفريقيا ويقدر عدد سكانها الإجمالي بـ 11 مليون نسمة وأغلبهم من المسلمين، ولديهم مجتمع تقليدي متماسك قائم على الارتباط بالأسرة والريف، ويعتبرون مجتمعاً شفوياً تنتقل فيه الثقافة والتاريخ والأساطير من جيل لآخر عبر التقليد الشفهي.
وينحدرون أساساً من مملكة مالي الإسلامية التي بلغت ذروتها بالقرن الـ 13، وتوسعت لتضم أغلب غرب أفريقيا، ويعيشون حالياً بغرب أفريقيا في مالي وغامبيا وغينيا وسيراليون والسنغال وبوركينا فاسو وليبيريا والنيجر وموريتانياوساحل العاج بالإضافة إلى غينيا بيساو.
المصدر : الجزيرة