ما أهمية السيطرة على مدينة منبج السورية؟

استجابت الحكومة السورية لدعوة وحدات حماية الشعب الكردية في إرسال قواتها المسلحة إلى منطقة منبج التابعة لمحافظة حلب وحمايتها من "التهديدات التركية".

وقالت القيادة العامة لوحدات حماية الشعب الكردية في بيان صدر عنها: "في ظل التهديدات المستمرة من الدولة التركية لاجتياح مناطق شمال سوريا و تدمير المنطقة و تهجير أهلها مثلما حصل في جرابلس واعزاز والباب ومؤخراً عفرين، فإننا في وحدات حماية الشعب نعلن بأننا بعد أن انسحبنا من منطقة منبج، تفرغنا للحرب ضد داعش و المجموعات الإرهابية الأخرى في شرق الفرات و مناطق أخرى ، لهذا ندعو الدولة السورية التي ننتمي إليها أرضاً وشعباً وحدوداً إلى إرسال قواتها المسلحة لاستلام هذه النقاط وحماية منطقة منبج أمام التهديدات التركية".

كما قالت نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في منبج نورا الحامد: " إن المفاوضات مع دمشق بشأن منبج تمت برعاية روسية، وإن قوات الحكومة لن تدخل مدينة منبج نفسها، بل ستنتشر عند خطوط التماس مع تركيا والفصائل السورية الموالية لها".

وعن عدد عناصر القوات الحكومية قال محمد أبو عادل، القائد العام لمجلس منبج العسكري، إن عددهم لا يتجاوز 300 عنصرا، ومعظمهم على خط التماس مع فصائل "درع الفرات" على الحدود الإدارية الفاصلة بين منبج وجرابلس - الباب، ومنطقة العريمة فقط.

وكانت قد حشدت تركيا حوالي 8 آلاف مسلح من الفصائل السورية الموالية لها على طول خط نهر "الساجور"، مهددة بالدخول إلى منبج خلال أيام معدودة.

أهميتها للجهات المتصارعة في سوريا

تعد مدينة منبج خطاً اقتصادياً ساخناً يربط مدينة حلب بطرفي نهر الفرات الشرقي والغربي منه، وتقع في شمال شرقي محافظة حلب على بعد 80 كيلو مترا من المحافظة و30 كيلو مترا غربي نهر الفرات.

ويبلغ عدد سكانها حسب الأرقام الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء عام 2004، ما يقارب 100 ألف نسمة، إلا أن هذا العدد تضاعف مرات عدة بعد نزوح السكان من المناطق المجاورة إليها مثل حلب وكوباني (عين العرب) وعفرين وغيرها من المدن السورية التي شهدت دمارا واسعا. وتختلف أهمية السيطرة على هذه المدينة بين الجهات المتصارعة.

تركيا

تعتبر تركيا وحدات حماية الشعب، التي تشكل الغالبية العظمى في قوات سوريا الديمقراطية، امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي تصفه تركيا في عداد "المنظمات الإرهابية"، كما تخشى من إقامة الأكراد دويلة على حدودها مما سيشكل مثالا قد يقتدي به أكراد تركيا.

لذا تقدم أنقرة الدعم لفصائل المعارضة السورية وتحاول السيطرة عليها في أي فرصة تتسنى لها.

وتمتد المدن الكردية في سوريا على طول الحدود الجنوبية الشرقية لتركيا، الأمر الذي دفعها منذ بداية الصراع إلى محاولة الدخول للمدينة لفصل المدن الكردية عن بعضها وبالتالي لتضعف الأكراد في الوصول إلى تحقيق أي نوع من الحكم الذاتي في سوريا كما يقول بعض المراقبين.

الأكراد

تعتبر منبج بالنسبة لوحدات حماية الشعب الكردية، الشريان الإقتصادي بسبب نشاط الحركة التجارية التي تربط مدينة حلب بمناطق شرق الفرات وغربها مثل القامشلي والرقة والحسكة وشرق دير الزور.

وتوجد في المدينة قواعد عسكرية للتحالف الدولي وهي خط ساخن لدعم العمليات اللوجستية للمقاتلين الأكراد، عدا عن أنها تربط المدن الكردية من شمال شرقي البلاد إلى شمال غربها وبالتالي قد يصبح المقاتلون الأكراد أقوى لحصولهم على الاإمدادات اللازمة بسهولة.

الولايات المتحدة

كانت تستخدم الولايات المتحدة مدينة منبج كورقة ضغط على تركيا من خلال دعم الأكراد الذين هزموا تنظيم ما يعرف بـ "الدولة الإسلامية" من منبج. وخاصة أن تركيا لم تسمح للولايات المتحدة من استخدام قاعدة "أنجرليك" التركية وتقربها من روسيا.

تنظيم ما يعرف "بالدولة الإسلامية"

تعد منبج نقطة جغرافية مهمة في شمال سوريا، إذ استخدمها التنظيم سابقا لاستقبال وإرسال عناصره من وإلى سوريا وخاصة أولئك القادمين من أوروبا وباقي أنحاء العالم.

إلا أن قوات سوريا الديمقراطية التي دعمها طيران التحالف الدولي تمكنت من طردها منذ عام 2016.

توالي القوى المسيطرة على منبج

بعد أن وصل الصراع المسلح في سوريا إلى مدينة منبج، سيطر عليها "الجيش السوري الحر" الذي كان وما زال مدعوماً من تركيا حتى يناير/كانون الثاني 2014.

ثم جاء تنظيم ما يعرف بـ "الدولة الإسلامية" وانتزعها من سيطرتهم ليبقى فيها أكثر من عامين.

واستطاعت قوات سوريا الديمقراطية طرد عناصر التنظيم وبسط سيطرتها في أغسطس/آب 2016.

وفي بدايات عام 2017، تشكل مجلس منبج العسكري الذي يضم كرداً وعرباً وتلقى استشارات وتدريبات عسكرية من وحدات حماية الشعب والتحالف الدولي.

وفي الآونة الأخيرة صعّدت تركيا من تهديداتها للقيام بهجمات على منبج لطرد القوات الكردية منها.

وجرت التطورات بشكل سريع في ديسمبر/كانون الأول الحالي بأن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإنسحاب من منبج، في حين سارع الأكراد إلى الاتفاق مع موسكو والقوات الحكومية التي أرسلت 300 من عناصرها إلى المناطق الحدودية لمنبج للعمل جنبا إلى جنب مع القوات الروسية ومقاتلي مجلس منبج العسكري بناء على دعوة وحدات حماية الشعب إلى ذلك.

وأدت هذه الخطوة إلى تريث تركيا وإيقاف تهديداتها بالهجوم على منبج.

موقف تركيا من انتشار القوات الحكومية في منبج

قالت وزارة الدفاع التركية "لا يحق لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تسيطر على المنطقة بقوّة السلاح، أن تتكلّم باسم السكان المحليين أو أن توجه دعوة لأي طرف كان" واصفة تلك الخطوة بـ "الاستفزازية".

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: "يقوم النظام السوري بعملية نفسية في منبج شمالي سوريا".

وقد يقوم أردوغانبإجراء محادثة هاتفية أو زيارة إلى موسكو للحديث عن المستجدات في سوريا .

BBC

جمعة, 28/12/2018 - 21:37